واشنطن بوست: التغيير في إسرائيل يدفع واشنطن للتعجيل بإعادة التفكير في العلاقة بتل أبيب

End of Netanyahu era could be in the cards in Israeli political drama
نتنياهو (يمين) ونفتالي بينيت زعيم حزب "يمينا" اليميني المتطرف (رويترز)

أفادت صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) بأن التغيير الذي حدث في إسرائيل مؤخرا والذي من المحتمل أن يضع نهاية لحقبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي دامت 12 سنة، جعل الرئيس الأميركي جو بايدن ومشرعين وناشطين وطائفة من جماعات المصالح يجتهدون لفهم ما يحدث في إسرائيل من تحول مفاجئ في القيادة مع ما يعنيه ذلك للولايات المتحدة.

ونوهت الصحيفة إلى أن بعض أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس يرون أن مغادرة نتنياهو سدة الحكم من شأنها أن تفضي إلى تنقية الأجواء السياسية وإحداث تحول في العلاقات، بعد أن تميز عهده في رئاسة الحكومة الإسرائيلية بروابط وثيقة مع الحزب الجمهوري.

ونقلت عن العضو الديمقراطي في مجلس النواب الأميركي أندي ليفين القول إن نتنياهو سعى إلى إثارة انقسام حزبي بشأن إسرائيل داخل الولايات المتحدة.

ووصف ليفين تلك المحاولة بأنها "كانت خطأ فادحا" لأن دعم إسرائيل يتطلب توافقا بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، معربا عن اعتقاده أن مغادرة نتنياهو للحكم "تثلج الصدر كثيرا".

حسابات بايدن

أما البيت الأبيض فقد أكد علنا أن ليس ثمة تغيير كبير سيحدث، وذلك في تصريح  للمتحدثة باسمه جين ساكي يوم الجمعة الماضي قالت فيه، "تربطنا علاقة قديمة وملزمة -علاقة إستراتيجية- مع إسرائيل، وستستمر الحال على ذلك المنوال بغض النظر عمن يقود الدولة".

وذكرت واشنطن بوست -في تقريرها الذي أعدته الصحفية آن قيران- أن بايدن كان قد أشار في وقت سابق إلى أنه لن يرمي بثقله وراء عملية السلام في الشرق الأوسط مثلما ما فعل سلفه دونالد ترامب، إلا أن عمليات "العنف" الأخيرة في إسرائيل والتحول الذي طرأ على قيادتها قد يغير حساباته.

ولطالما تودد نتنياهو -الذي قضى فترة من شبابه في الولايات المتحدة وظل يتباهى بأنه عليم بما يدور في واشنطن- إلى المسيحيين الإنجيليين ملتمسا الدعم منهم ونأى بنفسه عن الدوائر اليهودية الليبرالية واستغل علاقته الوثيقة مع ترامب لمصلحته.

وسيحل محله في رئاسة الحكومة نفتالي بينيت، الذي تعتبره الصحيفة الأميركية "شخصا متشددا هو الآخر لكنه يُظهر ميولا براغماتية". وسيقود بينيت ائتلافا حكوميا "ضيقا وربما يكون هشا" يضم حزبا عربيا. وقد ألمح إلى أنه يرغب في تبني نهج موحد أكثر من نتنياهو.

لكن بينيت شخصية غير معروفة في واشنطن من حيث مهاراته وقدراته وتصرفاته. ولم يستطع البيت الأبيض في تصريحات جين ساكي الجمعة الماضي تأكيد ما إذا كان بايدن قد التقاه أصلا.

ارتياح وحذر

وأوضحت الصحيفة أن رد فعل الجمهوريين على مغادرة نتنياهو اتسم بالحذر، فالسيناتور عن الحزب الجمهوري ليندسي غراهام ظهر علنا في إسرائيل بصحبة نتنياهو الأسبوع الماضي وهما يبتسمان أمام الكاميرات، ووجه نتنياهو حديثه للسيناتور قائلا "لم يفعل أحدهم لإسرائيل أكثر مما فعلت أنت".

وأبلغ غراهام الصحفيين في القدس يوم الخميس الماضي قائلا "من وجهة نظرنا، فإن الأمر لا يتعلق بفرد، بل مرتبط بالعلاقة (بين البلدين)"، متوقعا أن يحظى طلب إسرائيل مساعدة طارئة من الولايات المتحدة بقيمة مليار دولار لتجديد منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية للدفاع الصاروخي، بموافقة سريعة من الكونغرس وبدعم من البيت الأبيض.

ورد الديمقراطيون على ذهاب نتنياهو بارتياح واضح، فقد أعرب عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي ستيف كوهين عن أن رئيس الوزراء المنصرف بات "عائقا" أمام الدعم الحزبي الأميركي لإسرائيل. وأوضح في هذا الصدد أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتمتعان بعلاقة متينة، "لكنها تواجه مشاكل لم تكن مألوفة من قبل في السنوات الخمس الماضية".

وتمضي الصحيفة إلى الزعم أن الديمقراطيين أُرغموا في السنوات الأخيرة على التعامل في علاقتهم مع إسرائيل بتوازن غير مريح بشكل متزايد، فهم من جهة يحتضنونها بينما ينتقدون قيادتها، ومن جهة أخرى يؤازرون "الدولة اليهودية" في حين يشجبون معاملتها للفلسطينيين.

وبحسب تقرير واشنطن بوست فبينما أصبح الديمقراطيون العاديون أكثر استعدادا للتصدي لإسرائيل، إلا أن ترامب ونتنياهو شكلا تحالفا سياسيا غير مسبوق حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المنصرف وضع صورة الرئيس الأميركي السابق في شعارات حملته الانتخابية.

لقد بدا الانقسام وسط الحزب الديمقراطي واضحا للعيان إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، حسب رأي صحيفة واشنطن بوست، وتجلى ذلك عندما تعرض الرئيس الأميركي لضغوط من الديمقراطيين -وغالبيتهم من الشباب والأعضاء الأكثر ليبرالية- الذين انتقدوا ما اعتبروا "الاستخدام غير المتكافئ للقوة" من طرف إسرائيل. وحثوا بايدن على اتخاذ موقف متشدد مع إسرائيل لإنهاء القتال وتقليل الخسائر البشرية.

وكان بايدن مترددا في بادئ الأمر في الضغط علنا على نتنياهو، إلا أنه فوجئ على ما يبدو بعمق الغضب الذي استبد بالعديد من الديمقراطيين على إسرائيل حتى أن الناشطين منهم تبنوا خطاب حركة "حياة السود مهمة"، مما دفعه في نهاية المطاف إلى حث نتنياهو صراحة على التراجع.

غير أن بايدن ما يزال يسعى لإعادة الولايات المتحدة إلى تبني موقف أكثر حيادية بعد حقبة ترامب، على حد تعبير واشنطن بوست.

المصدر : واشنطن بوست

إعلان