انتخابات مصيرية تهدد وحدة التاج البريطاني.. هل بات انفصال إسكتلندا وشيكا؟
7 سنوات مضت على استفتاء 2014 الذي رفض فيه الإسكتلنديون الانفصال عن المملكة
تتجه الأنظار في المملكة المتحدة اليوم إلى إسكتلندا وانتخاباتها البرلمانية المصيرية المقررة غدا الخميس. ويتصدر موضوع الانفصال عن التاج البريطاني أجندة الحملة الانتخابية التي قادها الحزب الوطني الإسكتلندي بقيادة نيكولا ستورجن، التي وعدت بالمضي قدما في خطوات تنظيم استفتاء جديد للانفصال.
وتعتمد ستورجن في طموحها لتنظيم استفتاء جديدة على عدد من العوامل، أولها التوقعات بفوز حزبها بالأغلبية المطلقة في البرلمان، ثم حالة الغضب الشعبي من نتائج البريكست (الخروج من الاتحاد الأوروبي)، ذلك أن أغلبية الإسكتلنديين صوتوا ضد الخروج، لهذا هناك شعور مقيم لديهم أن لندن قررت الانسحاب ضد إرادتهم.
من سيفوز في الانتخابات؟
وتتفق جل استطلاعات الرأي أن الحزب الوطني الأسكتلندي (SNP)، سيتصدر الانتخابات الحالية، لكنها تختلف في عدد المقاعد التي سيفوز بها.
ويتوقع استطلاع أجرته صحيفة "فاينشال تايمز" (Financial Times) أن يحقق الحزب نتائج أفضل من نتائج انتخابات 2016 ما يعني الاقتراب من تحقيق الأغلبية المطلقة والفوز بحوالي 69 مقعدا من أصل 129 معقد هي مجموع مقاعد البرلمان.
في المقابل، أظهر آخر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "أوبينيوم" (Opinium) بشراكة مع شبكة "سكاي" (Sky) البريطانية أن الحزب الوطني الإسكتلندي سيفوز في الانتخابات بنسبة 51% فقط، وهي نسبة غير مريحة للحزب إن هو أراد الدخول في معركة تنظيم استفتاء انفصال جديد، وحسب نفس الاستطلاع سيحل حزب المحافظين في المرتبة الثانية بنسبة 23%، ثم حزب العمال ثالثا بنسبة 19%، والحزبان معا يعارضان تنظيم أي استفتاء جديد حول الانفصال.
من الذي يحمل مشروع الانفصال؟
وترهن نيكولا ستورجن مصيرها السياسي بشكل كبير بتنظيم استفتاء جديد للانفصال، بعد استفتاء 2014 الذي صوت فيه أغلبية الإسكتلنديين لخيار البقاء في المملكة المتحدة، وفي برنامجها الانتخابي لسنة 2019 وللانتخابات الحالية، وعدت ستورجن بأن تتقدم بطلب للحكومة البريطانية في لندن لتنظيم استفتاء جديد.
هذا الطموح الجامح لدى ستورجن، التي تريد أن تخلد اسمها كأول من ينجح في جلب الاستقلال لبلادها، يصطدم بجدار سميك اسمه بوريس جونسون، فرئيس الوزراء البريطاني يتعامل مع هذا الملف بحذر شديد، وسبق أن أكد أن أي استفتاء لا يجري إلا مرة في كل جيل.
ورغم أن ستورجن سبق أن صرحت بأن جونسون وعدها بإعادة النظر في الموضوع في حال نجحت في الظفر بأغلبية مطلقة في البرلمان، إلا أن مصادر مقربة من جونسون نفت الموضوع، وبتتبع مسار جونسون فالرجل يعمل على تقوية الشعور القومي في المملكة وليس تفكيكها.
