جريحات فلسطينيات.. حين يتضاعف الوجع

ست رصاصات اخترقت جسد الأسيرة الفلسطينية أمل جهاد طقاطقة لحظة اعتقال جنود الاحتلال الإسرائيلي لها عام 2014 على مفرق مجمع مستوطنات "غوش عتصيون" المقام على أراضي الفلسطينيين جنوب بيت لحم وشمال الخليل بالضفة الغربية.
تُركت طقاطقة تنزف فترة من الزمن قبل نقلها بمركبات الاحتلال الإسرائيلي إلى مستشفى هداسا بالقدس المحتلة، وأجريت لها عدة عمليات جراحية لإزالة الرصاص الذي أصاب رجلها ويدها وخاصرتها وصدرها، ولكن واحدة بقيت مستقرة في صدرها، ووضع الأطباء البلاتين في رجلها ليرافقها منذ اعتقالها إلى نهاية العام الماضي.
"أمل" واحدة من 8 أسيرات فلسطينيات مصابات برصاص الاحتلال لحظة اعتقالهنّ، لا يتلقين العلاجات اللازمة، كما تقول المؤسسات الحقوقية وأهاليهن، عدا عما تعانيه الأسيرات من أمراض وأوجاع في ظل الإهمال الطبي أسوة بالأسرى الفلسطينيين.

منع زيارات
تحدثنا مع جهاد طقاطقة والد أمل وهو من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، والذي أبدى خوفه عليها وقلقا واضحا، فالرجل لم يزر ابنته منذ 5 أشهر، ووالدتها لم تزرها منذ قرابة العام، خاصة أنها أجرت عملية لإزالة البلاتين نهاية عام 2020، في رجلها دون حضور أحد من أهلها ولا حتى محاميها.
تدخل أمل عامها الـ27 وهي أسيرة منذ قرابة 7 سنوات، تنتظر لحظة الإفراج عنها بعد 8 أشهر، لم يمنعها الألم في جسدها من الخروج بشهادة الثانوية العامة، ومن ثم حملت شهادة البكالوريوس في التنمية البشرية، وهي حافظة للقرآن الكريم كاملا.
يقول والدها للجزيرة نت إن على العالم أن يعلم أنه لا يمكن إبقاء امرأة فلسطينية معتقلة، فهن يعشن ظروفا صحية صعبة، وحالة الطقس السيئة وأجواء كورونا تجعل الأمور أكثر تعقيدا، وأبدى قلقه أيضا من صحة العلاج الذي أُعطي لابنته، متهما الاحتلال بعدم إعطائها الأدوية والعلاجات اللازمة، ومطالبا كل من يستطيع أن يضغط للإفراج عن ابنته وجميع الأسيرات.
أسيرة بلا أصابع
وتقول أماني سراحنة من الدائرة الإعلامية في نادي الأسير الفلسطيني للجزيرة نت، إن كل أسيرة في سجون الاحتلال هي قصة، ولكن أبرزها المصابة الأسيرة إسراء الجعابيص المحكومة بالسجن 11 عاما، والتي تعاني من تشوهات حادة في جسدها، جرّاء تعرضها لحروق خطيرة، أصابت 60% من جسدها، وذلك جرّاء إطلاق جنود الاحتلال النار على مركبتها عام 2015، والذي تسبب بانفجار أسطوانة غاز في مركبتها.
وتحتاج الأسيرة إسراء الجعابيص -حسب أماني سراحنة- إلى سلسلة من العمليات الجراحية في اليدين والأذنين والوجه، كما تُعاني على مدار الوقت من آلام، وسخونة دائمة في جلدها، مما يجعلها غير قادرة على ارتداء الأقمشة والأغطية، وهي بحاجة ماسة لبدلة خاصة لعلاج الحروق، وترفض إدارة السجون توفيرها، خاصة أنها فقدت 8 أصابع من يديها.
وما زالت كلمات إسراء في إحدى جلسات محاكمتها تتردد في إذن كل من سمعها، عندما رفعت يديها المحروقتين بلا أصابع، وقالت وقتها: "في أكثر من هيك وجع".
ما زالت إسرائيل تعتقل 35 امرأة فلسطينية في سجونها بينهن 11 أمّا، ويقول نادي الأسير الفلسطيني في بيان له بمناسبة ذكرى يوم المرأة العالمي الذي يصادف الثامن من مارس/آذار من كل عام، إن الاحتلال اعتقل منذ عام 1967 قرابة 16 ألف فلسطينية.
تنكيل منذ لحظة الاعتقال
واعتقل الاحتلال الإسرائيلي منذ 2015 أكثر من 900 فلسطينية بينهن 26 قاصرة، وحكم على كثير منهن بأحكام متفاوتة، أعلاها الأسيرة شروق دويات من القدس وشاتيلا أبو عياد من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بالسجن 16 عاما، ومنهن 3 أسيرات في الاعتقال الإداري، و11 أسيرة من القدس المحتلة.
ويقول نادي الأسير إن الأسيرات الفلسطينيات يتعرضن لكافة أنواع التنكيل والتعذيب التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحقّ الأسرى الفلسطينيين، بدءا من عمليات الاعتقال من المنازل، وحتى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقا احتجازهنّ في السجون.
وشهد عام 2019 على وجه الخصوص، تصعيدا في عمليات التعذيب الممنهج بحقّ الأسيرات، مقارنة مع السنوات القليلة التي سبقتها، وأعاد الاحتلال خلاله سياسة التعذيب بحقّ النساء إلى الواجهة، في ظل منع الزيارة وقلق الأسيرات وخاصة الأمهات على أبنائهن وأهاليهن، حسب نادي الأسير الفلسطيني.
