العفو الدولية تدعو للتحقيق في هجمات إسرائيل على المنازل السكنية بغزة بوصفها جرائم حرب
قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) اليوم الثلاثاء إن القوات الإسرائيلية أظهرت تجاهلا مروعا لأرواح المدنيين الفلسطينيين من خلال شن عدد من الغارات الجوية التي استهدفت في بعض الحالات مباني سكنية، مما أسفر عن مقتل عائلات بأكملها -بمن فيهم أطفال- والتسبب في الدمار المتعمد للممتلكات المدنية، في هجمات قد ترقى إلى حد جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وقد وثقت المنظمة 4 هجمات مميتة شنتها إسرائيل على منازل سكنية دون سابق إنذار، وتحث المنظمة المحكمة الجنائية الدولية على التحقيق بشكل عاجل في هذه الهجمات.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsصحفي وكاتب إسرائيلي: يستحيل إطلاق الصواريخ من مبانٍ مدنية بحسب قوانين الفيزياء
الجنائية الدولية: قلقون إزاء تصاعد العنف في غزة والضفة الغربية
إسرائيل تستهدف صحفيين والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة يدين
وقد أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة عن استشهاد 220 فلسطينيا، بينهم 61 طفلا و36 امرأة، في حين أصيب نحو 1400 بجروح مختلفة. وفي المقابل، قتل 10 أشخاص في إسرائيل -بينهم طفلان- وأصيب ما لا يقل عن 27 آخرين في هجمات فلسطينية.
وقال صالح حجازي نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن "هناك نمطا مروعا يظهر من قيام إسرائيل بشن غارات جوية على غزة مستهدفة المباني السكنية ومنازل العائلات، مما أدى في بعض الحالات إلى دفن عائلات بأكملها تحت الأنقاض عندما انهارت المباني التي كانوا يعيشون فيها، وفي الحالات الموثقة أدناه لم يتم توجيه إنذار مسبق للسكان المدنيين للسماح لهم بمغادرة المكان".
وأضاف حجازي أنه "بموجب القانون الإنساني الدولي يجب على جميع الأطراف التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، وتوجيه هجماتها فقط إلى الأهداف العسكرية، وعند تنفيذ هجمات يجب على الأطراف اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين".
وتابع "على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي لم يقدم أي تفسير لطبيعة الأهداف العسكرية التي كان يستهدفها في هذه الهجمات فإنه من الصعب تخيل كيف يمكن اعتبار قصف المباني السكنية المكتظة بالعائلات المدنية من دون سابق إنذار فعلا متناسبا بموجب القانون الإنساني الدولي، لا يمكن استخدام أسلحة متفجرة واسعة النطاق مثل قنابل الطائرات التي يبلغ نطاق انفجارها عدة مئات من الأمتار في مناطق مأهولة بالسكان دون توقع وقوع خسائر مدنية كبيرة".
ويقول حجازي "من خلال تنفيذ هذه الهجمات المميتة الصارخة على منازل العائلات من دون سابق إنذار أظهرت إسرائيل ازدراء صارخا لأرواح المدنيين الفلسطينيين الذين يعانون قبل ذلك من العقاب الجماعي بفعل الحصار الإسرائيلي غير القانوني المفروض على غزة منذ عام 2007".
ويزعم الجيش الإسرائيلي أنه لا يهاجم سوى أهداف عسكرية، وقد برر الضربات الجوية على المباني السكنية على هذا الأساس، ولكن سكان بنايات تم استهدافها أخبروا منظمة العفو الدولية أنه لم يكن هناك مقاتلون أو أهداف عسكرية في الجوار وقت حدوث الهجمات الموثقة.
وقال حجازي إن "الهجمات المتعمدة على المدنيين والممتلكات المدنية والبنى التحتية هي جرائم حرب، وكذلك الهجمات غير المتناسبة، المحكمة الجنائية الدولية لديها تحقيق جارٍ حول الوضع في فلسطين، ويجب أن تحقق في هذه الهجمات على وجه السرعة بوصفها جرائم حرب، كما ينبغي للدول أن تنظر في ممارسة الولاية القضائية العالمية على أولئك الذين يرتكبون جرائم حرب، إن الإفلات من العقاب لا يؤدي إلا إلى تأجيج نمط الهجمات غير القانونية وإراقة دماء المدنيين، وهو ما وثقناه مرارا وتكرارا أثناء الهجمات العسكرية الإسرائيلية السابقة على غزة".
