ذا هيل: العالم قد يشهد أكثر الأوقات اضطرابا إثر هزيمة أميركا في أفغانستان
"إذا لم تستطع الولايات المتحدة تحقيق نصر في تنافسها مع دول صغيرة، فكيف لها أن تبلي بلاءً حسنا في لعبة القوى العظمى مع الصين؟"
بهذا التساؤل من صحيفة غلوبال تايمز (Global Times)، لسان حال الحزب الشيوعي الصيني؛ استهل الكاتب غوردون جي تشانغ مقاله في مجلة "ذا هيل" (The Hill) الأميركية.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsلأن السلاح وحده لا يكفي.. أربع عقبات تُهدِّد حكم طالبان لأفغانستان
أكثر من 200 طائرة.. هل تُفجِّر أميركا طائرات أفغانستان القتالية كي لا تستولي عليها طالبان؟
وقال غوردون تشانغ -مؤلف كتاب "انهيار الصين القادم" (The Coming Collapse of China)- إن النظام الصيني ظل يركز هذا العام على مواضيع بهدف ترهيب الآخرين لحملهم على الخضوع له، مضيفا أن بكين زادت هذه الوتيرة في أعقاب الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
وحذر من أن الخطر يكمن في أن بكين ستستغل الظروف المواتية إلى أقصى درجة ممكنة في مواجهة ما تصفه بأميركا "الضعيفة".
واقتبس تشانغ من صحيفة غلوبال تايمز عبارة جاء فيها "إن أهم مقصد (للرئيس الأميركي جو بايدن) هو التركيز على الصين بحشد أكبر عدد ممكن من قواته العسكرية في منطقة المحيطين الهندي والهادي".
ونقل الكاتب من مقال الصحيفة الصينية أيضا أن "الإستراتيجية الكبرى بدت خالية من العيوب ومصدر إلهام لواشنطن إلى أن كشفت الهزيمة الماحقة والانسحاب الفوضوي في أفغانستان عن مدى هشاشتها"، وأن أميركا "لا يمكنها الفوز بأي حرب بعد الآن".
ونسبت تلك الصحيفة للو تشيانغ من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في بكين القول إن "حفنة إضافية من الجنود تُنقل من أفغانستان إلى تخوم الصين لن تحدث فرقا كبيرا بالنسبة للصين".
أين ستضرب الصين؟
يزعم غوردون تشانغ في مقاله بصحيفة "ذا هيل" أن تايوان -الدولة الجزيرة- هي محور اهتمام حملات بكين الدعائية. ومرة أخرى يعود الكاتب لصحيفة غلوبال تايمز ليقول إنها قدمت تحليلا متعمقا في افتتاحيتها الاثنين الماضي لالتزامات الولايات المتحدة الأمنية للدولة الجزيرة، التي تدّعي بكين ملكيتها.
وينقل عن الافتتاحية النصح الذي تسديه لمسؤولي الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم في الجزيرة، إذ تقول إنه من واقع ما حدث في أفغانستان فإن على سلطات الحزب أن تدرك أنه ما إن تشتعل حرب في مضايق تايوان، "فإن دفاعات الجزيرة ستنهار في غضون ساعات، ولن يُهرَع الجيش الأميركي لنجدتهم".
وطالما تشدقت بكين مرارا بأن "أميركا قد انتهت"، وقد تبدى ذلك في عنوان مقال تحت عنوان "الولايات المتحدة لم تعد في مركز القوة بسبب عنجهيتها ووقاحتها"، ونشرته صحيفة الشعب اليومية (People’s Daily) بتاريخ العاشر من أغسطس/آب الجاري.
واقترحت بكين -في مكالمة أجراها وزير خارجيتها وانغ يي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن الاثنين الماضي- صفقة تتعاون فيها الصين بموجبها مع الولايات المتحدة لتحقيق انسحاب آمن من أفغانستان؛ مقابل انتهاج واشنطن سياسات صديقة مع بكين.
وعلى الطريقة الصينية -يقول تشانغ- ترافق العرض بأفعال تنطوي على تهديدات من قبيل إعلان بكين أمس الثلاثاء إجراء مناورات عسكرية بحرية وجوية في جنوب شرق وجنوب غرب تايوان.
غير أن أفراد الشعب التايواني لم يبد عليهم في الغالب أي توتر جراء تلك "المناورات الاستفزازية"، لأنهم يدركون أن تصرفات بكين هذه تأتي ردا على العلاقات المتنامية بين واشنطن وتايبيه. على أن كل ذلك يعني أن على العالم أن يتوقع متاعب قادمة قريبا، حسب مقال ذا هيل.
وكان المعلق توماس فريدمان كتب في عموده الأسبوعي بصحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) قائلا "نحن في بداية واحد من أكبر التحديات الجيوسياسية التي يواجهها العالم الحديث".
ومع أن فريدمان لم يكن يشير إلى الصين، فإن ما جاء في عموده ينطبق عليها، وطبقا لغوردون تشانغ الذي يزعم أن بكين ستستغل الظروف لصالحها.
وسبق للرؤساء الأميركيين المتعاقبين أن وجهوا تحذيرات للصين، إلا أنه من النادر أن ينفذوها، بل إنهم في واقع الأمر عودوا الصين على تجاهلها. وفي حقيقة الأمر فإن ذلك أضفى على "أسوأ العناصر" في النظام السياسي الصيني جرأة، إذ أثبتت واشنطن للجميع في بكين أن أي عدوان وأفعال سيئة أخرى لا تنطوي على أي كلفة.
ولعل من الطبيعي أن يعتقد الزعيم الصيني شي جين بينغ الآن أن بمقدوره فعل ما يريد فعله. غير أن الفشل في أفغانستان قد يكون "إشارة خاطئة" للقيادة الصينية؛ فالفرق بين أفغانستان من جهة والصين وتايوان من جهة أخرى في نهاية المطاف ينصب في إدراك الأميركيين -أو سرعان ما يدركون قريبا- أن الصراع مع بكين -على خلاف النزاع مع طالبان- سيؤثر عليهم مباشرة وفي الحال.
على أن الخطر الآن هو نتاج تنافر الرؤى بين بكين وواشطن، وأن أي وضع متوتر في منطقة من العالم يمكن أن ينتشر سريعا إلى مناطق أخرى. وقد ينضم شركاء الصين -مثل إيران وكوريا الشمالية وأصدقائها- إلى جانبها، أو يستغلون أي نزاع تتورط فيه الصين وأميركا للدخول في مواجهات جديدة.
ويتوقع غوردون تشانغ في ختام مقاله بالصحيفة الأميركية أن العالم قد يشهد في الشهور القادمة أشد الأوقات اضطرابا على الإطلاق.