مقال في الغارديان: من المسؤول عن الفوضى في أفغانستان؟ ابحث عن وسائل الإعلام

جهود إجلاء الرعايا الأجانب والأفغان المتعاونين مع قوات التحالف من كابل مستمرة (الجزيرة)

شنّ صحفي بريطاني هجوما عنيفا على وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها الحرب بأفغانستان، ولامها على "الفوضى" التي حلت بتلك الدولة الواقعة جنوبي آسيا.

وكتب الصحفي جورج مينيوت مقالا في صحيفة الغارديان (The Guardian) البريطانية بلهجة ساخرة، وقال فيها إن الكل يُلام على "الكارثة" في أفغانستان ما عدا الذين بدؤوها.

صحيح -حسب الكاتب- أن الرئيس الأميركي جو بايدن "أخطأ عندما خرج مهرولا على هذا النحو الفوضوي جدا" من أفغانستان، وصحيح أيضا أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ووزير خارجيته دومينيك راب "أخفقا في اتخاذ التدابير المناسبة وفي حينه لإجلاء الأشخاص المعرضين للخطر".

غير أن وسائل الإعلام الغربية كان لديها "إصرار محموم" على التأكد من عدم إلقاء اللوم على من أشعلوا هذه الحرب المفتوحة، من دون أن تكون لديهم أهداف واقعية أو خطة خروج، بل من دون اكتراث من قبلهم لأرواح الشعب الأفغاني وحقوقه، على حد تعبير مينيوت الذي خص بالذكر في هذا المقام كلا من الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير وزمرتيهما.

وقال كاتب المقال إن تصريحات بلير بتبرئه من مسؤولية بدء الحرب في أفغانستان وإلقاء اللوم بشأنها على بايدن تصدرت أخبار الصحف الرئيسية مؤخرا، في حين ظل من عارضوا هذه الحرب "المأساوية" قبل 20 سنة مغيبين في معظم وسائل الإعلام.

أما لماذا؟ فلأن الاعتراف بأخطاء الرجال الذين انخرطوا في هذه الحرب -كما يعتقد مينيوت- من شأنه فضح دور الإعلام في التحريض عليها.

تورط وسائل الإعلام

ويشدد الكاتب على ضرورة أن تشمل أي محاسبة عادلة عن الأخطاء التي ارتُكبت في أفغانستان والعراق والدول الأخرى التي اجتاحتها الحرب على الإرهاب الأداء "المريع" للإعلام؛ "فقد كان التهليل للحرب في أفغانستان شاملا الجميع من دون استثناء تقريبا، والمعارضة لها لا تُطاق".

وساق جورج مينيوت أمثلة على ذلك ببعض الصحف البريطانية؛ فصحيفة التلغراف (The Telegraph) حثت قراءها على الابتهاج عندما اجتاحت قوات تحالف الشمال كابل التي أقدمت على تعذيب سجنائها وإخصائهم، واغتصاب النساء والأطفال. أما صحيفة ذي صن (The Sun) فقد أفردت صفحتين لافتتاحية تحت عنوان "عار الخونة: خطأ ثم خطأ ثم خطأ، من الحمقى الذين قالوا إن الحلفاء تعرضوا لكارثة".

وفي صحيفة الغارديان، كتب الصحفي كريستوفر هيتشنز أنه من الواضح أن هزيمة (التحالف الدولي) كانت مستحيلة، وأن حركة "طالبان ما تلبث أن تكون من الماضي".

ويمضي مينيوت إلى القول إن كل من يعرفه في الولايات المتحدة وبريطانيا ممن هاجمتهم وسائل الإعلام في البلدين لمعارضتهم الحرب تلقوا تهديدات بالقتل، مضيفا أن نشطاء السلام -مثل "حركة نساء بالأسود" (Women In Black) المناهضة للحرب- صنفهم مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (FBI) على أنهم "إرهابيون محتملون".

استهداف الجزيرة

وأشار إلى أن وزير الدفاع الأميركي الأسبق كولن باول سعى لفرض رقابة على قناة الجزيرة -التي يصفها كاتب المقال بأنها من الأجهزة الإعلامية القليلة التي عارضت على الدوام الاندفاع نحو الحرب. ولكن بعد إخفاق باول في مسعاه قصفت الولايات المتحدة مكتب الجزيرة في كابل.

إذن لماذا يبدو الإعلام متعطشا هكذا للدماء؟ ولماذا يعشق القنابل والرصاص كثيرا، والدبلوماسية قليلا؟ يتساءل الكاتب ويجيب بأن العنف يجذب الاهتمام، ذلك أن هناك تعطشا للدماء.

ثمة عامل آخر في بريطانيا ألا وهو الفشل المتواصل في "تقبل ماضينا الاستعماري". فعلى مدى قرون، اختلطت مصالح الدولة بمصالح الأثرياء، في حين اعتمدت مصالح الأثرياء بدرجة كبيرة على غنائم الاستعمار والمغامرات العسكرية التي وفرتها.

ويخلص الكاتب إلى القول إن تأييد إشعال الحروب في الخارج رغم أنها مغامرة "مفجعة" فإنها أضحت "واجبا وطنيا".

المصدر : غارديان