العودة للاتفاق النووي.. أي إستراتيجيات لمعسكر الرافضين في واشنطن؟

A tote board shows the votes of members of Congress as U.S. Speaker of the House Nancy Pelosi (D-CA) presides over the final of two House of Representatives votes approving two counts of impeachment against U.S. President Donald Trump in the House Chamber of the U.S. Capitol in Washington, U.S., December 18, 2019. REUTERS/Jonathan Ernst
تأليب الكونغرس ضمن إستراتيجيات معسكر الرافضين للعودة للاتفاق النووي (رويترز)

بعد مرور أكثر من مئة يوم على تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، لم يحسم جو بايدن وإدارته بعد قضية العودة للاتفاق النووي الإيراني رغم الانخراط في المفاوضات غير المباشرة التي تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا.

ويلقي كل طرف على الآخر باللوم لعدم التوصل السريع لعودة الطرفين، الأميركي والإيراني، للالتزام ببنود الاتفاق المبرم عام 2015، والذي انسحبت منه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب منتصف عام 2018.

في الوقت ذاته، تشهد العاصمة الأميركية جهودا لا تتوقف من معسكر واسع لعرقلة أي انفراجة في ملف قضايا المفاوضات مع طهران، ويرى هذا الفريق "الاتفاق النووي القديم" غير مناسب لمواجهة تحديات اليوم.

الجزيرة نت رصدت 4 إستراتيجيات تستخدمها الأطراف المعادية لعودة العمل بالاتفاق النووي.

أولا: تأليب الكونغرس

خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في مارس/آذار الماضي، تعهد وزير الخارجية أنتوني بلينكن بعدم تقديم أي تنازلات لإيران لإقناعها بالعودة إلى الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015. ويعتبر الجمهوريون أن العودة للالتزام بهذا الاتفاق تعني رفعا تلقائيا للعقوبات على طهران.

وكتب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام مقالا نُشر أمس الاثنين بمجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) حذر فيه من أن إدارة بايدن على وشك منح إيران 90 مليار دولار كجزء من صفقة العودة للاتفاق النووي. وادعى أن النظام الإيراني سيستغل هذه الأموال ليدفع المنطقة للمزيد من عدم الاستقرار.

 

وأكد غراهام في المقال -الذي كتبه مشاركة مع المتحدثة السابقة باسم الخارجية مورجان أورتاغوس- أن "المفاوضات مع إيران جديرة بالاهتمام، لكن أعضاء الكونغرس والشعب الأميركي يستحقون الشفافية في هذه المفاوضات، وينبغي أن يحاسبوا إدارة بايدن على ما وعدت به وهو التوصل إلى اتفاق أفضل".

في ذات الوقت، ينشط صقور الجمهوريين بالكونغرس لعرقلة أي عودة محتملة للاتفاق النووي بما يقضي برفع بعض العقوبات عن إيران. وسيقدم عدد منهم أعضاء الحزب مشروع قرار عنوانه "قانون الضغط الأقصى".

وقد دفع بالفعل عدد من المشرعين الجمهوريين بمشروع باسم "قانون الضغط الأقصى" الذي من شأنه توسيع العقوبات المفروضة على طهران، ويهدف إلى منع الولايات المتحدة من إعادة الانضمام إلى الاتفاق الإيراني.

من جانبه، حذر ريتش غولدبرغ، مسؤول ملف إيران السابق بمجلس الأمن القومي والخبير حاليا بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في تغريدة له، من أن "هذا التشريع الجديد رسالة مهمة ليس فقط لإدارة بايدن، بل للشركات متعددة الجنسيات، وهو تذكير قوي بأن أي تخفيف للعقوبات يقدمه الرئيس سيكون مؤقتا، ولا يزال هناك خطر كبير في توقيع أي عقود مع إيران".

ثانيا: ترهيب للشركات.. الاتفاق مؤقت بطبعه

قالت "توتال" الفرنسية الكبرى للطاقة إنه من السابق لأوانه التفكير في العودة إلى إيران حتى مع خروج إشارات إيجابية من فيينا حول مسار المفاوضات بين طهران والقوى الكبرى.

وعبرت الشركة عن مخاوف العديد من نظرائها حول العالم، والتي ترى أن عليهم التريث والانتظار حتى ينكشف مصير العقوبات طويل الأمد قبل بدء النظر في العودة إلى إيران.

