لوبوان: الأحداث في أفغانستان قلبت الحسابات رأسا على عقب في مالي

A French soldier of the the "Belleface" Desert Tactical Group (GTD) secures a Boeing CH-47 Chinook military helicopter of the British army during the Operation Barkhane in Ndaki
هناك خشية في مالي من انتقال السيطرة في بعض المناطق للجهاديين مع إعلان فرنسا قرار تقليص جنودها في المنطقة (رويترز)

قالت مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية إن الأحداث في أفغانستان قلبت الحسابات رأسا على عقب في مالي.

وأوضحت المجلة أن تطورات الأحداث في أفغانستان تذكر الناس في منطقة الساحل بأنهم قاربوا هذا السيناريو في عام 2012 لولا عملية "سيرفال" الفرنسية، غير أنه بعد 9 سنوات يبدو الآن من الوارد أن تقع مدن بأكملها من شمال ووسط مالي في أيدي الجهاديين، ولا يمكن استبعاد شبح سقوط العاصمة باماكو، خاصة في ظل فك الارتباط الفرنسي الجزئي.

أوجه تشابه واضحة

ومن التفسيرات التي تضفي مصداقية متزايدة على تكرار السيناريو الأفغاني في مالي -كما تقول المجلة- غياب الدولة في جميع أنحاء الأراضي المالية، ناهيك عن عدم الاستقرار السياسي والفساد المستشري، إضافة إلى أوجه القصور في الجيش المالي على الرغم من دعم المجتمع الدولي له.

ومع ذلك، يعتقد العديد من الماليين أن وصول طالبان إلى السلطة سيزيد الوعي بين السلطات الانتقالية لتسريع الإصلاحات، ولا سيما تلك التي تؤثر بشكل مباشر على الجيش الذي قام منذ 2018 بانقلابين، دون أن يظهر أي أمل في الأفق.

ونبهت المجلة إلى أن الأمن منعدم، وأن الهجمات تتكرر من حين لآخر، وحتى في أوائل أغسطس/آب الجاري وفي الأسبوع الماضي وقعت عدة مجازر بحق المدنيين في منطقة غاو، كما أن عددا من القرى والنجوع في أيدي "الجماعات الجهادية التي تطبق الشريعة وتضع القوانين وتدير حياة السكان".

ومن الناحية السياسية كذلك، رأت لوبوان أن القرارات تتقدم ببطء شديد، وأنه لم يحدث أي انتعاش اقتصادي وإن كان البلد صمد أمام آثار الأزمة الصحية العالمية بشكل جيد، مشيرة إلى أنه يتفجر اجتماعيا كما يظهر من الإضرابات والمظاهرات المطالبة بتحسين الظروف المعيشية للعاملين في القطاعين العام والخاص في جميع أنحائه.

وأورد تقرير المجلة عنوانا لصحيفة "لوسوار دو باماكو" (Le Soir de Bamako) المالية يقول "هل نتوقع نفس السيناريو الذي وقع في كابل عند انسحاب القوات الفرنسية من الأراضي المالية؟".

الانسحاب الفرنسي

وأشار تقرير لوبوان إلى أنه مع أن فرنسا ستحتفظ بما بين 2500 و3 آلاف جندي في المنطقة مقابل 5100 يوجدون فعلا اليوم فإن هذا التخفيض -كما ترى المجلة- يثير مخاوف من أن بعض المناطق ستنتقل بالكامل إلى أيدي الجهاديين، لأن الدول المجاورة غير قادرة على بسط سيطرتها على هذه الصحراء الشاسعة، خاصة أن "الوضع يتدهور كل عام، وبدون وجود الجيش الفرنسي يمكن أن تسقط مدينة مثل غاو في أقل من 30 دقيقة".

وبحسب المجلة، فإذا كان العنف في مالي بدأ مع الاستقلال فإنه تطور مع "الثورات الجهادية في الشمال" وامتد إلى وسط البلاد وجنوبها، واختلط بالصراعات الطائفية والهجمات التي تقع حيثما يكون تأثير "الدولة ضعيفا"، بل إنه امتد إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين، حيث تعمل مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية وفق تقرير المجلة.

خوف في منطقة الساحل

وقالت لوبوان إنه على الرغم من الخوف العام الذي ينتشر في منطقة الساحل فإن السياق هنا يختلف عن السياق الأفغاني تماما -كما يقول المحلل السياسي بابا داكونو- إلا أن الدرس الذي تم استخلاصه هو أن الاعتماد على الجيش لا يمكن أن يكون هو الحل، وعلينا أن نفتح نقاشات مع جميع الطوائف، بمن في ذلك المنبوذون من الجماعات المسلحة، لأن المسألة الأيديولوجية لا تشغل سوى جزء ضئيل من خطابهم، في حين أن المطالب السياسية في الأغلب والإحباط من الدولة هما همهما.

وأوضحت أنه على الرغم من أن هناك اتفاقا لدى الماليين وشركائهم على أن البلاد لن تخرج من حالة الاضطراب دون حل سياسي -سواء شمل محادثات مع الجهاديين أم لا- فإن التشاؤم ساد بعد عام من الانقلاب الذي أطاح بالرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا والذي أدخل البلاد في فترة انتقالية، وتعهد الرئيس الجديد العقيد آسمي غويتا بإفساح المجال للمدنيين بعدها في الانتخابات التي ستجرى في فبراير/شباط 2022.

وختمت المجلة برأي أحد رموز المجتمع المدني في النيجر وهو موسى شانغاري الذي يرى أن "الحرب الجارية في منطقة الساحل لا يمكن كسبها بالجيوش الأجنبية التي لم تنجح في أفغانستان، كما لا يمكن كسبها بالقادة الفاسدين"، مشيرا إلى أن "الانتصار في هذه الحرب لن يتم إلا ببناء عقد سياسي واجتماعي جديد يعيد للشعب سيادته ويخلق الظروف لحياة كريمة لملايين الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة".

المصدر : لوبوان