فايننشال تايمز: المواجهة مع غزة أثبتت فشل إستراتيجية نتنياهو وخطرها على إسرائيل

الاحتجاجات متواصلة في الضفة الغربية والبلدات العربية داخل الخط الأخضر (الأناضول)

قال كبير المعلقين بقسم الشؤون الخارجية بصحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) جدعون راشمان، إن إستراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتأمين مستقبل إسرائيل وإخراجها من عزلتها عبر إرساء علاقات دبلوماسية مع دول الخليج وتهميش القضية الفلسطينية أثبتت فشلها، وتبين أنها ليست بديلا عن التوصل لتسوية عادلة مع الفلسطينيين.

وأشار راشمان إلى أن نتنياهو حقّق إنجازا تاريخيا في علاقات إسرائيل مع العالم العربي، حيث ساعدت "اتفاقيات أبراهام" على تطبيع العلاقات بينها وبين الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وبدا أن إسرائيل في عهده تعيش في سلام وتنعم بالرخاء وتخرج من عزلتها الدولية.

ويقول راشمان إن إستراتيجية نتنياهو لتأمين مستقبل إسرائيل انهارت الأسبوع الماضي، مع تصاعد المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية التي بدأت في القدس، وإطلاق الصواريخ على مدن إسرائيلية والقصف الإسرائيلي لغزة واندلاع اشتباكات عنيفة بين الفلسطينيين واليهود في مدن إسرائيلية عديدة، وتبين أن أمل رئيس الوزراء الإسرائيلي في تهميش القضية الفلسطينية مجرد وهم.

ورأى الكاتب أنه بتشجيع من إدارة ترامب، اتبعت حكومة نتنياهو ما أطلق عليه البعض إستراتيجية حل الصراع "من الخارج إلى الداخل"، وهي الفكرة التي مفادها أنه ينبغي على إسرائيل أن تسعى إلى عقد اتفاقات مع العالم الخارجي، وفي مقدمته العالم العربي، للمساعدة في حل نزاعها الداخلي مع الفلسطينيين.

وبحسب الكاتب فإن هذه الإستراتيجية مناقضة للمقاربة التقليدية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي تقوم على أنه يتعين على إسرائيل أولا تأمين تسوية مع الفلسطينيين قبل تحقيق سلام دائم مع دول الجوار وتقبل المجتمع الدولي لها.

ووفقا للكاتب فإن إدارة نتنياهو كانت تأمل في أن حرمان الفلسطينيين من الدعم العربي والدولي سيؤدي إلى إضعاف إرادة المقاومة الفلسطينية، وبالتالي إلى نسيان العالم للقضية، مما يسمح لإسرائيل بفرض شروطها على الشعب الفلسطيني الضعيف والمنقسم.

وقال إن صواريخ غزة التي تنهمر على المدن الإسرائيلية ألحقت أضرارا جسيمة ليس بالممتلكات والمواطنين فقط، بل بإستراتيجية نتنياهو أيضا، حيث يبدو الأمل الآن في نجاح سياساته في تهميش القضية الفلسطينية أمرا سخيفا.

وقد تجددت الإدانات الدولية للممارسات الإسرائيلية، جراء سقوط أعداد كبيرة من المدنيين في غزة، من بينهم العديد من الأطفال، ومن المستبعد أن تحقق إسرائيل مزيدا من النجاحات الدبلوماسية في ظل الوضع الحالي، وفقا للكاتب.

وأشار راشمان إلى الاشتباكات الوحشية بين اليهود وفلسطينيي الداخل، الذين يشكلون 20% من سكان إسرائيل، والتي أدت إلى نقل الصراع إلى داخل حدود إسرائيل نفسها، وسط خشية من إمكانية حدوث حرب أهلية.

وأوضح أن الخلل الرئيسي في إستراتيجية نتنياهو هو أنها تقوم على افتراض أن اليأس الفلسطيني سيؤدي إلى تحقيق الهدوء، والحقيقة هي أن الجرأة المتزايدة لليمين الإسرائيلي المتطرف، وتصميمه على المضي قدما في ضم المزيد من الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وفرا الشرارة التي أشعلت الحرب الأخيرة.

وختم الكاتب بأن أنصار نتنياهو كانوا يفاخرون بأن إستراتيجيته الدبلوماسية توفر طريقا للخروج من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لا يتطلب تقديم تنازلات مؤلمة من قبل إسرائيل بشأن الأرض وحقوق الفلسطينيين، لكن طريق نتنياهو للخروج من الصراع يبدو الآن مسدودا وخطيرا.

المصدر : فايننشال تايمز