21 مارس 1943.. اليوم الذي نجا فيه هتلر من هجوم انتحاري
شهد غيرسدورف أهوال الحرب العالمية الثانية ولم يمت إلا عام 1980، وكان عمره 74 عاما.
في منتصف شهر مارس/أذار 1943 نجا الزعيم النازي أدولف هتلر من أول محاولة اغتيال يتعرض لها، لأن القنبلة التي خبّئت على متن الطائرة التي كان يستقلّها لم تنفجر نتيجة تجمد الفتيل المتفجر بسبب البرد القارس.
وفي تقرير لها عن هذا الموضوع قالت مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية إن ضباطا سامين تجمعوا على إثر ذلك حول الجنرال هينينغ فون تريسكو، وقرروا القيام بمحاولة جديدة في 21 مارس/آذار 1943.
ووافق الكولونيل بارون رودولف-كريستوف فون غيرسدورف، البالغ من العمر 37 عامًا، على تفجير نفسه في موكب هتلر في أثناء زيارة لمعرض كان مخصصا للأسلحة التي استولى عليها الألمان من السوفيات. وبما أن غيرسدورف كان المسؤول عن هذا المعرض، فقد كانت مسؤولية مرافقة الزعيم النازي تقع على عاتقه، ولم يكن الأمر يتطلب منه سوى تفجير القنبلة التي خبّأها في جيبه في الوقت المناسب.
وكان 21 مارس/آذار يصادف ذكرى يوم الأبطال، إذ لبست العاصمة برلين أبهى حللها، وبالفعل، تجمع عشرات الآلاف من سكان برلين أمام أرض المعرض المذكور لمشاهدة موكب هتلر.
وفي الساعة الواحدة بعد الظهر، وصل الموكب الرسمي، وخرج هتلر عابسًا من سيارته، يليه غورينغ وهيملر والأدميرال دونيتز، وعزفت لهم أوركسترا الحركة الأولى لسيمفونية أنتون بروكنر رقم 7. بعد ذلك صعد هتلر إلى المنصة لإلقاء خطابه الذي لم يدم، على غير العادة، سوى 12 دقيقة كرّسها لانتقاد الأعداء الروس، وهذا أمر غريب بالفعل لأن خطابات الزعيم النازي كانت طويلة جدا.
وبعدئذ اندفع هتلر إلى قاعة المعرض، وهنا أدرك الكولونيل غيرسدورف أن الوقت قد حان لتهيئة القنبلتين المخبئتين في جيبه للانفجار، فعزل نفسه في زاوية لجعل فتيل قنبلتيه جاهزا للانفجار، وقد تمكن بالفعل من إعداد إحدى القنبلتين وفشل في الأخرى، فقال في نفسه "لا يهم فقنبلة واحدة تكفي".
وكانت أمامه 10 دقائق للاقتراب من هتلر، وهو وقت كاف لإنجاز المهمة على نحو مثالي. وفي الوقت نفسه، كان يأمل تفجير القادة النازيين الذين كانوا مع هتلر.
لكن هتلر، وللمرة الثانية، نجا بأعجوبة، فقد قرر فجأة المغادرة بسرعة ودون سابق إنذار ولم يتمكن الكولونيل الانتحاري من اللحاق به.
وبعد أن أدرك غيرسدورف أن مهمته قد فشلت سارع إلى المرحاض حيث نزع فتيل قنبلته التي كانت جاهزة للانفجار، وتمكن من تمزيق المفجر في القنبلة الثانية. وبذلك نجا هتلر من هجوم دون أن يدرك ذلك، ولم يكشف رفاق غيرسدورف عن أمره حتى عندما ألقي القبض عليهم، بعد محاولة أخرى. وشهد غيرسدورف أهوال الحرب العالمية الثانية، ولم يمت إلا عام 1980، وكان عمره 74 عاما.