تقرير حقوقي يوثق انتهاكات أميركية بحق المئات من طالبي اللجوء

كومبو يضم الرئيس دونالد ترامب ومنافسه المرشح الديمقراطي جو بايدن
إدارة بايدن تطبق قانون من عهد ترامب يمنع طالبي اللجوء من عبور الحدود الجنوبية (رويترز)

يتصاعد الضغط على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف استخدام قانون من عهد سلفه دونالد ترامب يمنع طالبي اللجوء من عبور الحدود الجنوبية، وذلك في ظل ظهور أدلة جديدة على وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان وتعرّض الأفراد والعائلات الراغبين في اللجوء للعنف على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.

وفي تقرير نشره موقع "ذي إنترسبت" (The Intercept) الأميركي، قال الكاتب ريان ديفيرو إن تقريرا حقوقيا مشتركا نُشر يوم الثلاثاء قد وثّق -استنادا إلى أكثر من 110 مقابلات شخصية ومسح إلكتروني لأكثر من 1200 طالب لجوء في ولاية باها كاليفورنيا المكسيكية- ما لا يقل عن 492 حالة اعتداء أو اختطاف تستهدف طالبي اللجوء الذين طُردوا بموجب قانون الصحة العامة لعام 1944 المعروف باسم "القانون 42″، وذلك منذ تنصيب الرئيس جو بايدن في يناير/كانون الثاني الماضي.

وينتمي ضحايا العنف لقرابة 17 جنسية من أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا والشرق الأوسط، وقد أبلغوا عن تعرّضهم للاعتداء والخطف والاغتصاب في مدن حدودية شمال المكسيك بالأشهر الأخيرة. وعلى وجه الخصوص، تمّ استهداف طالبي اللجوء ذوي البشرة السوداء، حيث أفاد أكثر من 60% من طالبي اللجوء الهايتيين الموجودين في باها بأنهم كانوا ضحايا هذه الجرائم.

إعلان

وفي إطار عيّنة تضم أكثر من 150 طالب لجوء -تمت مقابلتهم بين مارس/آذار الماضي وأبريل/نيسان الحالي- وجد الباحثون أنه لم يتم منح أي منهم فرصة لتقديم طلب لجوء قبل طرده من الولايات المتحدة دون سابق إنذار.

ميراث الانتهاكات

ووفق بعض المدافعين عن حقوق الإنسان التابعين لـ"لجنة المحامين لحقوق الإنسان" (Al Otro Lado) فإن التقرير أشار إلى أن إدارة بايدن ورثت نظام لجوء دمّره دونالد ترامب، لكنه أشار أيضا إلى أن هذه التحديات لا تبرر الظروف المزرية وسوء المعاملة التي لا يزال طالبو اللجوء يواجهونها.

وأشار الكاتب إلى أن القانون 42 -وهو قانون غامض خاص بمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها منذ الأربعينيات- أعيد تفعيله الربيع الماضي مع ظهور جائحة كورونا وتحت ضغط من مستشار الهجرة ستيفن ميلر، في تجاهل تام لاعتراضات قدّمها المتخصصون في الصحة العامة.

ووفقا لإدارتي كل من ترامب وبايدن، يسمح هذا القانون لموظفي حرس الحدود بطرد الأفراد والعائلات الذين يجدونهم على التراب الأميركي بسرعة دون تنظيم جلسة استماع، حتى لو كانوا يحاولون ممارسة حقهم في طلب اللجوء، إلى جانب منع معظم الناس من طلب اللجوء عند نقاط الدخول.

مئات آلاف عمليات الطرد

وذكر الكاتب أن هيئة الجمارك وحماية الحدود التي تشرف على حراسة الحدود نفذت أكثر من 630 ألف عملية طرد خلال العام الماضي. كما ذكر موقع "ذي إنترسبت" (The Intercept) -في تحقيق مفصّل نُشر في نهاية الأسبوع الماضي- أن عملاء حرس الحدود استغلوا القانون 42 للقبض على طالبي اللجوء في البلدات الحدودية المكسيكية بمنتصف الليل، وهي ممارسة محظورة إلى حد كبير لسنوات بموجب الاتفاقيات المبرمة بين الولايات المتحدة والمكسيك.

