معركة قانونية لتفعيل قانون ماغنتسكي.. محامون بريطانيون يطالبون بفرض عقوبات أوروبية على مسؤولين بحرينيين
طالب عدد من المحامين والأكاديميين البريطانيين بضرورة إقرار قانون مستمر على غرار قانون ماغنتسكي، لتنفيذ عقوبات الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان ضد الجناة البحرينيين المعروفين.
جاء ذلك خلال ندوة تفاعلية نظمها المركز الأوروبي للحقوق والديمقراطيات، للبحث عن السبل القانونية لعدم إفلات المتورطين في انتهاكات حقوقية في البحرين من العقاب.
واتفق المشاركون على أن الطريق الوحيد لتخفيف القمع بحق المعارضين والناشطين المدنيين في البحرين هو فرض عقوبات من طرف الدول الأوروبية على الشخصيات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، وبعض هذه الشخصيات معروفة الاسم والصفة حسب ما أقرّه المشاركون في الندوة.
تعذيب منهجي
انطلقت المحامية البريطانية أناهيتا مرادي من تشخيص النظام البحريني إلى فهم سلوكه تجاه المعارضين، إذ أكدت "أن الهم الأساسي لكل المسؤولين الرسميين والأجهزة الرسمية هو الإبقاء على الأسرة الحاكمة في السلطة"، مضيفة أن هناك وسائل قانونية من أجل "استعمال عقوبات قانون ماغنتسكي لإجبار النظام البحريني على دفع ثمن انتهاكه لحقوق الإنسان".
وأكدت المحامية توصلها والمكتب الذي تعمل معه في لندن إلى معلومات عن معاناة المعتقلين التعذيب الجسدي والتعذيب النفسي بغرض الحصول على اعترافات كاذبة من السجناء السياسيين لدعم الاتهامات ذات الدوافع السياسية التي يواجهونها.
ولا تتوقف الانتهاكات، حسب الخبيرة القانونية البريطانية، عند مرحلة التحقيق بل تتجاوزها "لتصل إلى مرحلة محاكمة السجناء السياسيين، حيث يواجه الضحايا إخفاقا تاما في التمتع بمحاكمة عادلة، "وليس لهم الحق في اختيار محاميهم، كذلك لا يستطيعون الاستعداد لمحاكمة عادلة ولا الطعن في أي أدلة مقدمة ضدهم".
وعبّرت أناهيتا مرادي عن أسفها "للإخفاق التام" في التحقيق في شكاوى التعذيب وأخبار القتل خارج نطاق القانون، وهذا الوضع هو الذي يؤدي، حسب ما تقول، إلى "تمادي المسؤولين في قمع الحقوق ويساهم في مزيد من سيطرة الأسرة الحاكمة وحكومتها على الشعب".
أما المحامي البريطاني ميشيل بولاك فقد رأى أن المفترض في المحاكم البحرينية هو تطبيق القانون في حين "هي في الغالب أماكن للقمع، ولهذا فالناس ليس لديهم أي محاكم عادلة قد يلجؤون إليها"، ليخلص إلى أن هذا الوضع هو ما يزيد من أهمية "العقوبات الأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان حتى يتم وقف القمع بحق المعارضين".
وكشف المحامي البريطاني العامل في مكتب شهير للمحاماة في لندن عن توفره على أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان، إذ قال "وبدأنا بالنظر في هذه الأدلة، ونأمل أن يساعد قانون ماغنتسكي على معالجة الإفلات من العقاب الذي تتسم به انتهاكات حقوق الإنسان منذ مدة طويلة في البحرين".
وعن الإطار القانوني لهذه العقوبات التي يرمي هؤلاء المحامون إلى فرضها على المتورطين في انتهاكات حقوقية في البحرين، فقد أكد المحامي ميشيل بولاك أن "أنظمة عقوبات الاتحاد الأوروبي أوسع من المملكة المتحدة، ولهذا ستؤدي دورا رئيسيا بخاصة في الأماكن التي لا تستطيع الذهاب فيها إلى المحكمة. كل حظر للسفر سيُفرض سيكون في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وسوف تجمّد أموال المودعين المتورطين في هذه الانتهاكات وهذه هي العقوبات الأكثر فعالية" من وجهة نظر الخبير القانوني البحريني.
سلاح العقوبات
من جهته رأى الأكاديمي البريطاني والأستاذ المساعد في جامعة حمد بن خليفة، مارك جونس، أن "النظام القضائي البريطاني عاجز عن حماية حقوق الأفراد وعن الرد على شكاويهم بخصوص معاناتهم التعذيب، ولهذا يبقى الحل الوحيد أمامنا هو الوسائل الدولية ومن بينها عقوبات الاتحاد الأوروبي من خلال قانون ماغنتسكي".
ورأى مؤلف كتاب "القمع السياسي في البحرين" أنه إذا تم تبنّي عقوبات ماغنتسكي على المسؤولين البحريين فإن المراسلين الصحفيين الأجانب سيكون عليهم ذكر أسماء هؤلاء المسؤولين المستهدفين بالعقوبات، وذلك سيجعل من الصعب على البحرين استخدام الإعلام الغربي لتصوير نفسها على أنها نظام حديث وليبرالي".
وانطلاقا من خبرته في النظام البحريني فقد أكد الأكاديمي البريطاني أنه منذ عام 2011 "شهدنا تفاقم القمع السياسي في البحرين لأن النظام استطاع ارتكاب هذه الأنواع من الانتهاكات دون مساءلة وعلى مرأى ومسمع من المسؤولين البريطانيين".
وشهدت الندوة مداخلة مؤثرة لعلي مشيمع نجل القيادي في المعارضة البحرينية حسن مشيمع الذي خاطب الحكومات الغربية، ورأى أن قانون ماغنتسكي "هو اختبار آخر لمدى جدّية الحكومات الغربية في احترام القوانين، ورأى أن البحرين هي أبسط اختبار لذلك لأن جرائم التعذيب فيها واضحة" على حد وصفه.
وعبّر نجل المعارض البارز في البحرين عن أسفه على موقف الحكومة البريطانية التي لا تزال تقف موقف "الانحياز لمصلحة نظام آل خليفة على الرغم من مطالبة تطبيق قوانين حقوق الإنسان"، مسلّطا الضوء على قضية والده، "فهو معتقل رأي قضى أكثر من 10 سنوات في السجن، ويواجه حكما جائرا بالسجن المؤبد ومحروم من الرعاية الصحية اللازمة وهي سياسة ممنهجة بحق كل سجناء الرأي في البحرين".
وعبّر علي مشيمع عن أمله أن تنجح المساعي القضائية التي يقوم بها المحامون البريطانيون من أجل "الضغط لفرض العقوبات الأوروبية بحق منتهكي حقوق الإنسان وألا يواجهوا عراقيل من الحكومات الديمقراطية التي تدعم الحكومات الدكتاتورية".