زحف نحو الحدود ومظاهرات لا تتوقف.. الأردن يغضب للقدس وفلسطين ودعوات لقطع العلاقات مع إسرائيل

الزحف الشبابي نحو الحدود استمر لليوم الثاني على التوالي وسط غضب أردني متصاعد مما يجري في فلسطين (الأناضول)

لليوم الثاني على التوالي يحزم العشريني مراد العبادي حقيبته ويتوجه صوب الحدود الأردنية الفلسطينية، يدفعه بذلك الشوق لعبور الحدود ومشاركة الفلسطينيين دفاعهم عن مدينة القدس والمسجد الأقصى، وحماية العائلات المهددة بالطرد من بيوتها في حي الشيخ جراح.

يقول العبادي إنه تمكن أمس الجمعة من الوصول إلى منطقة قريبة جدا من الحدود مع فلسطين المحتلة يرافقه مجموعة من الشباب الغاضب، إلا أن قوات الجيش الأردني الموجودة على الحدود، حالت دون تقدمهم أكثر.

يقول العبادي للجزيرة نت -وهو يعتمر الكوفية الفلسطينية- "جئنا للدفاع عن فلسطين، ولإيصال رسالة للعدو الصهيوني أن في الأردن رجالا يحبون الموت دفاعا عن الأقصى والمقدسات، ولمطالبة حكومتنا بطرد السفير الصهيوني من عمان وإغلاق سفارة الاحتلال".

 

 

وتستمر المظاهرات التي يشارك بها الآلاف الذين زحفوا نحو الحدود الغربية مع فلسطين من مختلف مناطق الأردن منذ يوم أمس الجمعة -على وقع ما يجري في فلسطين وفي الذكرى الـ73 للنكبة الفلسطينية- في منطقة الأغوار الحدودية مع فلسطين.

ويأتي الزحف نحو الحدود تتويجا لفعاليات جماهيرية غاضبة بدأت منذ الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك على وقع الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك، وارتفعت وتيرتها مع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

تظاهرات اليوم تزامنت مع الذكرى 73 للنكبة الفلسطينية. الجزيرة نت . منطقة الشونة الجنوبية في الأغوار الأردنية قرب الحدود الأردنية الفلسطينية غرب الأردن_

73 عاما على النكبة

ويلفت مشاركون ومراقبون لأهمية مظاهرات هذا العام، التي تتزامن مع الذكرى الـ 73 للنكبة الفلسطينية، عوضا عن أنها تأتي في ظل الصدامات التي تعيشها جميع مناطق فلسطين التاريخية من جهة، لتأتي التظاهرات على الحدود مع فلسطين تأكيدا لحق العودة الذي يتمسك به ملايين اللاجئين خارج فلسطين، حيث يعيش الملايين منهم في الأردن.

وتنوعت الفعاليات الشعبية في الأردن، بين الاعتصام اليومي قرب السفارة الإسرائيلية في عمان، إضافة للمسيرات والاعتصامات اليومية في محافظات ومدن المملكة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

كما برزت تحركات لافتة من خلال اعتصامات ومبادرات وبيانات لعشائر أردنية في كافة محافظات المملكة، إضافة لتجمعات شبابية مسائية على الجبال المطلة على فلسطين في مدن السلط ومأدبا والكرك والطفيلة وعجلون، لتصوير صواريخ المقاومة المتجهة نحو مناطق الاحتلال.

وتطالب تلك الفعاليات والتحركات بإلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، ووقف استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الاحتلال الإسرائيلي، وطرد السفير الإسرائيلي من عمان، وإعادة السفير الأردني من تل أبيب.

واللافت في تلك الاعتصامات أن غالبية المشاركين فيها من جيل الشباب، وأنها عابرة للأطر الحزبية والمعارضة التقليدية، حيث ينظمها ويقودها شباب من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي بعيدا عن حسابات السياسيين والحزبيين.

الشاب مراد العبادي معتمرا الكوفية الفلسطينية يتظاهر احتجاجا على الاحداث. الجزيرة نت . منطقة الشونة الجنوبية في الأغوار الأردنية قرب الحدود الأردنية الفلسطينية غرب الأردن_
المشاركون في المظاهرات شبان زحفوا من مختلف مناطق الأردن نحو الحدود (الجزيرة)

موقف شعبي متقدم

وبرأي الناشط السياسي أحمد حسن الزعبي فإن "عنصر الشباب الفاعل في النشاطات تجاوز الخطابات والبيانات الحزبية والمواقف الرسمية، دافعهم في هبتهم الشعبية حبهم لفلسطين وغضبهم مما يجري هناك، وهؤلاء الشباب ولدوا بعد اتفاقيات السلام سواء اتفاقية السلام الفلسطينية الإسرائيلية في أوسلو، أو معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في وادي عربة، ولا يعترفون بها، ويتمتعون بوعي أكبر، ومساحة تحرك أوسع بعد وصولهم للخطوط الأمامية على المنطقة الحدودية أمس".

