مقال في لاكروا: قانون أملاك الغائبين بفلسطين.. قصة القوي الذي يطارد الضعيف لسلب أرضه
يتساءل الكاتب: كيف يمكن لشعب تكونت ذاكرته في المنفى والشتات أن يلحق بالآخرين المعاناة نفسها والظلم نفسه؟ ألم يكن عليه الشعور بالمسؤولية تجاه كل من "رحلوا" بدلا من استغلال غيابهم؟
إن الأخبار الآتية من القدس وغزة تجعلني أشعر باليأس، فقد أدى التهديد بنزع ملكية بيوت الأسر الفلسطينية التي تعيش في حي الشيخ جراح الصغير شمال البلدة القديمة إلى إشعال أعمال العنف من جديد، في تكرار للقصة القديمة نفسها التي أعادت كراهية آلاف السنين بسبب بضعة أفدنة من الأرض، وسندات ملكية ضاعت منذ مدة طويلة لتعود للظهور في ظروف غامضة، إنها القصة الرهيبة نفسها للقوي الذي يطارد الضعيف ويريد حرمانه من منزله.
بهذا الملخص لمت صحيفة "لاكروا" (La Croix) الفرنسية شتات قصة اندلاع العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما ينظر إليها الكاتب والروائي الفرنسي فريديريك بوير، مختصرة في وضع الفلسطينيين النازحين داخليا عام 1948، ممن وجدوا أنفسهم محرومين من أرضهم، إذ يتعجب من بشر أصلهم من التراب ويريدون أن يمنعوا الآخرين من التراب.
الغائبون الحاضرون
يقول بوير إنه لا يزال يذكر كيف سمى الكاتب الإسرائيلي دافيد غروسمان الفلسطينيين المهجرين داخليا في حرب عام 1948 "الغائبين الحاضرين"، ليشير إلى أنهم "حاضرون" على الأرض التي أصبحت أراضي الدولة الجديدة، "غائبون" عن منازلهم، محرومون من حق ملكية أراضيهم المعلنة شاغرة، وذلك استنادا إلى "قانون أملاك الغائبين" الذي سنّته إسرائيل عام 1950، لتنقل بموجبه أملاك الأشخاص الذين عُدّوا "غائبين" خلال الفترة بين عامي 1947 و1948 من إسرائيل إلى الدولة.
وتساءل الكاتب: كيف يمكن لشعب تكونت ذاكرته في المنفى والشتات أن يلحق بالآخرين المعاناة نفسها والظلم نفسه؟ مشيرا إلى أنه كان من الواجب الشعور بالمسؤولية تجاه كل من "رحلوا" بدلا من استغلال غيابهم.
ومع أن الفلسطينيين الذين يملكون أراضي داخل القدس استمروا في التمتع بممتلكاتهم بعد ضم الجزء الشرقي من المدينة عام 1967، فإن الإدارة الإسرائيلية المسؤولة عن نقل "أملاك الغائبين" مهدت الطريق في عام 2004 لمصادرة ممتلكات سكان القدس الشرقية، لتمكن مجموعة صغيرة من المستوطنين اليهود من خوض معركة قانونية لطرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح، متسلحين بملكية أسر يهودية قبل عام 1948.
وبعد التساؤل عمن يملك الأرض حقيقة، استعاد الكاتب ما يقوله كتاب اليهود المقدس، عندما دخل إبراهيم أرض الميعاد، "كان الكنعانيون موجودين بالفعل في هذه الأرض"، ولم يدع إلى طردهم أو القضاء عليهم.