دعوة أوروبية لموسكو بسحب قواتها من الحدود.. روسيا توقف القنصل الأوكراني بسان بطرسبورغ وكييف تتعهد بالرد

وزارة الخارجية الأوكرانية قالت إن القنصل سوسونيوك ظل محتجزا بضع ساعات لكنه عاد إلى قنصلية بلاده في سان بطرسبرغ

French President Emmanuel Macron and his wife Brigitte Macron welcome Ukraine's President Volodymyr Zelenskiy and his wife Olena for a working lunch at the Elysee Palace in Paris, France, April 16, 2021. REUTERS/Benoit Tessier
رئيس أوكرانيا زيلينسكي (يسار) التقى ماكرون ودعيا برفقة ميركل لقمة رباعية يشارك فيها بوتين (رويترز)

قالت وزارة الخارجية الأوكرانية اليوم السبت إن جهاز الأمن الاتحادي الروسي "إف إس بي" (FSB) احتجز دبلوماسيا أوكرانيا لفترة وجيزة في سان بطرسبرغ في أحدث اشتعال للتوتر بين الدولتين الجارتين.

وفي وقت سابق اليوم نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن جهاز الأمن الاتحادي الروسي قوله إن الجهاز اقتاد أولكسندر سوسونيوك إلى الحجز عندما حاول الحصول على معلومات سرية من قواعد بيانات جهات إنفاذ القانون الروسية خلال اجتماع مع مواطن روسي.

وأعلن جهاز الأمن الاتحادي الروسي أن "هذا النشاط غير متوافق مع وضع موظف دبلوماسي ومناهض للاتحاد الروسي. سيتم التعامل مع الدبلوماسي الأجنبي وفق القانون الدولي".

وقالت الخارجية الأوكرانية إن سوسونيوك ظل محتجزا بضع ساعات لكنه عاد إلى قنصلية بلاده في سان بطرسبرغ، وإن اعتقال قنصلها العام استفزاز آخر من جانب موسكو وإن كييف سترد بالطرق الدبلوماسية.

وقال يفهيين ينين نائب وزير الخارجية إنه وفقًا للممارسة القائمة واستناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل، فإن الجانب الأوكراني يستعد للرد على الروس.

يأتي ذلك وسط توتر شديد في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا التي تتهم موسكو بالسعي لزعزعة استقرارها.

وارتفع منسوب التوتر بعد 7 سنوات من ضم موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014 وإعلان مسلّحين موالين لروسيا عن مناطق انفصالية شرق أوكرانيا، في خطوة أدت إلى تدهور العلاقات بين روسيا والغرب إلى مستويات غير مسبوقة منذ الحرب الباردة.

تطورات عسكرية

ميدانيا، أكد الجيش الأوكراني رصد 16 خرقا لوقف إطلاق النار في إقليم دونباس شرقي البلاد، لكن دون وقوع أي ضحايا.

وأضاف الجيش الأوكراني أن الانفصاليين الموالين لروسيا أطلقوا النار باتجاه مواقع دفاعية تابعة له.

وأوضح أنه رفع تقريرا بهذه الاعتداءات لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية.

من جهتها، قالت السلطات الانفصالية في مقاطعة دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا إن الجيش الحكومي قصف المنطقة 13 مرة خلال الساعات الـ 24 الأخيرة.

دعوة للانسحاب

ودعا كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل روسيا إلى سحب قواتها من شبه جزيرة القرم والحدود الأوكرانية.

جاء ذلك خلال لقاء جمع أمس رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي مع ماكرون في باريس، وشاركت فيه ميركل عن بعد.

وقد دعا الرئيسُ الأوكراني إلى قمة يشارك فيها نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، إضافة إلى ماكرون وميركل بهدف خفض التصعيد مع موسكو.

والتقى بوتين وزيلينسكي وجها لوجه آخر مرة في باريس في ديسمبر/كانون الأول 2019 باجتماع استضافه ماكرون وحضرته ميركل، نسب الفضل إليه في تخفيف التوتر على مدى الشهور التي تلت.

وقال زيلينسكي في مقر السفارة الأوكرانية في باريس بعد المحادثات أمس "أريد أن نجتمع نحن الأربعة لمناقشة مسألة الوضع الأمني شرق أوكرانيا وإنهاء احتلال أراضينا".

ولعبت فرنسا وألمانيا دور الوساطة في النزاع منذ العام 2015 في إطار ما يعرف بـ "صيغة نورماندي". وأشرفت الدولتان على وقف هش لإطلاق النار.

وأعرب زيلينسكي عن أمله بأن يعاد تطبيق وقف إطلاق النار بعد اجتماع مقرر الاثنين لكبار المستشارين من الدول الأربع.

وأفاد الناطق باسم ميركل في بيان أن القادة الثلاثة "تشاركوا القلق حيال حشد القوات الروسية، ودعوا إلى تخفيف هذه التعزيزات العسكرية من أجل خفض التصعيد".

وأما في موسكو، فحضّ الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف المستشارة الألمانية وماكرون على أن يطلبا من كييف "الوقف الحاسم لأي أعمال استفزازية على خط التماس والتأكيد على الحاجة إلى التزام غير مشروط بوقف إطلاق النار".

حشد عسكري

وفي الأسابيع الأخيرة، حشدت موسكو عشرات الآلاف من الجنود عند الحدود الشمالية والشرقية لأوكرانيا، كما ضمّت القرم.

ووضعت موجة جديدة من المواجهات شرق أوكرانيا حدا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يوليو/تموز الماضي ومهّد لفترة من التهدئة النسبية للنزاع.

وأودت المعارك بحياة أكثر من 13 ألف شخص بالمجمل، وقد قتل 28 جنديا أوكرانيا منذ مطلع العام الجاري مقارنة بـ 50 خلال عام 2020 بأكمله.

وأفادت وزارة الدفاع الروسية أن جنودها انتشروا للرد فحسب على "تهديدات" حلف شمال الأطلسي، ويشاركون في تدريبات عسكرية.

ولم تخف أوكرانيا، حيث تمّت الإطاحة بالرئيس الموالي للكرملين خلال انتفاضة شعبية عام 2014، طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، في تصريحات أثارت حفيظة الكرملين.

وقال زيلينسكي لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية في مقابلة قبيل الزيارة "لا يمكننا البقاء إلى ما لا نهاية في غرفة انتظار الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".

وأضاف "إذا كنا ننتمي إلى العائلة نفسها، يجب أن نعيش معا. لا يمكننا أن نخرج معا إلى الأبد، مثل خطيبين أبديين، يجب أن نشرّع علاقاتنا".

لكن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون شدد على أن دعم أوكرانيا مختلف عن منحها عضوية بالاتحاد الأوروبي، و"هذا ليس طرحا جديا".

توتر مع أميركا

وتأتي التطورات شرق أوكرانيا على وقع ارتفاع جديد في منسوب التوتر بين موسكو وواشنطن، في وقت يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى اتّخاذ نهج أكثر تشددا حيال نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

ورأى بعض المراقبين في التصعيد محاولة من قبل موسكو وكييف لاختبار بايدن من أجل معرفة درجة استعداده للدفاع عن حليفة واشنطن ومواجهة روسيا.

وأما زيلينسكي، الممثل الكوميدي السابق -الذي انتخب عام 2019 على خلفية تعهّده بتحقيق سلام عادل- فيواجه ضغوطا كبيرة في الداخل من قبل القوميين من أجل اتّخاذ موقف متشدد حيال روسيا.

المصدر : وكالات