جلسة عاصفة لمجلس الأمة الكويتي.. 31 نائبا قاطعوا أداء الوزراء لليمين والحكومة ردت بتأجيل الاستجوابات
أجواء سياسية ساخنة عاشتها الكويت استباقا لجلسة مجلس الأمة التي التأمت اليوم الثلاثاء، بعد شهر من تعليق الجلسات وفقا لمرسوم دستوري أصدره أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، لكن التئامها جاء وسط مقاطعة 31 نائبا من المعارضة.
ورغم هذه المقاطعة، فإن الحكومة الجديدة نجحت في تأمين النصاب الذي مكّنها من أداء اليمين الدستورية أمام المجلس.
وامتنع النواب المعارضون عن الدخول إلى قاعة عبدالله السالم "القاعة الرئيسة بالبرلمان"، تضامنا مع زميلهم بدر الداهوم الذي أبطلت المحكمة الدستورية عضويته في 14 مارس/آذار استنادا للقانون القاضي بحرمان المسيء للذات الأميرية.
وبعد القَسم استهل المجلس أعماله بإعلان رئيسه مرزوق الغانم بطلان عضوية الداهوم وخلو مقعده، على أن تجرى انتخابات على المقعد الشاغر في دائرته خلال شهرين.
وبعد عودة النواب المقاطعين إلى القاعة، قدموا استجوابين، أولهما مقدم من النائب مساعد العارضي إلى رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، أما الآخر فمقدم من النائبين أحمد مطيع العازمي وسعود أبو صليب إلى وزير الصحة.
غير أن المجلس استجاب لطلب رئيس الوزراء تأجيل الاستجوابات المقدمة، لما بعد نهاية دور الانعقاد الثاني، وذلك بالنظر إلى وجود الكثير من الملفات "العالقة والمهمة والشائكة" التي تحتاج إلى جهد وتعاون ووقت كاف لحلها.
وأعلن الغانم أن طلب تأجيل الاستجوابات حصل على الأغلبية الخاصة المطلوبة، وهو 33 وزيرا ونائبا من أصل 34 حضروا الجلسة، لكن هذا الأمر جوبه بمعارضة من قبل النواب المقاطعين، حيث أصدروا بيانا مشتركا اعتبروا فيه تأجيل استجوابات رئيس مجلس الوزراء الحالية والمستقبلية لمدة سنة تجاوزا غير مسبوق يخالف لوائح المجلس الداخلية.
تشابك بالأيدي
وتطورت الأجواء المشحونة التي شهدتها الجلسة، إلى وقوع تشابك بالأيدي بين النائبين سلمان الحليلة العازمي وصالح الشلاحي المطيري، مما دفع رئيس المجلس لرفعها لمدة ربع ساعة.
ولخص المحلل السياسي والوزير السابق سامي النصف تداعيات المشهد البرلماني بأنه أقرب ما يكون لخرق للحياة الديمقراطية الممتدة لنحو 60 عاما في الكويت.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن البلاد أمام مفترق طرق، "فإما دولة دستورية يحترم النواب فيها الدستور الذي أقسموا عليه، وإما تقسيم المواطنين إلى قسمين أحدهما يطبق عليه القانون والآخر لا يخضع له"، موضحا أن المحكمة الدستورية تطبق القوانين التي أقرها مجلس الأمة ومن بينها قانون المسيء.
وقال النصف إن خدمة الشعب هي الأولى بدلا من التجاذبات السياسية التي لم تحقق أي انجاز، خصوصا أن البلاد تعاني من إشكاليات غير مسبوقة في تاريخها بسبب جائحة كورونا وما خلّفته من تداعيات صحية واقتصادية وعجز متفاقم في الميزانية، شكل ضغطا حتى على سعر صرف الدينار الكويتي، هذا إلى جانب القضايا الأمنية والعيش في منطقة ملتهبة.
واعتبر النصف أن ما حدث بعيد عما وصفه بالاحتراف في العمل السياسي، والذي يقتضي اعتماد نواب المعارضة على التكتيكات السياسية لتحقيق مطالبهم والاهتمام بمصلحة المواطن عبر التفاوض مع الحكومة بدلا من الصراعات الدائمة والأزمات المتتالية.
إحراج الحكومة
وأيد رئيس مركز المدار للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور صالح المطيري، الوزيرَ السابق في ما ذهب إليه، وأكد أن المجموعة التي قاطعت الجلسة كان عليها إحراج الحكومة بالتصويت على قانون العفو الشامل حتى وإن كانوا يعلمون أنها سترده لاحقا أو تحيله إلى المحكمة الدستورية.
ووصف المطيري -ضمن حديثه للجزيرة نت- مشهد أداء الحكومة للقَسم أمام 18 نائبا فقط، بأنه يعيد إلى الأذهان صورة الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة وما شهدته من تجاذبات.
ورأى المطيري في دعوة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح التي أطلقها عشية جلسة مجلس الأمة لتعاون السلطتين بأنها ليست موجهة إلى النواب فحسب وإنما إلى الحكومة أيضا، مشيرا إلى أنها مطالبة بضرورة الإنجاز والتعاون لتنفيذ المشاريع في ظل جائحة كورونا والوضع الاقتصادي.
واستبعد المطيري أن يقْدم نواب المعارضة على تقديم استقالاتهم، لكنه في الوقت نفسه رأى أن الضغط سيتزايد منهم على الحكومة، إلا إذا تقدمت بمشاريع قوانين تحمل نفَسا إصلاحيا.