لوبوان: هكذا ينتقم بوريس جونسون من إيمانويل ماكرون

إذا كان الرئيس الفرنسي -وفقا للمراسل- يستخدم في كثير من الأحيان فرساي وذهبه وأبهته لاستقبال الشخصيات الأجنبية أو رؤساء الشركات متعددة الجنسيات، فإن قلعة وندسور تفوق ذلك بكثير.

French President Emmanuel Macron and British Prime Minister Boris Johnson speak during a meeting at the Elysee Palace in Paris, France, August 22, 2019. Christophe Petit Tesson/Pool via REUTERS
جونسون يستخدم قوة بريطانيا الناعمة لضمان تميزها (رويترز)

قالت مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية إن رئيس الوزراء بوريس جونسون دعا مجموعة من قادة الأعمال من جميع أنحاء العالم إلى قلعة وندسور لحضور مؤتمر حول تغير المناخ، مشيرة إلى أنه ينتقم بذلك من مؤتمرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعزيز جاذبية فرنسا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأوضح مراسل المجلة في لندن مارك روش أن جونسون سيستقبل كبار مديري الأعمال في مؤتمر يسبق بشهر قمة المناخ الـ26 التي ستعقد في أكتوبر/تشرين الأول المقبل بمدينة غلاسغو شمالي بريطانيا، وذلك -كما أشار ناطق رسمي بلغة غير دبلوماسية- يأتي في سياق "التنافس مع الحفلات التي نظمها ماكرون في محيط قصر فرساي الفخم من أجل المتاجرة بالالتزام البيئي للحكومة البريطانية"، ومن هنا يأتي اختيار قصر ويندسور.

وذكّر المراسل بأن تلك المؤتمرات التي ضمت في عدة مرات نحو مئتين من قادة الأعمال الفرنسيين والأجانب، لا تزال مرارتها عالقة في ذهن جونسون، وهو يريد الانتقام منها، وسيكون للمضيفة الملكة إليزابيث الثانية إضفاء الابتسامة الساحرة والترحيب بالمشاركين، لأن الملكية هي إحدى ركائز النموذج الجديد من القوة الناعمة الذي تنوي بريطانيا التفوق فيه بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي.

قلعة ذات تراث غني

ووفقا لمخترع مفهوم القوة الناعمة روبرت ناي من جامعة هارفارد، يتعلق الأمر بقدرة الدولة على تحقيق غاياتها باللجوء إلى وسائل أخرى غير القوة العسكرية أو الاقتصادية أو الدبلوماسية، مثل قوة الثقافة والصناعات الإبداعية وفن العيش والجامعات والإعلام والرياضة التي تجعل القوة الناعمة قوة ذكية.

وفي هذا السياق -كما يقول المراسل- يكون تأثير الاحتفالات الملكية هو الآخر جزءا من الاقتصاد غير الملموس، الذي لا يقوم على أساس مادي ولكنه يخلق قيمة مرتبطة بالخيال والإلهام، وبالتالي فإن قلعة وندسور -التي بناها ويليام الفاتح عام 1080 على التل المطل على وادي التايمز- رمز لتاريخ بلد كان غنيا وقويا وسيدا لإمبراطورية استعمارية منذ مدة طويلة، ولا يزال له تأثيره الدبلوماسي والاقتصادي والثقافي الذي يتجاوز حجمه بكثير.

وتراث هذه القلعة الملكية -كما يقول المراسل- تراث وطني وعالمي في الوقت نفسه، لما يضمه من غرف احتفالية وأثاث وأعمال فنية لا تقدر بثمن، إضافة إلى مجموعة الخزف والكتب القديمة التي تجعل الزائر يشعر بالدوار. وتجذب وندسور ملايين السياح، وتستفيد منها الفنادق والمطاعم ومصانع البيرة ومصنعو السيراميك، مما يفيد الناتج المحلي الإجمالي.

جاذبية الملكة

وإذا كان الرئيس الفرنسي -كما يشير المراسل- يستخدم في كثير من الأحيان قصر فرساي وذهبه وأبهته لاستقبال الشخصيات الأجنبية أو رؤساء الشركات متعددة الجنسيات، فإن قلعة وندسور تفوق ذلك بكثير، لأنها مكان إقامة الملكة في عطلة نهاية الأسبوع، وهي منزل جميل يسمح بالعيش في الريف والعمل في المدينة، على عكس فرساي الذي يبدو ضريحا لملكية غير موجودة، مثل شونبرون في فيينا أو قصر كاترين في سانت بطرسبرغ أو قصر بيرا الوطني في البرتغال.

وتعد علامة وندسور التجارية جزءا أساسيا من السمعة الدولية للمملكة المتحدة، والملكة إليزابيث الثانية لا تمارس الدبلوماسية في حد ذاتها، ولكنها تساهم في القوة الناعمة للمملكة، مستندة إلى شرعية التاريخ وفن الإيماءة الصحيحة والدراية وغياب الخشونة، كما يقول المراسل.

المصدر : لوبوان