صحفي وكاتب إسرائيلي: يستحيل إطلاق الصواريخ من مبانٍ فلسطينية بحسب قوانين الفيزياء

لحظة انهيار برج الجلاء الذي يضم مكتب الجزيرة في غزة عقب غارات إسرائيلية عليه (رويترز)

قال الكاتب والمصور الإسرائيلي يوسي جوربيتس إن "إحدى الأكاذيب التي أصبحت حقيقة مقبولة هنا -والتي تثير اشمئزازي بشكل خاص- هي الادعاء بأن حماس تطلق النار من المباني المدنية".

وأضاف -عبر حسابه بتويتر- أن كل من درس قوانين الفيزياء يستطيع أن يدرك أنه من المستحيل إطلاق صاروخ من المبنى (الذي يُطلق منه) دون تدمير الصاروخ وقتل مطلقيه وغيرهم من الأشخاص المتواجدين في هذا المبنى، وينطبق الأمر ذاته في حال إطلاق النار من أسطح المباني. والحقيقة أنه يتم إطلاق النار من مناطق مفتوحة ومن الخنادق، وفق قوله.

وعلق مغردون إسرائيليون على تغريدة جوربيتس، وهاجمه بعضهم قائلين إنه يتبنى رواية حركة حماس ويدافع عنها، بينما قال آخرون إنه "رغم كل الدماء الذي تسببنا فيها فإن قوة حماس النارية لم تنخفض"، وعلق الكاتب الإسرائيلي قائلا إن الجيش الإسرائيلي غير مبال بإصابات المدنيين (الفلسطينيين)، ولكنه أحيانا ما يكون حريصا على أغراض العلاقات العامة.

إعلان

وعلق أحد المغردين -واسمه ايدان لانداو- برابط من مدونته التي ينشر عليها تعليقات مختلفة، حيث كتب أنه لا يوجد دليل على مزاعم إسرائيل بأن جيشها يقتل الأبرياء، فقط لأنّ فِرق إطلاق النار التابعة لحماس تختبئ في منازل مدنية وتطلق النار منها.

وأضاف لانداو -وهو أستاذ اللغويات في جامعة بن غوريون- أن خطاب الجيش الإسرائيلي يكون غامضا بهذا الخصوص، فمثلا يقول إن المبنى "تستخدمه حماس"، لكن بدون توضيح عما إذا كان يُستخدم لطبع منشورات مثلا أو لأكل طعام، وأضاف أن بنك الأهداف الإسرائيلية يشمل أماكن مثل برج الجلاء الذي يضم مكاتب إعلامية مختلفة، وفي المقابل يستأجر الجيش الإسرائيلي مكاتب خاصة به عادة إلى جانب محاسبين ومحامين وشركات أعمال في قلب تل أبيب وشوارعها الرئيسية، "فهل هذا يجعلها أهدافا مشروعة لصواريخ حماس؟ بحسب منطق الجيش الإسرائيلي، الجواب نعم"، يقول الكاتب.

ويتابع "قصفت إسرائيل بنكَ الإنتاج في غزة بدعوى أنه يتم استخدامه من قبل حماس"، وأضاف "هل يوجد بنك في إسرائيل لا يحافظ على علاقات مع الجيش الإسرائيلي"، وذلك بحسب تدوينته التي عنونها بـ"نزول السلم الأخلاقي: 5 مراحل في انهيار الدعاية الإسرائيلية".

وأضاف الأكاديمي أن الجيش الإسرائيلي يستهدف منازل نشطاء حماس والجهاد باعتبارها أهدافا مشروعة ويدعي أنها "بنية تحتية عملياتية للمنظمة"، لكن القانون الإنساني الدولي لا يقبل ذلك.

وإضافة لذلك، لم يدّع أي مسؤول إسرائيلي أن هناك صلة بين منزل مهاجم وأي نشاط عسكري يتم تنفيذه. وقد قصف الجيش منزل عائلة في بيت حانون يوم 13 مايو/أيار الجاري، حيث قُتلت أم حامل و4 أطفال، وقتلت عائلات وأطفال في مخيم الشاطئ بدون توضيح أي علاقة بين نشاط عملياتي وبين المنازل المدنية، وبدون تلقي سكان البيوت المستهدفة أي تحذير مسبق.

إعلان

وأظهرت فيديوهات لإطلاق الصواريخ من غزة أن عملية الإطلاق تكون من مواقع مفتوحة وبعيدة عن بيوت المدنيين.

وكانت منظمة “هيومان رايتس ووتش” (Human Rights Watch) قد وثّقت قتل مدنيين فلسطينيين كانوا “يرفعون رايات بيضاء” في حرب عام 2014 بقطاع غزة، مؤكدة أن هؤلاء المدنيين لم يكونوا دروعا بشرية لمقاتلي حماس ولم يُقتلوا في تبادل لإطلاق النار، بينما اعتبر تقرير لمنظمة العفو الدولية أن مزاعم إسرائيل بشأن استهداف الفصائل الفلسطينية مدارس أو مباني مدنية لإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون لا يوجد دليل يدعمها.

