لوبوان: بهذه الطريقة تستطيع الولايات المتحدة منع الحرب على تايوان

Soldiers of China's People's Liberation Army (PLA) take part in a military parade to commemorate the 90th anniversary of the foundation of the army at the Zhurihe military training base in Inner Mongolia Autonomous Region
المقال: الصين تستعد عسكريا وتهيئ شعبها لاحتمال نشوب حرب لضم تايوان بالقوة (رويترز)

مع تكثيف الصين ضغطها الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري وتزايد التوتر في مضيق تايوان، بحيث لم يعد من الممكن استبعاد خطر نشوب الحرب، دعا دبلوماسيان أميركيان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إعادة التفكير في الإستراتيجية الأميركية لردع الصين.

ولإلقاء الضوء على هذا الموضوع، استعرضت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية تقرير مجلس العلاقات الخارجية الذي كتبه الدبلوماسيان روبرت د. بلاكويل، وهو زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية، وفيليب زيليكو أستاذ التاريخ والحكم بجامعة فيرجينيا، تحت عنوان "الولايات المتحدة والصين وتايوان: إستراتيجية لمنع الحرب".

ونبه التقرير -الذي استعرضه للمجلة أنطوان بونداز- في البداية على أن السياسيين والقادة من طبيعتهم الميل إلى التقليل من خطر نشوب الحروب، مؤكدين أن الصين، مع ذلك، يبدو أنها تستعد لحرب في مضيق تايوان.

إشارات مزعجة

فمن الناحية السياسية -كما يشير التقرير- تستعد بكين وتهيّئ شعبها لاحتمال نشوب نزاع مسلح، وهي على الجبهة الدبلوماسية تحاول عزل تايوان أكثر وتختبر الدعم الدولي لها، وعلى المستوى العسكري تقوم بتحديث قدراتها العسكرية بشكل كبير، وتقوم بتدريبات عسكرية بوتيرة محمومة بحرا وجوا وبرا وفي الفضاء السيبراني والفضاء الحقيقي.

وفي هذا التحليل تشارك أوريانا سكايلر ماسترو من جامعة ستانفورد، التي تعتقد أن هناك إشارات مقلقة إلى أن بكين تعيد النظر في نهجها السلمي وتفكر في توحيد الجزيرة بالقوة، مؤكدة أن القادة الصينيين الذين كانوا يرون التحرك العسكري للاستيلاء على الجزيرة ضربا من الخيال أصبحوا يرونه الآن احتمالا واقعيا، وهي لذلك توصي الولايات المتحدة بإقناع الصين بأنها لا تستطيع تحقيق أهدافها العسكرية في تايوان، وذلك عبر تعزيز القدرات العسكرية الأميركية في المنطقة حتى تتمكن من صدّ أي غزو للجيش الصيني للجزيرة.

غير أن بلاكويل وزيليكو -كما يقول الكاتب- يختلفان مع الباحثة ماسترو، إذ يعتقدان أن حربا بين الصين وتايوان لن تشكل تهديدا مباشرا للمصالح الأميركية، وذلك يعني أن واشنطن لن تخوض حربا مع الصين لأن المصالح الوطنية الأميركية لديهما لا تتجاوز تحقيق ما هو ضروري لبقاء الولايات المتحدة دولة حرة وآمنة.

ورأى الدبلوماسيان أن هناك 5 أسباب تهدد هذه المصالح تهديدا مباشرا، وتستدعي تدخلا عسكريا أميركيا، وهي منع استخدام أسلحة الدمار الشامل ضدها، ومنع انتشار الأسلحة النووية ووسائل إيصالها للحفاظ على التوازن العالمي والإقليمي، ثم منع ظهور قوى معادية أو دول فاشلة على حدودها، وأخيرا ضمان بقاء واستقرار النظم العالمية الرئيسة، بما في ذلك التجارية والمالية.

تاجر سلاح

ومع أن حكومة الولايات المتحدة ليست ملزمة بموجب المعاهدات بالمساعدة في الدفاع عن تايوان لصدّ أي هجوم، فإن ذلك مطلوب منها بموجب قانون العلاقات مع تايوان لمساعدة البلاد على الدفاع عن نفسها، الذي يعني التزاما إستراتيجيا بمساعدة هذه الجزيرة بأفضل وجه في إعداد دفاعها، إلى جانب نوع من الغموض الإستراتيجي إزاء الطبيعة الدقيقة للمشاركة الأميركية في حال نشوب الصراع.

ومع ذلك يرى باحثون آخرون أن المخاطر في مضيق تايوان لا تسوّغ الالتزام الأميركي غير المشروط بخوض الحرب، بل إن على واشنطن أن تتصرف كتاجر أسلحة، وتساعد الجزيرة في إعداد الدفاع عن النفس وزيادة تكاليف أي عدوان تقوم به الصين، فضلا عن تطوير وسائل لمعاقبة الصين بأدوات غير عسكرية.

أما الأوروبيون -كما يرى الباحثون- فعليهم أن يضطلعوا بدور رئيس في منع الصراع بدلا من التدخل في نزاعات مسلحة، ولذلك من الضروري ثني بكين عن تغيير الوضع القائم في المنطقة من جانب واحد بإقناعها بأن تكلفة التوحيد بالقوة ستكون باهظة.

المصدر : لوبوان