لوبوان: لبننة تونس.. قلق متزايد على هذه الديمقراطية الفتية

Covid-19 measures in Sousse
منظر عام من مدينة سوسة خلال الحجر الصحي (الأناضول)

قالت مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية إن التونسيين مع أنهم لا يقفون في طوابير لمدة 5 ساعات للتزود بالوقود كما هو الحال في لبنان، ومع أنهم يقومون بالإيداع والسحب المصرفي دون صعوبة كما هو بشكل يومي في بيروت، ومع أنهم لا يعيشون تحت إشراف سعودي ولا تهديد إيراني كما هو مثبت في أرض الأرز فإن بلدهم يعيش شللا سياسيا مزمنا وتدهورا في النظام الصحي لتفشي فيروس كوفيد-19، وبالتالي فقد بدؤوا في الانجراف نحو ما يشبه حالة لبنان.

وافتتحت المجلة مقالها بمشهد من البرلمان التونسي، حيث يتصارع عدد من النواب ويتبادلون الكلمات النابية، وعلى يمين الشاشة رئيسة الحزب الديمقراطي الليبرالي عبير موسي وبيدها مكبر صوت.

وقالت المجلة إن هذا المشهد -الذي يمكن أن ينسب إلى عربدة السكارى لو وقع في بلد آخر- أصبح مشهدا من الحياة البرلمانية اليومية في تونس.

وأوضحت المجلة أن حزب عبير موسي لديه خارطة طريق وحيدة، وهي عرقلة عمل البرلمان باسم محاربة "الإخوان المسلمين"، مستخدمة في ذلك "إستراتيجية الجرافة" التي تدمر كل شيء لتبدو وكأنها الحصن الوحيد، والنتيجة هي أن 217 نائبا في هذا البرلمان لم يقدموا أي مشروع قانون، بل إن مشاكل المواطنين هبطت إلى المرتبة الثالثة من الاهتمامات السياسية.

فشل سياسي ووباء

ويقع ذلك -حسب الصحيفة- في وقت خفضت فيه وكالة فيتش الائتمانية تصنيف البلد مرة أخرى مع نظرة مستقبلية سلبية، وفي ظل اشتراط صندوق النقد الدولي إجراء إصلاحات كي يقدم مساعدات جديدة لتونس ترفضها العائلات المتنفذة.

والأسوأ من ذلك -وفقا للصحيفة- أن واحدة من نقاط القوة في البلاد منذ الاستقلال يدمرها الآن فيروس كورونا ألا وهي بناء العقول، إذ كان الرئيس الأول للبلاد الحبيب بورقيبة يدعو بقوله "إذا لم يكن لدينا نفط فلنبن الأدمغة".

ففي الثامن من يوليو/تموز الجاري توفي 189 تونسيا بسبب كوفيد-19، وهو رقم لم يسبق له مثيل في هذا البلد الذي يقل عدد سكانه عن 12 مليون نسمة، كما أن أسرّة العناية المركزة لم تعد متوفرة والطلبات على الطوارئ تتجاوز الآن الطاقة الاستيعابية، هذا فضلا عن تناقص الأكسجين وكأن الوباء يريد أن يسلط الضوء على الحالة المتداعية للنظام الصحي بتونس الذي كان في السابق محل إشادة، كما تقول المجلة.

وذكرت لوبوان أن تونس -التي تصدر الأطباء بالآلاف إلى أوروبا ودول الخليج، وأطباؤها على رأس العديد من الخدمات في المستشفيات الفرنسية- تعاني بشدة وتكتشف عيوب نظامها، مشيرة إلى أن الجيش الأبيض بأطبائه وممرضاته يعمل في صمت ودون كلل، في حين أن قادة البلد -سواء تعلق الأمر برئيس الجمهورية أو برئيس الحكومة- لا يبالون بما يجري.

وتساءلت المجلة عن نتائج هذه اللعبة السياسية، وقالت إن أنصاف الإجراءات تتوالى، وعمليات الإغلاق المستهدفة غير منظمة، وخريطة الحظر مترددة، والثقة في الدولة ومؤسساتها تتداعى، وإن السياسيين غير قادرين على تقديم تنازلات، ويسعون فقط للحفاظ على مصالحهم الضيقة.

وتنبأت المجلة بأنه بمجرد توقف عاصفة الوباء بفضل المساعدات الدولية واللقاحات التي تأتي بكميات صغيرة سيظهر بكل جلاء مشهد لا يختلف عن حال لبنان من حيث الأزمات الاقتصادية والصحية.

المصدر : لوبوان