واشنطن بوست: الحزبان الجمهوري والديمقراطي فشلا في أفغانستان.. كل بطريقته
مثلما حدث خلال حرب الولايات المتحدة في فيتنام، التي ألقت بظلال قاتمة على جيلين من الساسة الأميركيين، يترجم الانهيار الذي تشهده أفغانستان الآن إخفاقات الحزبين الديمقراطي والجمهوري على مدى سنوات عديدة كان طابعها إنكار الحقائق واتخاذ القرارات الخاطئة.
هذا ما يراه المحلل السياسي مات باي في مقال له بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post) الأميركية يوضح في مستهله أن طبيعة فشل كل من الحزبين في أفغانستان مختلفة عن منافسه، وأن على كلا الحزبين استخلاص العبر والدروس العديدة من تلك التجربة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبايدن: لا يمكن الانسحاب من دون فوضى.. واشنطن تؤكد وجود قنوات اتصال مع طالبان وتتعهد بمحاربة الإرهاب بأفغانستان
فورين بوليسي: بعد كارثة أفغانستان.. 6 خطوات عملية لاستعادة مصداقية الولايات المتحدة
مقال في نيويورك تايمز: طالبان ظفرت بالجائزة الاقتصادية الكبرى
مقاربات فاشلة
وقال الكاتب إن فشل الجمهوريين في الحرب على أفغانستان، التي استغرقت عقودًا من القتال وخسرتها الولايات المتحدة مؤخرا خلال ساعات، يعود لفشل المقاربات الأيديولوجية التي أطّرت تعامل الحزب مع التدخل في أفغانستان.
وتقوم تلك المقاربات، وفق الكاتب، على قناعتين تبين فيما بعد مدى خطئهما، إحداهما هي فكرة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش القائمة على إمكانية استنساخ نمط الديمقراطية الأميركية وتطبيقه في مجتمعات أخرى يحكمها نظام قبلي ويسود فيها الفساد.
وقال باي إن مقاربة بوش المذكورة آنفا ترى أن تطبيق النموذج الديمقراطي الأميركي في تلك المجتمعات ممكن من خلال استخدام السلاح والمال، وقد ثبت من خلال التدخل الأميركي في كل من أفغانستان والعراق أنها مقاربة مثيرة للسخرية.
أما المقاربة الثانية، وفق باي، فتقوم على اعتقاد مترسخ عند العديد من المحافظين منذ حقبة فيتنام، أن الولايات المتحدة خسرت الحرب في فيتنام بسبب غياب موقف محلي حاسم بشأنها وليس نتيجة لفشل إستراتيجية الحرب.
وأوضح الكاتب أن السياسي الجمهوري جون ماكين، الذي يعد أبرز المتبنين لهذا الطرح، شرح له بإسهاب أن الحروب ضد المتمردين يمكن كسبها إذا حافظ القادة على صمودهم في وجه الأصوات المعارضة للحرب.
وأبرز أن الأيام أثبتت خطأ المقاربتين تماما كما حدث في فيتنام قبل 45 عاما خلت.
فشل سياسي
ويقول الكاتب إن السبب الأساسي لفشل الديمقراطيين في أفغانستان لم يكن بسبب الأيديولوجيا وإنما بسبب السياسات الخاطئة، فقد رفضوا اتباع بعض القناعات الخاطئة.
فخلال السنوات التي أعقبت غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، وجد الديمقراطيون أنفسهم في مأزق، فقد حاولوا الوقوف في وجه الحرب على العراق، التي كانت قاعدتهم الشعبية تعارضها بشدة منذ البداية.
ولكن قاعدة الديمقراطيين في المقابل كانت تخشى أن ترمى بتهمة مناهضة الجيش أو التساهل مع الإرهاب، وهي تهم لاحقت الحزب الديمقراطي منذ حرب فيتنام.
وهكذا توصل الديمقراطيون إلى حل يخدم الهدفين، حيث عارضوا الحرب المتعثرة في العراق، لكنهم أيدوا الالتزام بشكل أقوى بالتدخل في أفغانستان.
وقال الكاتب إن الديمقراطيين جادلوا في هذا الإطار بأن مغامرة الحرب في العراق تمنع من التركيز على الهدف الرئيسي الذي هو هزيمة الإرهابيين وحركة طالبان في أفغانستان.
وأوضح أن ما بدأ كموازنات سياسية، تحول في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إلى سياسة راسخة لا يمكن للحزب الديمقراطي الإفلات منها.
وختم باي مقاله بأن السرعة التي تنازل بها القادة في الحكومة الأفغانية عن الحكم لا تعكس سوء تقدير للموقف من جانب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي قرر الانسحاب، بل يكرس حقيقة أساسية تعلمها الديمقراطيون قبل 50 عامًا لكنهم نسوها، وهي أن الدول الممزقة لا يمكن إصلاحها تحت تهديد السلاح، وأن الاحتلال الذي لا طائل من ورائه لا يمكن أبدا أن ينتهي بموكب احتفالي.