قصف أبراج وبنوك مدنية

وكانت مقاتلات إسرائيلية قد قصفت أول أمس الجمعة مقر بنك "الإنتاج" الفلسطيني، المجاور لأكبر مستشفى في قطاع غزة، وهو ما أسفر عن تدميره بالكامل.

وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف إن التقديرات الأولية للخسائر نتيجة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغت 73 مليون دولار.

وأشار معروف -خلال مؤتمر صحفي- إلى أن هناك خسائر مباشرة بقيمة 15 مليون دولار في المنشآت الاقتصادية والتجارية جراء قصفها، ومن ضمنها قصف 3 مقرات لبنوك محلية.

وأفاد معروف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف 60 مقرا حكوميا، تنوعت بين مقرات شرطية وأمنية ومرافق خدماتية. بالإضافة إلى تدمير أكثر من 500 وحدة سكنية بالكامل.

واستهدفت طائرات الاحتلال برج الجلاء الذي يضم مقرّ شبكة الجزيرة في غزة بسلسة غارات أدّت إلى انهياره بالكامل، ويضم المكتب أيضا وسائل إعلام مختلفة بينها وكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press) الأميركية، ورفض ضابط مخابرات إسرائيلي السماح للموظفين في البرج بالعودة إلى إخراج بعض مقتنياتهم وأدوات العمل الإعلامية، إذ أمهلهم الضابط في اتصال هاتفي بضع دقائق. وكان البرج -وهو من بين الأقدم في القطاع- يضم 60 شقة، تقطن فيها أسر، وتعمل فيه فئات مهنية من المحامين والأطباء وغيرهم.

إعلان

وقال رئيس شبكة الصحافة الأخلاقية الدولية آيدن وايت إن استهداف إسرائيل مكاتب صحفية دولية في غزة يرقى إلى جريمة حرب تستحق المساءلة.

بالمقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه كانت توجد في مبنى الجلاء مكاتب إعلامية مدنية "تتستر من ورائها حماس وتستخدمها دروعا بشرية".

وأضاف الجيش أن "طائراته المقاتلة قصفت المبنى المؤلف من عدة طوابق والذي يضم أصولا عسكرية تخص مكاتب مخابرات منظمة حماس الإرهابية"، حسب وصفه. بينما وصف غاري برويت -الرئيس التنفيذي لوكالة أسوشيتد برس- الضربةَ بأنها "تطور مزعج بشكل لا يصدق"، وقال إن 12 صحفيا ومتعاقدا من العاملين بالوكالة كانوا بالمبنى وتم إجلاؤهم في الوقت المناسب.

وأضاف -في بيان- "شعرنا بالصدمة والذعر عندما علمنا أن الجيش الإسرائيلي سيستهدف ويدمر المبنى الذي يضم مكتب أسوشيتد برس ومكاتب مؤسسات إعلامية أخرى في غزة.. لن يعلم العالم الكثير عما يحدث في غزة بسبب ما حدث اليوم".

وقال نتنياهو -في خطاب متلفز مساء أمس السبت- إن "الحملة ستستمر ما دامت مطلوبة"، وزعم أن "المخابرات العسكرية التابعة لحماس كانت تعمل داخل المبنى".

وتستشهد إسرائيل بشكل روتيني بوجود حماس كمبرر لاستهداف مواقع معينة في الغارات الجوية، بما في ذلك المباني السكنية. كما اتهم الجيش حماس باستخدام الصحفيين كدروع بشرية، لكنه لم يقدم أدلة تدعم هذه المزاعم، بحسب أسوشيتد برس.

وبحسب البيان -الصادر عن أسوشيتد برس- عملت الوكالة الأميركية "في المبنى لمدة 15 عاما، بما في ذلك خلال 3 حروب سابقة بين إسرائيل وحماس، دون استهدافها بشكل مباشر خلال تلك الصراعات بالإضافة إلى الصراع الحالي، وقدمت كاميرات وكالة الأنباء من مكتبها في الطابق العلوي وتراس السطح لقطات حية على مدار 24 ساعة، حيث كانت صواريخ المسلحين تتجه نحو إسرائيل وتضرب الغارات الجوية الإسرائيلية المدينة ومحيطها". وفق تعبير الوكالة.

إعلان

وقال برويت -الرئيس والمدير التنفيذي للوكالة الأميركية- "ليس لدينا أي مؤشر على أن حماس كانت في المبنى أو نشطة فيه.. هذا شيء نتحقق منه بنشاط بأفضل ما في وسعنا.. لن نعرض صحفيينا للخطر عن قصد".

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان