تونس.. "النهضة" تدعو لحكومة سياسية يقودها المشيشي والمعارضة تراها تعميقا للأزمة

تونس- دعا مجلس شورى حركة النهضة التونسية في بيان رسمي إلى تشكيل حكومة سياسية، مع الإبقاء على رئيس الحكومة الحالي هشام المشيشي، في مسعى منها لحلحلة الأزمة السياسية وتجاوز الخلاف مع رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد الناطق الرسمي باسم الحركة فتحي العيادي أن دعوة حزبه لتشكيل حكومة سياسية يترأسها المشيشي تأتي في مسعى لتجاوز أخطاء الفريق الوزاري الحالي سيما وزارة الصحة.
وشدد العيادي على أن مطلب تشكيل حكومة سياسية، كبديل عن حكومة الكفاءات الحالية، مرتبط أساسا بحاجة البلاد إلى وحدة قوية بين مختلف مؤسسات الدولة وأحزابها لتجاوز الأزمة الوبائية الطاحنة.
وكان البرلمان قد صوت في سبتمبر/أيلول الماضي، بالأغلبية المطلقة، لمنح الثقة لحكومة المشيشي، والتي وصفت حينها بأنها حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب. وتفاقمت بعدها الأزمة السياسية إثر رفض رئيس الجمهورية الموافقة على تعديل وزاري، وامتناعه عن دعوة الوزراء الجدد أداء اليمين الدستورية أمامه، بحجة وجود خروقات دستورية وشبهات فساد تلاحق بعض الوزراء.
مجلس شورى #حركة_النهضة يؤكّد ضرورة التضامن والتعاون بين مختلف مؤسسات الدولة في الحرب على الوباء بما يحقق الوحدة الوطنية في مناخ من التهدئة السياسية والاجتماعية بتغليب لغة الحوار وتأجيل الخلافات 🇹🇳 pic.twitter.com/jKftdVIul4
— حزب حركة النهضة (@NahdhaTunisie) July 5, 2021
مسؤولية وطنية
وحول تشبث النهضة برئيس الحكومة، رغم مطالبات أحزاب برحيله بمن فيهم حتى الرئيس سعيد، اعتبر العيادي أن الحركة قدرت أن بقاء المشيشي هدفه تجنب السقوط في مشاكل إضافية، ولضمان استمرارية عمل الحكومة مع تعزيز أدائها بوزراء ذوي كفاءة.
وعبر الناطق الرسمي باسم النهضة عن أمله في أن يقبل رئيس الجمهورية بالدعوة التي طرحتها الحركة لتشكيل حكومة سياسية، وتابع "عادة في زمن الأزمات تبتعد الأحزاب عن الحكم لأن التكلفة ستكون باهظة، ولكن تقديرا لمصلحة البلاد ولغياب رؤية سياسية واضحة لتجاوز الأزمة الراهنة، تقدمنا بهذه الفكرة تحملا منا لمسؤوليتنا الوطنية".
وأكد أن النهضة ستقوم بمشاورات مع مختلف الأحزاب، ومع رئيس الحكومة الحالي لتقييم أداء الفريق الوزاري، وأخذ القرارات المناسبة، وذلك من أجل إبقاء من أثبت كفاءته من الوزراء، وتغيير من فشل في مهمته.
وأضاف العيادي "الفكرة التي قدمها المكتب التنفيذي لمجلس الشورى تتمثل في إجراء مشاورات في مرحلة أولى مع الأحزاب الحليفة لنا كـ قلب تونس، وائتلاف الكرامة. ثم نتوسع بعدها لباقي الأحزاب دون إقصاء".
وبشأن ما إذا كانت دعوة النهضة تشكيل حكومة سياسية إقرارا منها بفشل الحكومة الحالية، أقر العيادي بوجود شبه إجماع ليس فقط داخل الحركة بل بين عموم الشعب على الأداء الكارثي للحكومة، لا سيما ما يتعلق بمعالجة أزمة وباء كورونا.
وبخصوص الشروط المسبقة للتحاور التي طرحتها بعض الأحزاب، كالتيار الديمقراطي وحركة الشعب، برحيل الحكومة برمتها وعلى رأسها المشيشي، دعا العيادي إلى تجاوز الخلافات، والوعي بدقة الوضع الوبائي الذي يتطلب تظافر كل الجهود.
وضع كارثي
وتعيش تونس أسوأ أزمة وبائية، إذ صنفتها منظمة الصحة العالمية في المرتبة الأولى عربيا وأفريقيا من حيث نسب الوفيات، وعدد الإصابات بفيروس كورونا، فقد تجاوز عدد الوفيات 15 ألفا، بمعدل يومي للوفيات تجاوز 100 حالة.
وحملت أحزاب معارضة ومنظمات في المجتمع المدني مسؤولية الوضع الوبائي الخطير لما وصفته بتراخي الحكومة في جلب اللقاحات المضادة للفيروس، وفي اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
واعتبر الناطق الرسمي لحزب قلب تونس محمد الصادق جبنون أن لحزبه موقفا مبدئيا وثابتا في مساندة حكومة المشيشي، معربا في تصريح للجزيرة نت عن ترحيب حزبه بأي خيارات أخرى للرفع من نجاعة العمل الحكومي.
ولفت جبنون إلى أن كل خطوة في هذا السياق لابد أن تتم بالتشاور مع كل الطيف السياسي الداعم لحكومة المشيشي، مؤكدا أن حزبه له مؤاخذات على أداء بعض الوزراء، وخاصة وزير الصحة الذي أخفق في التعامل مع أزمة كورونا، حسب قوله.

هروب للأمام
بالمقابل، وصف أمين عام حزب التيار الديمقراطي (معارضة) غازي الشواشي دعوة حركة النهضة إلى تشكيل حكومة سياسية برئاسة المشيشي بأنه "استثمار في الفشل وهروب إلى الأمام من قبل الحركة، وإبقاء على المعركة السياسية بين رأسي السلطة التنفيذية".
وحمل الشواشي رئيس الحكومة وفريقه الوزاري المسؤولية المباشرة عن الوضع الوبائي الذي وصلت إليه البلاد، معتبرا أن تغيير فريق وزاري بفريق آخر دون رؤية واضحة، مع الإبقاء على رئيس الحكومة، ليس حلا.
وأضاف أن حزبه غير معني بدعوة حركة النهضة لتشكيل حكومة سياسية يترأسها المشيشي، في غياب برنامج واضح للإنقاذ، وغياب حكومة تكون محل إجماع، خاصة من رئيس الجمهورية، ومن اتحاد الشغل.
وقال النائب عن حركة "تحيا تونس" وليد الجلاد إن حزبه غير معني بالدخول في حكومة على أساس "المحاصصة الحزبية" معتبرا في حديث للجزيرة نت أن الحكومة الحالية سياسية، حتى وإن كانت في ظاهرها حكومة كفاءات مستقلة.
وتوقع الجلاد بأن تصطدم دعوة النهضة لتشكيل حكومة سياسية برفض رئيس الجمهورية، وستزيد في تأزيم الوضع وتعميق الأزمة، معتبرا أن الحل الأنسب للخروج من الأزمة كما يراها حزبه تتمثل أساسا في إيجاد مخرج مع الرئيس سعيد.