ما هي خطة ستورجن لتنظيم استفتاء جديد؟
في مارس/آذار الماضي، قدمت الحكومة الإسكتلندية مشروع قانون لتنظيم استفتاء حول الانفصال، والذي في حال تمريره سيصبح قانونا يسمح بتنظيم الاستفتاء، لكن دون أن تكون له أي صفة إلزامية وإجرائية، على اعتبار أن الموافقة على الاستفتاء تبقى حصريا للبرلمان البريطاني في لندن، والذي يعرف وجود أغلبية مطلقة للمحافظين.
وحتى يظهر الحزب الوطني الإسكتلندي جديته في تنظيم الاستفتاء نشر وثيقة بعنوان "الطريق نحو الاستفتاء"، يشرح فيها الخطوات التي ستقود في النهاية إلى تنظيم هذا الحدث التاريخي، ويعتزم الحزب طلب تفعيل الفصل 30 الذي بموجبه يمنح البرلمان في لندن للبرلمان الإسكتلندي اختصاص تنظيم الاستفتاء.
وفي حال رفضت الحكومة في لندن الموافقة على الاستفتاء، يقول الحزب الوطني الإسكتلندي، فأنه سيمضي لوحده في تنظيم الاستفتاء، وحينها يمكن أن تعترض حكومة جونسون، ويحال الموضوع إلى المحكمة العليا للبت في مدى قانونية هذا الإجراء، وعلى الورق فمن المتوقع أن تبطل المحكمة نتائج أي استفتاء يتم دون موافقة البرلمان البريطاني، لكن الباب يبقى مفتوحا أمام كل الخيارات، لأنه لا توجد سوابق قانونية في هذا الباب يمكن الاستناد عليها.
هل يؤيد الإسكتلنديون الانفصال؟
7 سنوات مضت على استفتاء 2014 الذي رفض فيه الإسكتلنديون الانفصال عن المملكة، والكثير من المياه جرت تحت الجسر كما يقول المثل، وغيرت المزاج الشعبي، خصوصا بعد قرار الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وتظهر الكثير من استطلاعات الرأي، أن هناك ترددا لدى الإسكتلنديين، مع ميل طفيف لكفة المعسكر المؤيد للانفصال.
ومع بداية وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ارتفعت نسبة المؤيدين للاستقلال حسب ما أظهر استطلاع رأي لمؤسسة "إبسو"، الذي أكد أن الأغلبية (59%) ستصوت لصالح الانفصال في حال تم تنظيم الاستفتاء فورا، (أي خلال سنة 2020 وبداية 2021).
ويعزى هذا الشعور للغضب من نتائج البريكست وطريقة تدبير الحكومة في لندن لملف وباء كورونا، لكن منذ فبراير/شباط الماضي، فإن المؤسسة نفسها أكدت أن نسبة المؤيدين للانفصال قد تراجعت، وعاد الوضع للتأرجح بين المعسكرين دون أن يكون لأحدها الغلبة على الآخر.
أما آخر استطلاع أجرته مؤسسة "أوبينوم" خلال الأسبوع الماضي، فيؤكد أن كفة تأييد الانفصال في تراجع، وأظهرت أن 50% فقط هم من يؤيدون الانفصال، والنسبة نفسها للمعارضين، وهذا وضع غير مريح للحزب الوطني الإسكتلندي، على اعتبار أن 42% يؤيدون الانفصال خلال السنوات الخمس المقبلة، بينما ترى النسبة المتبقية أنه يجب الانتظار لوقت أطول قبل تنظيم الاستفتاء.
في المقابل، لا يجد مواطنو بقية أجزاء المملكة المتحدة أي مانع في أن تمنح الحكومة البريطانية للإسكتلنديين الحق في تنظيم استفتاء جديد، وحسب استطلاع لجريدة "فايننشال تايمز"، فإن نصف البريطانيين يؤيدون فكرة استفتاء جديد للانفصال في إسكتلندا.
وعمليا، يتوقف كل شيء على قرار بوريس جونسون الذي يجد نفسه في وضع مريح بالنظر للأغلبية المطلقة التي يمتلكها في البرلمان، وتحسن شعبيته داخليا بعد نجاح برنامج اللقاح وطنيا، وليس عليه أي ضغط حقيقي للسماح بهذا الاستفتاء.