ومنذ 11 مايو/أيار الجاري دمر ما لا يقل عن 152 عقارا سكنيا في غزة، وفقا لمركز الميزان لحقوق الإنسان، وهو منظمة لحقوق الإنسان ومقرها غزة.
وبحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في غزة، دمرت الضربات الإسرائيلية 94 مبنى تشمل 461 وحدة سكنية وتجارية، في حين تضررت 285 وحدة سكنية بشدة وأصبحت غير قابلة للسكن.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بات أكثر من 2500 شخص بلا مأوى بسبب تدمير منازلهم، كما نزح داخليا أكثر من 38 ألف شخص ولجؤوا إلى 48 مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مختلف أنحاء غزة.
وسبق لمنظمة العفو الدولية أن نشرت أدلة على أن الجيش الإسرائيلي انتهج سياسة متعمدة قائمة على استهداف منازل العائلات خلال نزاع 2014.
هجمات مدمرة
وفي واحدة من أعنف حلقات القصف منذ بدء القتال الأخير شنت إسرائيل غارات جوية على المباني السكنية والشوارع في مدينة غزة بين الساعة الواحدة والثانية صباحا في 16 مايو/أيار الجاري، ودمرت الهجمات مبنيين سكنيين يعودان لعائلتي أبو العوف وكولاك، مما أسفر عن مقتل 30 شخصا، من بينهم 11 طفلا.
كما دمر مبنى وزارة العمل في غزة في الهجمات، ونجم عن الهجوم ذاته إغلاق شارع الوحدة أحد الطرق الرئيسية المؤدية إلى مجمع الشفاء الطبي، وهو المستشفى الرئيسي في مدينة غزة.
ولم تتلق العائلات المقيمة في مبنى أبو العوف المؤلف من 4 طوابق -والذي يضم شققا سكنية ومتاجر- أي تحذير مسبق، وقد دفنت جميعها تحت الأنقاض في الهجوم.
وكان المسعف في مجمع الشفاء الطبي يوسف ياسين من أوائل الواصلين إلى موقع مبنى أبو العوف بعد الهجوم، وساعد إلى جانب فريق الهلال الأحمر في انتشال الناجين من تحت الأنقاض، ووصف المشهد لمنظمة العفو الدولية بأنه "دمار هائل".
ويقول يوسف "ساعدت في إخراج 4 جثث، لكن العدد كان أكبر بكثير، كان الوضع في غاية الصعوبة، لم يكن هناك تحذير مسبق، لذلك كان الناس في منازلهم يجلسون معا، فهذه منطقة مفعمة بالحركة والنشاط".
وقبل منتصف ليل 14 مايو/أيار بقليل أصابت الضربات الجوية الإسرائيلية مبنى مكونا من 3 طوابق لعائلة العطار في بيت لاهيا، مما أسفر عن مقتل لمياء حسن محمد العطار البالغة من العمر 28 عاما وأطفالها الثلاثة إسلام (7 أعوام)، وأميرة (6 أعوام)، والرضيع محمد البالغ من العمر 8 أشهر.
وقال حسن العطار (والد لمياء) -وهو ضابط في الدفاع المدني- لمنظمة العفو الدولية إنه توجه إلى مكان الهجوم بسيارة إسعاف بصحبة فريق إنقاذ بعد أن اتصل به أحد أقاربه ليبلغه بالهجوم، وأوضح "أخبرني أن منزلنا تعرض للقصف، وأنه كان عالقا تحت الأنقاض والركام مع زوجته وأطفاله".
ويتابع "وصلت إلى المنزل المكون من 3 طوابق –يعيش فيه 20 شخصا- حاولت العثور على أحد، لكني لم أستطع، ثم وصل فريق الإنقاذ للمساعدة وعثرنا على ابنتي في نهاية المطاف (أم لـ3 أطفال) مع أطفالها -أحدهم رضيع- تحت أحد أعمدة المنزل، كلهم أموات، يبدو أن بقية السكان تمكنوا من الفرار من فتحة بعد القصف ووصلوا إلى المستشفى، لقد صُدمت".
وبالإضافة إلى المنازل السكنية دمرت الهجمات الإسرائيلية البنى التحتية للمياه والكهرباء وكذلك المرافق الطبية، وأوقفت عمليات محطة تحلية مياه البحر في شمال غزة التي تزود أكثر من 250 ألف شخص بالمياه.