حروب روسيا الأبدية.. سوريا والسعي لتحقيق مكانة قوة عظمى
يصادف شهر سبتمبر/أيلول 2021 الذكرى السادسة لتدخل روسيا في الحرب الأهلية السورية. وقد سمحت الإستراتيجية التي وضعتها روسيا ضد الإستراتيجيات الغربية المشوشة والمترددة لموسكو بتحقيق هدفها الأولي المتمثل في منع سقوط نظام بشار الأسد.
هكذا استهل العقيد الأميركي المتقاعد روبرت هاملتون تحليله بموقع معهد أبحاث السياسة الخارجية "إف بي آر آي" (FPRI) تحت عنوان "حروب روسيا الأبدية.. سوريا والسعي لتحقيق مكانة القوة العظمى"، مشيرا إلى أن الكرملين أعاد أيضا تأسيس نفسه كلاعب في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط.
ولكن بعد 4 سنوات من هذه التصريحات المبكرة لا يزال جزء كبير من سوريا خارج سيطرة روسيا وحلفائها، الذين يبدو أنهم ليس لديهم فكرة عن كيفية تحويل نجاحهم العسكري الأولي إلى انتصار سياسي.
ولا تزال قوات سوريا الديمقراطية، مدعومة بوجود عسكري أميركي صغير ولكنه قوي، تسيطر على الثلث الشمالي الشرقي من البلاد، في حين تسيطر حامية أميركية والمنطقة الأمنية المحيطة بها على منطقة النتف الحرجة، حيث تلتقي الحدود السورية والأردنية والعراقية.
ويرى هاملتون أن صراع روسيا لإخراج نفسها من سوريا يمثل مشكلة، كما أن ضجر الشعب الروسي المتزايد من مغامرات الكرملين الخارجية هو مشكلة كبرى.
صراع روسيا لإخراج نفسها من سوريا يمثل مشكلة، كما أن ضجر الشعب الروسي المتزايد من مغامرات الكرملين الخارجية مشكلة كبرى
فقد أظهر استطلاع حديث أجراه "مركز ليفادا" (Levada Center) الروسي أن 32% فقط من الروس يقولون إنه من المهم لروسيا أن تكون قوة عظمى يحترمها الآخرون، وهو أدنى رقم خلال عقود فلاديمير بوتين في الحكم، في حين يقول 66% إن مستوى المعيشة المرتفع أهم من كونها قوة عظمى.
ويضيف هاملتون أن صراع الكرملين للخروج من الحرب ليس معضلته الجيوسياسية الوحيدة، مشيرا إلى أن الوجود الروسي غير المعترف به ولكن الواضح في أوكرانيا معضلة أخرى دخلت عامها السابع، وقد تجبر الفوضى التي خلفتها الولايات المتحدة بعد الانسحاب من أفغانستان موسكو أيضا على زيادة وجودها العسكري في آسيا الوسطى.
ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار، يمكن لعمليات الانتشار هذه أن تجهد موارد قوة روسيا العسكرية الموسعة والتي على الرغم من ذلك لا تزال محددة.
ويتابع الكاتب بأنه رغم أن عمليات الانتشار تغذي نظرة الكرملين لنفسه كقوة صاعدة وحاجته إلى التنافس مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، فإنها لا تفعل الكثير لتهدئة مخاوف المواطنين الروس العاديين. فروسيا ليست دولة ديمقراطية، ولكن يجب أن تظل حكومتها منتبهة لإرادة الشعب.
واختتم الكاتب تحليله بأنه ما لم تكن موسكو قادرة على موازنة رغبتها في الحصول على مكانة قوة عظمى مع القدرة على معالجة مخاوف الشعب، فقد تجد دخولها في الجغرافيا السياسية عالية المخاطر أكثر تكلفة مما كان متوقعا.