وتابع الزعبي للجزيرة نت "هناك تفاوت كبير بين الموقف الشعبي والرسمي إزاء الأحداث الأخيرة، فالموقف الشعبي الغاضب على مدى أكثر من أسبوع متقدم جدا على الموقف الرسمي المكتفي بالبيانات التقليدية، دون خطوات حقيقية على أرض الواقع".

وأضاف "نحن أصحاب الوصاية على القدس والمقدسات، وواجبنا حمايتها، وإذا لم نتحرك الآن متى سنتحرك؟ لدينا أوراق ضغط سياسية واقتصادية على الاحتلال الصهيوني متى سنستخدمها؟".

تظاهرات أردنية قرب الحدود مع فلسطين
شبان من مختلف الأعمار زحفوا نحو الحدود مع فلسطين تضامنا مع الشعب الفلسطيني (الجزيرة)

الموقف الرسمي

سياسيا، أعلنت الحكومة الأردنية أنها تنسق مع دول عربية وإقليمية لوقف العدوان المستمر على قطاع غزة منذ أيام، كما حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من "ترك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون حل شامل وعادل ينهي الاحتلال ويلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني"، مؤكدا في تصريحات صحفية أمس أن "ما ينتج عن الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل ضد المسجد الأقصى المبارك والمقدسيين من عنف، يهدد الاستقرار والأمن، ويغذي التطرف ويعزز خطاب الكراهية".

أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فقال خلال كلمته في اجتماع وزراء الخارجية العرب إن "الأردن سيتخذ، كما فعل دوما، كل الخطوات اللازمة لإسناد الأشقاء، وحماية المقدسات وحماية حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وحق المنطقة في السلام العادل والشامل، ولن تحقق عدوانية إسرائيل وخرقها للقانون الدولي إلا تأجيج الصراع وتوسعته، ودفعه نحو الانفجار، ولن تنعم إسرائيل بالأمن إن لم ينعم الفلسطينيون به".

أما مجلس النواب الأردني فطالب حكومة بلاده عبر مذكرة نيابية وقع عليها 105 نواب من أصل 130 نائبا بـ"طرد السفير الإسرائيلي من عمان وإغلاق السفارة، وعودة سفيرنا من تل أبيب، وإعادة النظر ببنود اتفاقية وادي عربة، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف الانتهاكات بحق القدس".

تظاهرات أردنية قرب الحدود مع فلسطين
شبان غاضبون تحركوا بفعل دعوات على منصات التواصل وخارج أطر المواقف الحزبية والسياسية (الجزيرة)

أدوات نضالية جديدة

بدوره قال الناشط السياسي في مخيم البقعة -أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن- خالد عرار للجزيرة نت إن "المخيمات الفلسطينية بصفتها الشاهد الرئيسي على نكبة فلسطين عام 1948 وتهجير أهلها، متفاعلة دائما مع أي أحداث تجري في القدس والمسجد الأقصى وغزة والداخل الفلسطيني".

وتابع أن "حالة التفاعل الأردني في المحافظات والقرى المختلفة مرده أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين، ويعبر عنها الأردني الأصيل ابن مدن معان وأربد والكرك، كما تعبر عنها المخيمات الفلسطينية".

وأضاف عرار أن "الشباب من 16 إلى 24 عاما استطاعوا قيادة الشارع الغاضب والتعبير عن حبهم ووطنيتهم بشكل عفوي بعيدا عن حسابات الحزبيين والسياسيين، وأبدعوا في ابتكار أدوات نضالية جديدة، مستعينين بوسائل التواصل الاجتماعي".

ويؤشر اعتصام آلاف الشباب الغاضب على المنطقة الحدودية مع فلسطين على مدى يومين، وما رافقها من اندفاع الشباب بشكل لافت نحو محاولة اختراق الحدود خلال اعتصام أمس الجمعة ووصول عدد منهم لمناطق التماس -وفق خبراء ومراقبين- إلى أنها ستؤسس لمرحلة جديدة من الحراك الشعبي الذي لم يعد يكتفي بالتحركات الرمزية، بل بات يؤسس لمرحلة الانخراط المباشر في الاشتباك مع الاحتلال الذي يوسع كل يوم من انتهاكاته وحروبه على الشعب الفلسطيني.

المصدر : الجزيرة