وأشار مدير توتال في إفادة صحفية "دعونا ننتظر المزيد من التطورات مع إدارة بايدن، لكن ما نحتاجه هو الوضوح والاستقرار لنكون في وضع يسمح لنا البدء في التفكير بعودة محتملة لإيران".

ويضغط الفريق المعارض للاتفاق النووي باستخدام ألية تخويف الشركات العالمية من مغبة العودة للعمل مع إيران فور رفع العقوبات المتوقع.

وغرد ريك غولدبرغ، مسؤول الملف الإيراني بمجلس الأمن القومي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، محذرا بالقول "يرفض الكثيرون في واشنطن الجهود التشريعية التي يبذلها الحزب الجمهوري لمنع رفع أو تخفيف العقوبات عن إيران بحجة عدم سيطرتهم حاليا على السلطة، هذا خطأ. القطاع الخاص متردد في التعاون، لأنهم يعرفون أننا سنعود".

 

ثالثا: الهجوم الشخصي على فريق التفاوض الأميركي

ولم يسلم الفريق الأميركي المفاوض من هجوم واسع عليه حتى من قبل بدء المفاوضات في فيينا. وبدء الهجوم على روب مالي مسؤول ملف إيران في البيت الأبيض.

وذكرت حملة تستهدف مالي أن له سجلا طويلا في استرضاء أعداء أميركا، وهو بالضبط الشخص الخطأ في مثل هذا المنصب، أو على الأقل سيكون كذلك إذا لم يكن هدف فريق بايدن هو إعادة عقارب الساعة إلى يناير2017.

وغرد مارك دوبوفيتز رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والمعارض للاتفاق النووي بالقول "أتفهم انهيار روب مالي وفريق التفاوض الأميركي مع اقتراب إسرائيل أكثر وأكثر من توجيه ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية التابعة للنظام الإيراني. تدمير المنشآت النووية قد يبعدهم عن الاتفاق، لكن ليس بما فيه الكفاية. وهذا لم يكن ضروريا إذا لم تتنازل هذه الإدارة طوعا عن كروتها التفاوضية".

 

كذلك تمت مهاجمة فريق التفاوض الأميركي، واتهامه بافتقاد أي عنصر يعرف تفاصيل العقوبات التي تم فرضها على إيران خلال السنوات الأخيرة، وتمادي البعض في الهجوم بالقول إن الفريق به خبراء في تفكيك العقوبات وليس في العقوبات ذاتها.

وغرد ريك غولدبرغ يقول "لقد هندس الكونغرس سياسة العقوبات ضد إيران في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وأُقرت مشاريع قوانين العقوبات رغم الاعتراضات القوية من جانب هذه الإدارة. ومع ذلك، كان هناك مهندسو تفكيك العقوبات خلال عهد أوباما".

 

رابعا: سلاح معارضة الدول المجاورة

تنشط عدة دول معارضة للاتفاق النووي في واشنطن للضغط على إدارة بايدن كي يأخذ مخاوفهم في الحسبان قبل الاتفاق مرة أخرى مع إيران.

وتتهم إسرائيل ودول خليجية إدارة أوباما بتجاهل مصالحها ومخاوفها مما أدى للتوقيع على "اتفاق معيب عام 2015" لم يردع أنشطة إيران في 4 دول عربية هي العراق واليمن وسوريا ولبنان.

ويستحضر هذا الفريق تجربة تفاوض الولايات المتحدة حول ملف كوريا الشمالية حيث شاركت الدول الإقليمية، كاليابان وكوريا الجنوبية وروسيا والصين، في هذه المفاوضات، ويطالب بمعاملة مماثلة أو الأخذ في الاعتبار بمواقف هذه الأطراف الإقليمية مثل إسرائيل والدول الخليجية.

وغرد الخبير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر محذرا من تبعات الاتفاق مع إيران، وقال "أميركا تمول مرة أخرى النظام في إيران. وستتدفق الأسلحة والأموال على وكلائه بالمنطقة. وسيعمل البيت الأبيض بجدية لمعالجة هذه القضايا الإقليمية، كما لو أنها لم تكن نتيجة مباشرة لإرسال أميركا الأموال إلى نظام يرعى الإرهاب".

المصدر : الجزيرة