قصف وشهداء وغياب مظاهر الفرح.. عيد غزة برسم الحرب ولون الدم

غاب العيد وحلت مظاهر الحرب في غزة التي تعبش حربا إسرائيلية جديدة عليها (رويترز)

غابت تكبيرات العيد، وخيم الصمت على مساجد قطاع غزة عشية ليلة عيد الفطر المبارك، واستبدل الغزيون "كل عام وأنتم بخير" كتهنئة تقليدية بحلول عيد الفطر بعبارات أخرى يتمنون بها السلامة لبعضهم البعض والنصر للمقاومة، في ظل "حرب مجنونة" تشنها إسرائيل على القطاع صبغت العيد فيه بلون دم الشهداء.

ويحل العيد على أهالي غزة بالتزامن مع حرب دامية تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي لليوم الثالث على التوالي، استشهد خلالها العشرات بينهم أطفال ونساء، فضلاً عن مئات الجرحى ودمار هائل لحق بأبراج ومنازل سكنية، ومنشآت مدنية وبنية تحتية.

 

الحرب تغتال فرحة العزيين بالعيد وتلحق خسائر اقتصادية فادحة -رائد موسى-الجزيرة نت
مرتجى أصر على فتح محله المخصص لبيع حلويات العيد عله يبيع بضائعه لكنه لم يجد من يشتريها في ظل القصف والحرب (الجزيرة)

مدينة أشباح
وفي ظل تحليق مكثف لطائرات إسرائيلية في الأجواء، تحولت غزة إلى "مدينة أشباح" اختفت من شوارعها حركة السيارات والمارة، وأغلقت أغلب المحال التجارية أبوابها، وفضّل السكان التزام منازلهم التي غابت عن أغلبها الكهرباء جراء أضرار أصابت خطوط نقلها بفعل الغارات الجوية.

مدينة غزة، كبرى مدن القطاع، تكون عادة في مثل هذا الوقت تدب بالحركة والنشاط، وتعج أسواقها بالمتسوقين استعداداً للعيد بشراء الملابس الجديدة للأطفال، والحلويات والمسليات التي تزين الموائد لاستقبال الزوار والمهنئين، غير أنها تنال القسط الأكبر من الاستهداف الإسرائيلي.

يَحتفِلُ الغَزِّيُّون بـالعيد على طريقتِهِم الخاصة ♥️. كل عام وفلسطين حرَّة أبيّة.

تم النشر بواسطة ‏‎Qusay Lafi‎‏ في الأربعاء، ١٢ مايو ٢٠٢١

الأسبوع الماضي، رفعت الإدارة الحكومية التي تقودها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) القيود التي كانت تفرضها لمجابهة جائحة كورونا، غير أن اندلاع الحرب ضرب مساعيها لتنشيط الحركة التجارية استعداداً للعيد.

وحثت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، في غزة، كبار السن والمرضى والنساء والأطفال على أداء صلاة العيد جماعة في المنازل، حرصاً على سلامتهم، في ظل تزامن العيد مع العدوان الإسرائيلي وجائحة كورونا.

عائلات تشردت عشية العيد إثر قصف شقق ومنازلها -رائد موسى-الجزيرة نت
عائلات شُردت عشية العيد إثر قصف منازلها (الجزيرة)

مظاهر غائبة
وتجنباً لخسائر فادحة، خاطر عمر مرتجى خلال اليومين الماضيين، وقام بفتح محله التجاري في شارع الثلاثيني الرئيسي بمدينة غزة، أملاً في ترويج بضائع تزود بها قبيل اندلاع الحرب، لكن آماله ذهبت أدراج "غبار الانفجارات".

ويعتاش مرتجى (53 عاماً) وأسرته من محل تجاري صغير لبيع المسليات وحلوى العيد، ويعمل برفقته 3 من أبنائه، وقال للجزيرة نت "مردود موسم عيد الفطر يمثل حوالي 30% من الدخل السنوي للمحل".

كل عام وأنتم جميعاً بخير وأمان ،، حفظ الله شعبنا من كل سوء ،، وحمى الله الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه . #كل_عام_وأنتم_بخير

تم النشر بواسطة ‏اياد ابو حجير‏ في الأربعاء، ١٢ مايو ٢٠٢١

وأضاف "الخسائر فادحة، فالناس تتخوف من الحركة خشية الاستهداف من الطائرات الحربية الإسرائيلية، فمن الذي سيخرج لشراء الملابس وحلويات العيد وهو لا يأمن على نفسه وأسرته من موت يبثه الاحتلال في كل مكان، وداهم البعض حتى داخل المنازل الآمنة".

واعتاد مرتجى أن يعج محله بالزبائن والمتسوقين في الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وتزداد الحركة التجارية نشاطاً "يوم الوقفة" عشية العيد، لكنه هذه المرة ينظر بحسرة إلى بضائعه المتكدسة أمامه.

ولم يفتتح منير النعيزي صالون الحلاقة الذي يمتلكه في شارع الوحدة الرئيسي بمدينة غزة.
وقال للجزيرة نت "هذا هو موسمنا، فالشباب ينتظرون اليوم الأخير من رمضان ويتوافدون إلى الصالون لتصفيف شعورهم من أجل العيد".

ويقع هذا الصالون على بعد أمتار قليلة من "برج الجوهرة" الذي تعرض للقصف والتدمير جراء غارات جوية إسرائيلية استهدفته، وألحقت أضراراً مادية جسيمة بالمباني والمنشآت المجاورة.

وقال النعيزي إن دخل الصالون قبيل يومي عيدي الفطر والأضحى يمثل جزءا مهما من الدخل السنوي الذي يتيح له الإيفاء بالالتزامات من إيجار محل وأمور أخرى، ويخشى المواطن من خسائر تفقده القدرة على الإيفاء بالتزاماته المالية.

اختفت مظاهر العيد وحل مكانها الحزن والدم ووداع الشهداء في غزة (الأوروبية)

معايدات برسم الحرب
ونتيجة عدم القدرة على الحركة للتزاور، لجأ غزيون إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتهنئة بعضهم البعض بالعيد بصياغات إبداعية مزجت بين مناسبة العيد ومشاعر وطنية وأمنيات بالنصر للمقاومة.

وكتب المهندس إياد أبو حجير على صفحته الشخصية على فيسبوك "كل عام وأنتم جميعاً بخير وأمان.. حفظ الله شعبنا من كل سوء.. وحمى الله الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه".

وعلى طريقته الخاصة كتب الناشط الشبابي محمود لافي على فيسبوك تهنئة بالعيد، قال فيها "كل عام وغزة وأهلها بألف خير.. فلا خير وقوة بدون غزة".

ومع صورة له في الميدان خلال تغطية تطورات الحرب على غزة، كتب الصحفي أحمد شلدان "ختمنا هذا الشهر الفضيل ونحن على ثغور العمل.. تقبل الله صيامكم، وكل عام وأنتم إلى النصر والحرية أقرب".

المصدر : الجزيرة