آلاف الأسر الفقيرة في قطاع غزة تترقب إفراج إسرائيل عن المنحة القطرية
تقدّم قطر منحة إنسانية إلى غزة تقدر بـ30 مليون دولار شهريا، تصرف على الأسر الفقيرة وشراء وقود لمحطة الكهرباء الوحيدة ورواتب لموظفي القطاع.
غزة– منذ 3 أيام تطهو أسرة إبراهيم فياض طعامها على نار الحطب، لعجزها عن توفير ثمن تعبئة أسطوانة الغاز المنزلي.
وساءت أحوال إبراهيم (33 عاماً) وآلاف الأسر الفقيرة في قطاع غزة، المستفيدة من مخصصات المنحة القطرية الإنسانية، في ظل رفض إسرائيل توريدها للقطاع، بعد الحرب الأخيرة التي شنتها في 10 مايو/أيار الماضي، واستمرت 11 يوماً خلفت نتائج كارثة على حياة السكان.
اقرأ أيضا
list of 3 itemsلوموند: المنحة القطرية لغزة سبيل لمنع اندلاع الحرب
العمادي: قطر لن تتنصل من دورها بغزة
ويعيل إبراهيم أسرة من 5 أفراد تقطن في منزل متواضع مسقوف بالزينك في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، ويقول للجزيرة نت إن تأخر صرف المنحة زاد من وضعه المعيشي سوءا، ولم يعد قادرا على تدبير الاحتياجات الأساسية لأسرته.
واقع مأساوي
وبصوت اكتسى بالحزن، يضيف إبراهيم -المكنى بـ"أبو حسن"- إن طفلته أصيبت بجرح استدعى نقلها للعلاج في المستشفى، ولم يستطع توفير الدواء الذي وصفه لها الطبيب.
وكآلاف العمال في غزة، تضرر ربّ الأسرة من القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل، ومن منعها توريد المواد الخام ومواد البناء. ويؤكد إبراهيم -الذي يعمل في مهن كثيرة بنظام "المياومة"- إنه لم يعمل بالمطلق منذ نحو أسبوع وأكثر.
ويتقاضى إبراهيم نحو 30 شيكلا (حوالي 9 دولارات) نظير العمل ليوم كامل في مهن مرتبطة بالزراعة أو البناء والإنشاءات، ولا يفي هذا المبلغ الضئيل باحتياجات أسرته، لكن حتى هذا المبلغ لم يعد متوفراً، وفق قوله.
وبحسب إحصاءات غير رسمية، فإن معدلات الفقر والبطالة في القطاع ارتفعت بشكل غير مسبوق بسبب الأضرار التي لحقت بعدد كبير من المصانع والمنشآت الصناعية والتجارية والسياحية، سواء بالتدمير المباشر خلال الحرب أو تأثراً بالقيود ونفاد المواد الخام.
ويتابع إبراهيم بشكل يومي ودائم تطورات الحديث عن المنحة القطرية، ويخشى أن يحل عيد الأضحى من دون التوصل إلى اتفاق بشأن آلية وصولها إلى مستحقيها في غزة.
ويقول إنه قلق من استمرار الأزمة، واحتمال أن يحل العيد دون أن يكون بين يديه ما يستطيع أن يؤمّن به متطلبات الأسرة أو تقديم "عيدية" منتظرة لشقيقاته الثلاث.
وترفض إسرائيل توريد المنحة القطرية بالآلية المعتمدة منذ سبتمبر/أيلول 2018، بواسطة حقيبة عبر معبر بيت حانون (إيرز)، وتصرّ على إيجاد آلية جديدة لصرفها، سواء عبر السلطة الفلسطينية أو الأمم المتحدة، وتتذرع بأنها تريد ضمانات بعدم وصولها إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ومن المقرر أن يجتمع الطاقم الوزاري الأمني السياسي الإسرائيلي المصغر (الكابينت) في وقت لاحق اليوم الأحد، لبحث آلية جديدة لإدخال أموال المنحة القطرية إلى غزة.
وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن الاجتماع سيبحث أيضاً سيناريوهات للتعامل مع تصعيد أمني محتمل مع غزة، في حال فشلت جهود التهدئة والتوصل لآلية متفق عليها لإدخال المنحة.
وتقدم قطر منذ 2018 منحة إنسانية إلى غزة تقدر بـ30 مليون دولار شهريا، منها 10 ملايين للأسر الفقيرة، و10 ملايين لتوفير الوقود الخاص بمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، و10 ملايين مساهمة في رواتب موظفي غزة.
ويقول إبراهيم إنه يحصل شهريا على 100 دولار مساعدة من المنحة، وعلى بساطة هذا المبلغ فإنه كان يسد التزامات أساسية وضرورية.
عيد بنكهة حزينة
ويتفق ممدوح زنون (45 عاما) -الذي يعيل أسرة كبيرة من 14 فردا- مع فياض، على أن تأخر المنحة زاد من معاناته، ويقول إنه لن يستطيع شراء ملابس العيد لأبنائه من دونها.
ويضيف زنون الذي يعمل سائق أجرة ويقطن في مدينة رفح جنوب القطاع، أنه وأسرته لا يشعرون بأي أجواء للعيد، فالمنحة متأخرة، والعمل شحيح منذ الحرب، ويضيف "الناس كلها تعاني في غزة، حتى إن كثيرين أصبحوا يختارون السير على الأقدام لتوفير شيكل أجرة المواصلات".
وكانت الساعة تشير إلى 12 ظهراً عندما تواصلت الجزيرة نت مع زنون، وقال "خرجت بسيارتي للعمل منذ الساعة السادسة صباحاً، ولم أكمل حتى الآن 10 شواكل".
وبسبب تأخر المنحة وعدم قدرته على سداد ديونه المستحقة، أوقف صاحب حانوت المواد الغذائية المجاور لمنزله التعامل معه، وبكلمات مؤثرة يقول زنون إنه في أيام كثيرة لا يستطيع توفير الطعام الأساسي لأسرته وأطفاله.
الأشد فقرا
من جانبها، قالت الناطقة باسم وزارة التنمية الاجتماعية في غزة عزيزة الكحلوت، إن 100 ألف أسرة من الأشد فقراً تستفيد من مخصصات المنحة القطرية، بينما تقف 45 ألف أسرة على قوائم الانتظار.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن هذه الأسر تمر في الوقت الحالي بمرحلة صعبة وخطيرة، بسبب تأخر أموال المنحة التي تعتمد عليها بشكل أساسي لتوفير احتياجاتها الحياتية الضرورية.
ورفضت عزيزة الكحلوت الذرائع الإسرائيلية، وأكدت أن إسرائيل تعلم جيداً أنها تكذب، وأن أموال المنحة تذهب إلى مستحقيها من الأسر الفقيرة والهشة.
ولا تمانع وزارة التنمية (التي تقودها حماس) إيجاد آلية جديدة، شرط أن تضمن وصول أموال المنحة إلى مستحقيها في غزة، بحسب تأكيد الكحلوت.