في هذا السياق، يخضع القانون للطعن في المحاكم، حيث يجادل النقاد بأن ما تم تقديمه كإجراء للصحة العامة يتم استخدامه في الواقع كوسيلة لحرمان طالبي اللجوء من حقوقهم بموجب القانون المحلي والدولي.

إعلان

ونقل الكاتب قول نيكول راموس -مديرة مشروع الحقوق الحدودية التابع لـ"إل أوترو لادو" (El Otro Lado) للصحفيين في مكالمة يوم الثلاثاء- إنه "في ظلّ تنفيذ القانون 42، تلقى موظفونا ومتطوعونا بشكل متزايد تقارير من طالبي اللجوء في تيخوانا، الذين تعرضوا -إما هم أو أفراد عائلاتهم- للاختطاف على يد الجريمة المنظمة واحتُجزوا مقابل فدية".

 ترحيل الأطفال

وأضافت راموس أنه بينما قيل إن الولايات المتحدة أوقفت ترحيل الأطفال غير المصحوبين بذويهم في نوفمبر/تشرين الثاني -بعد أن نفذت إدارة ترامب ما لا يقل عن 13 ألف عملية من هذا القبيل- فإن هذا القرار لم يشمل الأطفال المكسيكيين غير المصحوبين بذويهم.

وبالإضافة إلى عمليات الطرد إلى المكسيك، تم استخدام القانون 42 لإرسال 27 رحلة جوية إلى هايتي منذ فبراير/شباط الماضي، وقد أقلّت أكثر من 1400 شخص من البالغين والأطفال وطالبي اللجوء ليعيشوا في ظروف غير مستقرة وعنيفة.

وتطرق الكاتب إلى حالة محمد، وهو طالب لجوء من شرق أفريقيا وصل إلى تيخوانا مع عائلته قبل شهر واحد من تفعيل القانون 42 وحصل هذا الشهر على حق الدخول إلى الولايات المتحدة، وقد وصف وضعه كطالب لجوء ذو بشرة سوداء في مدينة أجنبية يترسخ فيها الاستهداف العنيف والابتزاز للمهاجرين، مضيفا أنه تعرض أيضا للابتزاز من قبل الشرطة في 3 مناسبات منفصلة.

وفي وقت سابق من هذا العام، أصبح محمد يتطوّع في معسكر لطالبي اللجوء على أمل الحصول على فرصة لعرض قضيته في الولايات المتحدة.

وأوضح "هؤلاء الناس ليسوا مجرمين. إنهم مهاجرون. إنهم بشر ينامون في الشوارع تحت أشعة الشمس والمطر، فقط لتحقيق حلمهم في طلب اللجوء في الولايات المتحدة".

القانون 42

يتم بموجب "القانون 42" إنشاء مفردات جديدة لتطبيق قوانين الهجرة؛ فقد أخبرت ألكسندرا ميلر -المحامية الإدارية لفريق العمل الحدودي في مشروع فلورنسا لحقوق المهاجرين واللاجئين في أريزونا- المراسلين بظهور ما يسميه المدافعون "القانون 42 المؤجل"، وهي الحالات التي يُستخدم فيها القانون 42 لطرد الأفراد المحتجزين في وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك داخل الولايات المتحدة وليس على الحدود.

إعلان

وقالت ميلر إنه "على امتداد الأشهر الخمسة الماضية، كان حوالي 100 شخص رهن الاعتقال لدى وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، ولم يتمكنوا من القيام بالإجراءات القانونية اللازمة، كما ستكون لديهم إمكانية محدودة للوصول إلى المحامين، وسيتم ترحيلهم في النهاية إلى وطنهم الأصلي على الرغم من الخطر الذي يهددهم".

