4 إبريل 1968.. اليوم الذي اغتيل فيه المناضل الأسود مارتن لوثر كينغ في ممفيس

هناك شكوك بوجود متآمرين حتى من الوكالات الحكومية الأميركية في قتل كينغ.. ولا تزال عائلة كينغ، حتى يومنا هذا تبحث عن الجاني الحقيقي.

لوثر كينغ في أحد خطاباته أمام مؤيديه (غيتي)

لم يكن المناضل الحقوقي الكبير مارتن لوثر كينغ يعلم أن سفره لممفيس لدعم إضراب جامعي القمامة هناك سيكون الأخير، إذ أطلق شخص عليه النار فأرداه قتيلا بينما كان في شرفة الفندق الذي يقيم فيه وذلك يوم 4 إبريل/نيسان 1968.

وبمناسبة حلول الذكرى الـ53 لهذا الحدث الكبير، أعدت مجلة لوبوان الفرنسية Le Point بودكاست أبرزت فيه ملابسات اغتيال هذا المناضل الحقوقي والخطيب ورجل الدين الأميركي من أصل أفريقي، الذي اشتهر بنضاله السلمي في سبيل حصول السود الأميركيين على حقوقهم السياسية والمدنية.

تقول المجلة إن كينغ كان، وهو في غرفته في فندق موتيل لورين في ممفيس، يشعر بالقلق والتعب، كيف لا وهو يتعرض منذ بعض الوقت لانتقادات شديدة وتذمر من الكثيرين، كما أنه يعاني من تبعات سلسلة من الإخفاقات، حيث أصبح يجد صعوبة كبيرة في تجميع الحشود حول خطبه، وتراجعت صورته، لكن ذلك كله لم يثنه عن محاولته للترويج لإثبات أن اللاعنف هو الحل.

ولهذا الغرض، تقول المجلة، عاد القس إلى ممفيس في اليوم الذي سبق اغتياله، أي في 3 أبريل/نيسان 1968، لدعم إضراب جامعي القمامة السود في المدينة، يحذوه الأمل بألا تنتهي المظاهرة هذه المرة بالنهب وإطلاق النار.

وأضافت المجلة أن السلطات المحلية في هذه المدينة وكذلك البيت البيض عبروا عن إدانتهم لقدوم كينغ إلى هذه المدينة، لكنه لم يكترث بذلك.

وقبل الساعة السادسة مساءً بقليل، خرج كينغ إلى الشرفة للتحدث مع أصدقائه الذين كانوا ينتظرونه في موقف السيارات أسفل الفندق، وكانوا جميعهم مدعوين لتناول العشاء مع القس بيلي كيليس الذي جاء لتحية كينغ.

لكن عند الساعة السادسة ودقيقة واحدة ذلك المساء، تردد صوت عيار ناري، تبين فورا أنه استهدف كينغ نفسه، فاخترقت الرصاصة خده الأيمن لتحطم فكه قبل أن تمزق نخاعه الشوكي، ليسقط ميتا ويهرع إليه مؤيدوه على أمل مساعدته فوجدوه غارقا في بركة من الدم لا حراك له.

ارتفعت أنظار الحاضرين إلى المبنى المقابل بحثا عن القاتل، لكن لا علامة على وجود أي شيء يتحرك هناك.

ونتيجة لهذا الوضع دب الذعر وتعالى الصراخ وانهمرت الدموع، ولم تجد محاولات خدمات الطوارئ التي قدمت على الفور في إنعاش الجثة لتنقل بعد ذلك باتجاه مستشفى سان جوزيف، ويعلن في الساعة 7:05 مساءً بشكل رسمي وفاة مارتن لوثر كينغ.

المطاردة

في غضون ذلك، باشر المحققون العمل بالفعل، فقد رأى شهود عيان رجلاً أبيض يفر من الفندق الموجود عبر الشارع قبل أن يقفز في سيارة موستانغ بيضاء، وقد تبين أنه كان قد استأجر غرفة هناك قبل ساعات قليلة باسم "توم ويلارد"،

وصف هذا الرجل بأن طوله في حدود المتر و80 سنتيمترا وأن شعره داكن وقصير وممشط للخلف، وكان يرتدي بدلة من نوع جيد وربطة عنق.

وقد أكد عمال الفندق على الفور أن المسلح استخدم الحمام المشترك المطل مباشرة على شرفة موتيل لورين، ولأنه كان في عجلة من أمره، فقد ترك هذا القاتل وراءه بندقية من نوع ريمنغتون 760 غيماستر 30.06 (Remington 760 Gamemaster 30.06 )، مزودة بمنظار تلسكوبي وقد ترك بصمات أصابعه واضحة جلية، مما جعل مكتب التحقيقات الفدرالي يكشف هويته في غضون بضعة أيام فقط ،إنه جيمس إيرل راي، وهو أحد المجرمين المعروفين وكان قد هرب قبل فترة من سجن بميسوري.

والغريب في الأمر أن مارتن لوثر كينغ تنبأ بحادث اغتياله قبل يوم واحد من وقوعه، وذلك خلال تجمع حاشد في معبد ماسون، وهو موطن لمجموعة العنصرة "كنيسة الله في المسيح"، وفقا للمجلة.

وقد انتشرت أنباء اغتيال القس مارتن لوثر كينغ كالنار في الهشيم في جميع أنحاء البلاد، فتعالت صرخات الألم والرعب في المدن الكبرى وسرعان ما حل محلها غضب المجتمع الأفريقي الأميركي بأكمله.

ورغم نداءات الهدوء، اجتاحت أعمال الشغب أكثر من 100 مدينة، بما في ذلك نهب واسع للمحلات التجارية واشتباكات مع الشرطة والجيش وحرائق هنا وهناك.

وفي يوم الأحد السابع من أبريل/نيسان 1968، أعلن الرئيس ليندون جونسون يوم حداد ونكست الأعلام الأميركية حتى دفن كينغ، وفي هذه الأثناء، بدت السلطات الأميركية غير قادرة على وضع يدها على القاتل.

وفي النهاية، لم يتم القبض على جيمس إيرل راي إلا بعد شهرين في لندن، حيث كان على وشك المغادرة جوا من مطار هيثرو بجواز سفر كندي مزيف، ليتم تسليمه إلى الولايات المتحدة ويتم وضعه في سجن بولاية تينيسي، وخلال المحاكمة، اعترف المتهم بالقتل، قبل أن يتراجع بعد 3 أيام للمطالبة ببراءته، لكن صدر عليه حكم بالسجن 99 عاما.

وفي عام 1997، التقى دكستر كينغ، نجل مارتن لوثر كينغ، المتهم راي في سجنه وأعلن دعمه علنا ​​جهود الرجل المدان للحصول على محاكمة جديدة. وقد مات راي في العام التالي.

وفي عام 1999، بعد معركة قانونية طويلة لعائلة كينغ، أصدرت هيئة محلفين في ممفيس حكمها واعترفت بأن زعيم الحقوق المدنية كان بالفعل ضحية مؤامرة، وليس عملا منفردًا.

وبحسب هيئة المحلفين، فإن صاحب مطعم ممفيس، لويس جاورز، متورط في قتل كينغ، إلى جانب متآمرين آخرين، بما في ذلك أعضاء في الوكالات الحكومية. لكن التحقيقات التي أجريت في وقت لاحق لم تدعم هذا الحكم الأخير، ولا تزال عائلة كينغ، حتى يومنا هذا تبحث عن الجاني الحقيقي.

المصدر : لوبوان