رغم حربها عليها.. لماذا لم تدرج واشنطن طالبان في قائمة المنظمات الإرهابية خلال الـ20 عاما الماضية؟

بالرغم من خوضها حربا اقتلعتها على إثرها من حكم أفغانستان عام 2001 فإن واشنطن لم تدرج طالبان في قائمتها للمنظمات الإرهابية (الجزيرة)

واشنطن- تضم قائمة وزارة الخارجية الأميركية للجماعات الإرهابية أكثر من 60 جماعة من مختلف بقاع العالم، فهناك جماعات في آسيا وأفريقيا، وأوروبا، وأميركا الوسطى، والجنوبية، إلا أن القائمة تخلو من "حركة طالبان" الأفغانية، في حين تضم القائمة "حركة طالبان – فرع باكستان".

ومن أشهر جماعات القائمة الأميركية حركة الباسك الانفصالية في إسبانيا، ونمور التاميل في سريلانكا، إلى جانب جماعات شهيرة في الشرق الأوسط مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة وحزب الله وفصائل فلسطينية.

وخلال كلمته للشعب الأميركي حول تطورات الأوضاع في أفغانستان، كان من اللافت تجنب بايدن إطلاق أي أوصاف سلبية عن حركة طالبان، وعلى الرغم من وصفه لعدد من الحركات والجماعات بالإرهابية، فإنه لم يتطرق بالأمر نفسه عندما تحدث عن طالبان.

وبعد وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 والتي خطط لها تنظيم القاعدة انطلاقا من الأراضي الأفغانية الواقعة تحت سيطرة حركة طالبان، لم تضم إدارة الرئيس السابق جورج بوش الحركة إلى قائمة وزارة الخارجية للجماعات الإرهابية.

ورفضت حركة طالبان تسليم قادة تنظيم القاعدة، وعلى رأسهم أسامة بن لادن للولايات المتحدة، وخاض الطرفان حربا ضارية امتدت لـ18 عاما، وقُتل فيها أكثر من 6 آلاف أميركي، ومع ذلك التزمت إدارات باراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن بالنهج نفسه في عدم ضم تنظيم طالبان لقائمة المنظمات الإرهابية.

وبعد عقدين من إزاحة القوات الأميركية حركة طالبان من الحكم في بدايات عام 2002، وطردها من العاصمة كابل، عادت الحركة لتشق طريقها مرة أخرى نحو السلطة.

تبعات قانونية وسياسية

بعد ما يقرب من 18 عاما من القتال، وفي بداية عام 2020، وفي غياب ممثلي الحكومة الأفغانية الشرعية حينذاك، جلس المفاوضون الأميركيون وعلى الجانب الآخر من الطاولة جلس ممثلو حركة طالبان للتفاوض على اتفاق من شأنه أن يشهد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وهو ما تم التوصل إليه في 29 فبراير/شباط 2020.

وما كان لهذه الاجتماعات أن تجري، إلا بسبب عدم إدراج الجماعة الأفغانية على قائمة وزارة الخارجية الأميركية لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية".

ويعد هذا التصنيف، السياسي بالأساس، قانونيا في جوهره بحيث يفتح الباب أمام فرض عقوبات مالية، وقيود على التأشيرات، وحق مقاضاة الأفراد المؤيدين للجماعات الإرهابية.

معايير أميركية

ويتطلب تصنيف جماعة بالإرهاب طبقا لمعايير وزارة الخارجية الأميركية توافر عدة شروط تتلخص في المشاركة بأنشطة إرهابية، وأن تشكل هذه الأنشطة تهديدا لمصالح الأمن القومي الأميركي.

ويرى بعض الخبراء أن واشنطن فضلت أن تعتبر حركة طالبان الأفغانية إلى حد كبير كحركة تمرد تطمح إلى حكم البلاد، لكن السبب الحقيقي لعدم إدراج حركة طالبان الأفغانية في القائمة يتعلق بالاعتبارات السياسية أكثر مما إذا كانت تفي بالمعايير القانونية لتصنيف الإرهابيين أم لا.

وعلى الرغم من عدم تصنيف حركة طالبان كجماعة إرهابية بالنسبة لوزارة الخارجية، فقد صنفت وزارة الخزانة الحركة منذ عام 2002 ككيان إرهابي. وتعني هذه التسمية المنفصلة أن الحركة وأعضاءها يخضعون للعقوبات والحظر، وأقر الكونغرس قانونا عام 2008 يضع قيودا على هجرة أعضاء طالبان للولايات المتحدة.

ويعزو الكثير من المعلقين هذا التناقض الأميركي إلى حد كبير إلى أسباب سياسية، وهو خوف عرفته 4 إدارات أميركية من وصف الجماعة بأنها منظمة إرهابية أجنبية، من شأنه أن يغضبهم ويجعل من الصعب على الدبلوماسيين الأميركيين إشراكهم في أي عملية سياسية.

في المقابل، يؤكد بعض المحللين أن تصنيف طالبان كمنظمة إرهابية كان سيمنح المفاوضين الأميركيين أداة ضغط يمكن استغلالها للحصول على تنازلات من الحركة، بما يسمح بتسهيل تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي فرصة أُهدرت ولا يمكن استرجاعها.

المصدر : الجزيرة