وصدر تقرير حقوق الإنسان بعد يوم واحد فقط من قيام تحالف ثنائي يضم 92 من الأكاديميين المكسيكيين والأميركيين، بإصدار سلسلة من التوصيات إلى حكومات بلدانهم من أجل "تجنب حدوث أزمة إنسانية" على الحدود، وكان على رأس قائمة الباحثين الإلغاء التدريجي "للقانون 42" وبداية التحضير لاستقبال العائلات التي تطلب اللجوء. وقد أشار هؤلاء الأكاديميون إلى ظهور نمط في الأسابيع الأخيرة تمثل في اختيار العائلات الانفصال عن أطفالهم بعد أن علمت أن الولايات المتحدة لا تزال توافق على استقبال الأطفال غير المصحوبين بذويهم.

وقد ذهبوا إلى أن السماح للعائلات بطلب اللجوء معا "من شأنه أن يقلل من الحاجة إلى المرافق المخصصة للقُصّر غير المصحوبين بذويهم، حيث يمكن للعائلات السفر إلى وجهاتها النهائية عند الإفراج عنها وتكون في حاجة إلى دعم فوري أقل".

ظروف السكن

ودعا الخبراء المتخصصون في شؤون الحدود والهجرة إلى توسيع نطاق استخدام ما يسمى بمواقع التصفية، على غرار الفنادق، كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس كوفيد-19، وأشاروا إلى أن "إنشاء مواقع التصفية أو فندق التصفية من الحلول الفعالة للسيطرة على الوباء قبل نقل المهاجرين إلى أماكن أخرى مثل الملاجئ حيث يتلقون الدعم".

وأضاف الباحثون أنه يمكن استخدام مواقع التصفية لتقديم اللقاحات دفعة واحدة، وقالوا إنه "ينبغي تهيئة ظروف احتجاز أكثر كرامة للأطفال والمراهقين غير المصحوبين بذويهم والعائلات على الجانب الأميركي أثناء معالجتهم ونقلهم إلى وجهتهم النهائية".

إعلان

وقال الخبراء إن قبول طالبي اللجوء بصورة مسؤولة وواعية بخطورة الفيروس ليس أمرا غريبا، مشيرين إلى القبول الأخير للأفراد الذين وقع تسجيلهم في برنامج إدارة ترامب "البقاء في المكسيك" باعتباره نموذجا "منظما وفعالا وآمنا" وناجحا، ولكن برنامج ترامب أجبر أكثر من 71 ألف طالب لجوء على الانتظار حتى انتهاء قضاياهم في المكسيك، مما أدى إلى انتشار أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان ضدهم. وقد ألغى بايدن هذا البرنامج سيئ السمعة بمجرد أن أصبح رئيسا، ومضت إدارته قدما في الاستقبال التدريجي للأفراد المسجلين سابقا في النظام.

وقال باحثو الحدود والهجرة إن أحد الأشياء التي يجب على حكومتي الولايات المتحدة والمكسيك التوقف عن فعلها هي الاعتماد على قوات الأمن المكسيكية، التي تمتلك سجلا طويلا في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد، لاعتراض طريق طالبي اللجوء في الحدود الشمالية، بحسب الصحيفة الأميركية.

يُذكر أنه بعد يومين فقط من تنصيب بايدن، قَتل فريق العمليات الخاصة المكسيكي -الذي دربته الولايات المتحدة- 19 مهاجرا في شمال المكسيك. وفي الشهر الماضي، أطلق جندي مكسيكي النار على مهاجر غير مسلح من غواتيمالا في جنوب المكسيك وأرداه قتيلا. وبعد أقل من أسبوعين، أعلنت إدارة بايدن أنها أبرمت اتفاقيات مع حكومات المكسيك وهندوراس وغواتيمالا لنشر آلاف القوات على حدودها.

وقال الباحثون "هناك علاقة قوية بين العنف ضد المهاجرين سواء الخطف والابتزاز أو حتى ارتكاب المذابح في ظل زيادة إنفاذ قوانين الهجرة في المكسيك، ولهذا السبب، فإن الاحتجاز الجماعي سيدفع الناس إلى الاختباء في ظروف خطيرة ومحفوفة بالمخاطر، وذلك سيكون له تكاليف إنسانية أكبر".

المصدر : إنترسبت

إعلان