حفتر يتحدى بتعيينات عسكرية.. هل يعاقبه المجلس الرئاسي الليبي أو يصمت؟

يعتقد الخبير العسكري الليبي عادل عبد الكافي أن اللواء المتقاعد حفتر يعمل منذ فترة على إظهار ضعف المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، معلنا اليوم عدم قبوله بالخضوع لأي سلطة

خليفة حفتر قال إنه لن يُخضِع الجيش لأي سلطة كانت (رويترز)

طرابلس- أثار إعلان اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر تكليف قادة بمناصب عسكرية وترقية شخصيات تمثله جدلا واسعا بشأن استمرار تجاوز حفتر للمجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، إذ قال حفتر في احتفال عسكري بمدينة بنغازي شرقي البلاد إنه "لن يُخضِع الجيش لأي سلطة كانت"، ورأى البعض في تصريح حفتر تحديا للمجلس الرئاسي، واستفزازا للسلطة القائمة وعرقلة للعملية السياسية.

ورغم أن المجلس الرئاسي طالب في بيان السبت الماضي جميع الوحدات العسكرية بالتقيد بتعليماته بشأن الترقيات وتشكيل الوحدات العسكرية، وتعيين أمراء المناطق العسكرية التي تعد من اختصاصاته الأصيلة، فإن حفتر خالف هذا البيان.

وأكد المجلس الرئاسي في بيان أن تلك الاختصاصات مسندة إليه وفقا لمخرجات الحوار السياسي، وتشمل مهام القائد الأعلى للجيش، مطالبا بعدم مخالفة هذه المخرجات، مهما كانت الظروف والأسباب.

تكليفات وترقيات

ومن بين التكليفات المثيرة التي أعلنها خليفة حفتر أمس الاثنين، إسناده لرئيس الحكومة المؤقتة السابقة عبدالله الثني رئاسة لجنة المستشارين السياسيين والعسكريين التابعة للقيادة العامة للجيش، والتي يرأسها حفتر.

كما عيّن اللواء المتقاعد الفريق امراجع العمامي رئيس وفده في لجنة "5+5" العسكرية المشتركة رئيسا للقوات البرية، بدلا من نور الدين الهمالي، كما عين عضو اللجنة العسكرية المشتركة أحمد سالم رئيسا لغرفة عمليات سرت الجفرة، كما رقى مفتاح شقلوف إلى رتبة فريق وكلفه برئاسة أركان الحدود.

ورقى محمد المنفور إلى رتبة فريق وكلفه برئاسة الأركان الجوية، وعين صفر آدم الجروشي مفتشا عاما للقوات المسلحة، وعين شعيب يوسف صابر رئيسا لأركان القوات البحرية، فضلا عن تعيينات أخرى في مناصب قيادية.

ويرى محللون وسياسيون أن قرارات حفتر وإعلانه عدم الخضوع لأي سلطة يؤكد أنه لن يعترف بأي سلطة مدنية منتخبة أو غير منتخبة، إلا في حالة فوزه هو فقط بحكم ليبيا في الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

مخالفة للقوانين

ويصف عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز قرارات حفتر بأنها ضرب بعرض الحائط للقوانين والتشريعات واللوائح المعمول بها -المدنية والعسكرية- وطالب دبرز المجلس الرئاسي "بالكف عن المهادنة التي ضيعت الوطن"، في إشارة إلى تعامله مع حفتر.

وأضاف دبرز للجزيرة نت "موقفنا من هذا العبث هو رفضه على جميع المستويات، ونطالب النائب العام حامي القوانين والتشريعات الليبية باتخاذ الإجراء الذي يناسب، ويردع هذه المخالفات العبثية".

ويرى دبرز أن المسؤولية الأولى عن إبطال قرارات حفتر وغيرها تقع على المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، مضيفا أن ضعف المجلس الرئاسي والتسليم في اختصاصاته أدى إلى أن "حفتر يأمن العقاب ويتصرف كأنه في غابة".

وحسب عضو المجلس الأعلى للدولة فإن إنشاء إدارة للشؤون السياسية يرأسها ضابط عسكري داخل مؤسسات الدولة تؤكد أن حفتر سيصعد أكثر في مناطق نفوذه، وذلك عن طريق إضعاف دور المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية.

إضعاف المؤسسات

ويعتقد الخبير العسكري عادل عبد الكافي أن اللواء المتقاعد حفتر يعمل منذ فترة على إظهار ضعف المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، معلنا اليوم عدم قبوله بالخضوع لأي سلطة رغم مشاركة ممثلين عنه في لجنة 75 في ملتقى الحوار السياسي، واعترافه بمخرجاته.

وأردف عبد الكافي كان "المفترض من المجلس الرئاسي مناشدة المجتمع الدولي ردع خليفة حفتر لضمان تحجيم دوره، وعدم تماديه وتجهيز عقوبات لأي معرقلين للعملية السياسية، بمن فيهم حفتر".

ويعتبر الخبير العسكري في تصريح للجزيرة نت أن تصريحات حفتر المستفزة لوسائل الإعلام والمناورات العسكرية التي يجريها وترقيته لعدد من الضباط، وزياراته مع ممثليه لعدد من الدول كل ذلك "يهدد الاستقرار وعملية وقف إطلاق النار".

هذه القرارات والتحركات من جانب اللواء المتقاعد حفتر هي كافية حسب الخبير العسكري الليبي بأن يتحرك المجلس الرئاسي لفرض عقوبات على حفتر، و"الذي سيشعل الصراع من جديد بسبب صمت المجلس الرئاسي وتخاذله في استلام مهامه المنوطة به".

وذكر عبد الكافي أن تكليف حفتر لعضوين من اللجنة العسكرية المشتركة، ومن بينهما رئيس وفده بمهام عسكرية، يعني أن هذه اللجنة لم يعد لها أي جدوى، وبدأت تفقد مصداقيتها وتُسيّر مباشرة من لدن حفتر.

واللجنة العسكرية المشتركة تضم 5 مسؤولين عسكريين من كل من حكومة طرابلس وقوات حفتر من أجل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ومعالجة عدد من القضايا الأمنية الأخرى.

الأمر الواقع

واعتبر مدير مركز إسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي أن حفتر لا يمتلك أي منصب في السلطة الجديدة، لكنه يفرض سلطة الأمر الواقع عن طريق حضوره في الشرق الليبي، وفي ظل وجود ضمانات من داعمي اللواء المتقاعد بتجنيبه العقوبات والملاحقة الدولية.

وتابع الراجحي "للأسف الشديد اتفاقا جنيف وتونس لم يضعا آلية واضحة للتعامل مع سلوك حفتر، والمتوقع أن يعرقل العملية السياسية، رغم معرفة الجميع لكونه من أكبر المعرقلين منذ عام 2014".

وصرح المتحدث نفسه للجزيرة نت بأن "أدوات المجلس الرئاسي ضعيفة للضغط على حفتر وداعميه، إذ يمتلك المجلس أدوات بسيطة، من بينها المواقف السياسية الرافضة لأعماله أو تجميد أمواله".

ويشير الراجحي إلى أن الشخصيات الموجودة في المجلس الرئاسي الحالي ذات ميول تصالحية، ولا تريد الصدام مع حفتر، وهذا الأمر مخيف لأن اللواء المتقاعد سيرى في صمت المجلس الرئاسي ضعفا، و"سيزيد من أعماله المستفزة العدائية".

ومنذ أشهر، تشهدت ليبيا انفراجا سياسيا، ففي 16 مارس/آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة من قبل ملتقى الحوار الليبي برعاية الأمم المتحدة في جنيف، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

المصدر : الجزيرة