أحداث الأقصى تقضي على آمال بايدن بتجاهل الملف الفلسطيني الإسرائيلي

التصعيد الإسرائيلي في القدس المحتلة وقطاع غزة يجر إدارة بايدن نحو الملف الفلسطيني الإسرائيلي الذي حاولت تجاهله (رويترز)

"آخر ما كان يأمله الرئيس جو بايدن هو أن يضطر للتدخل في إدارة ملف الصراع العربي الإسرائيلي؛ خاصة ما يتعلق فيه بالجانب الفلسطيني"، بهذه الكلمات تحدث سفير عربي سابق في واشنطن للجزيرة نت.

وبايدن، الذي ورث واقعا جديدا أملته سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي انتهت بـ"اتفاقيات أبراهام"، التي طبعت علاقات إسرائيل بـ4 دول عربية؛ هي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب، في وقت لم يغير بايدن فيه قرارات ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والإقرار بسيادتها على مرتفعات الجولان السورية.

وتهتم إدارة بايدن منذ وصولها للحكم في 20 يناير/كانون الثاني الماضي بقضيتين فقط من قضايا الشرق الأوسط؛ وهما ملف التفاوض حول الاتفاق النووي مع إيران، والتركيز على إيقاف الحرب في اليمن، وتجاهل بايدن ملف عملية السلام والعلاقات مع الفلسطينيين.

وأضاف السفير العربي، الذي رفض أن يُذكر اسمه "كانت آمال بايدن تركز على توسيع اتفاقيات أبراهام في محاولة لضم المزيد من الدول العربية إليها، الساعة الآن رجعت سنوات للوراء، بعد تطورات الساعات والأيام الأخيرة".

وتبنت إدارة بايدن، أمس الاثنين، موقفا أميركيا تقليديا ومتوقعا بإدانة الهجمات الصاروخية، التي ردت بها فصائل المقاومة الفلسطينية على الانتهاكات الإسرائيلية في القدس، في الوقت الذي حثت فيه واشنطن جميع الأطراف على التهدئة.

تجاهل مقصود من بايدن

لم يتوقع خبراء شؤون عملية سلام الشرق الأوسط أي انفراجة كبيرة في ملف التفاوض المباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو أن تقوم واشنطن بخطوات جادة للتوسط بين الطرفين.

وشاهد بايدن خلال ما يقرب من نصف قرن من العمل السياسي في واشنطن، سواء كسيناتور أو رئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أو نائب للرئيس، جهود الرؤساء الأميركيين التي انتهت كلها بالفشل في إقرار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وظهر تجاهل بايدن لملف عملية السلام في تسميته الأميركي من أصول لبنانية، هادي عمرو، في منصب صغير منسقا لملف عملية السلام بمكتب الشرق الأدنى بوزارة الخارجية، حيث لا يتمتع بصلاحيات أو سلطات ذات جدوى.

وفي الوقت الذي عين فيه الرئيس بايدن مبعوثين إلى إيران وليبيا والقرن الأفريقي واليمن، لم يرشح أي شخصية قيادية للتعامل مع ملف الصراع العربي الإسرائيلي، كذلك لم يقم باختيار سفير في إسرائيل أو قنصل عام في القدس للفلسطينيين.

وغرد آرون ديفيد ميلر، المسؤول السابق عن سلام الشرق الأوسط بوزارة الخارجية، بالقول إنه "مع انشغال بايدن بقضايا أخرى، ومع عدم قدرة الرئيس عباس على السيطرة على أعمال الفلسطينيين في القدس، ناهيك عن صواريخ حماس، أصبحت إسرائيل وحماس فقط صُنّاع القرار الرئيسين في هذه الجولة، وهذا ليس شيئا جيدا".

واستغرب مارتن إنديك، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل ومبعوث عملية السلام في عهد أوباما، عدم تعيين سفير لإسرائيل وقنصل للفلسطينيين، وغرد إنديك بالقول "قد لا نحتاج إلى مبعوث؛ لكن بالتأكيد وعلى وجه السرعة نحتاج إلى سفير في إسرائيل وقنصل عام هناك، يمكنه التعامل مع الفلسطينيين. أنا لا أفهم لماذا يستغرق البيت الأبيض كل هذا الوقت، ولا أحد يبدو قادرا على تفسير ذلك".

من ناحية أخرى، ومنذ وصوله للحكم، أحجم بايدن عن اتخاذ بعض الخطوات التي كان الجانب الفلسطيني يأمل أن يتخذها كإعادة فتح القنصلية الأميركية العامة في القدس التي أغلقها ترامب، وخلافا لما قام به الرئيسان السابقان دونالد ترامب وباراك أوباما، لم يخطط بايدن لعقد أي مؤتمر للسلام، أو إطلاق عملية سلام في المستقبل كما فعل سلفه بيل كلينتون.

بايدن ليس محايدا

وانتقد البروفيسور شبلي تلحمي، الأستاذ بجامعة ولاية ميريلاند والخبير بـ"معهد بروكينغز" (Brookings Institution) بواشنطن موقف بايدن، وقال في تغريدة له "لا يستطيع بايدن أن يستمر هكذا، فالسلبية في مواجهة انتهاك حقوق الإنسان في القدس تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر، فالولايات المتحدة ليست متفرجة في الصراع، إنها جزء لا يتجزأ من القوى، التي تضر بشكل غير عادل بأحد الطرفين لصالح الطرف الآخر، وذلك يجعل السلام أكثر بعدا وصعوبة".

كما لم يسلم موقف بايدن من هجوم بعض قيادات التيار التقدمي بالحزب الديمقراطي مثل السيناتور بيرني ساندرز، والنائبة إلهان عمر.

وغرد ساندرز منتقدا موقف إدارة بايدن بالقول "يجب على الولايات المتحدة أن تتحدث بقوة ضد العنف، الذي يمارسه المتطرفون الإسرائيليون المتحالفون مع الحكومة في القدس الشرقية والضفة الغربية، وأن توضح أن عمليات إخلاء الأسر الفلسطينية يجب أن تتوقف".

من جانبها، اعتبرت النائبة الديمقراطية من ولاية مينيسوتا، إلهان عمر، في تغريدة لها أن "الضربات الجوية الإسرائيلية التي تقتل المدنيين في غزة هي عمل إرهابي. والفلسطينيون يستحقون الحماية، وعلى عكس إسرائيل، لا توجد برامج للدفاع الصاروخي، مثل القبة الحديدية، لحماية المدنيين الفلسطينيين. من غير المعقول عدم إدانة هذه الهجمات في أسبوع عيد المسلمين".

كما علق خالد الجندي، مدير برنامج فلسطين وإسرائيل بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، على لقطات احتفال آلاف من الشباب اليهودي المتشدد خلف حائط البراق ابتهاجا بقضف مناطق في غزة واشتعال النيران داخل الحرم المقدسي، موجها كلمة إلى إدارة بايدن، قائلا "إن التزامكم الحديدي، الذي لا يتزعزع تجاه إسرائيل، يمتد إلى هذا أيضا ويوفر غطاء لما نراه".

وحذر الجندي قبل أسبوع في مقال بموقع "فورين بوليسي" (Foreign Policy) "من اندلاع أعمال عنف واسعة بعد فشل واشنطن في إدانة العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وأن رد فعل واشنطن على أعمال العنف من المستوطنين واليمينيين المتطرفين الإسرائيليين كان صامتا بشكل ملحوظ".

المصدر : الجزيرة