10 سنوات على الثورة.. نصر الحريري: السوريون سينالون حريتهم ولا مصلحة لأحد في العداء مع الشعوب

الحريري: لا يمكن لروسيا المحافظة على مصالحها الحيوية في سوريا والمنطقة من خلال دعم الدكتاتوريات والجرائم

الحريري: لا يمكن لروسيا المحافظة على مصالحها الحيوية بسوريا والمنطقة من خلال دعم الدكتاتوريات والجرائم (الفرنسية-أرشيف)

أكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الدكتور نصر الحريري أن الائتلاف بعد مرور 10 سنوات على الثورة لا يزال ممثلا شرعيا للشعب السوري وثورته وتطلعاته، مشيرا إلى أن السوريين في النهاية سينالون حريتهم ولا مصلحة لأحد في العداء مع الشعوب.

وفي حوار مع الجزيرة نت، اعتبر الحريري أنه لا يمكن لروسيا المحافظة على مصالحها الحيوية في سوريا والمنطقة من خلال دعم الدكتاتوريات والجرائم.

وقال رئيس الائتلاف إن المعارضة بعد 10 سنوات على الثورة مطالبة بتقديم مؤسسات متماسكة وقوية تعتمد خطابا سياسيا صلبا ومتّحدا ويلتزم بمبادئ المواطنة والحرية والعدالة وتجنّب السقوط في الخطابات الإيديولوجية.

وفيما يلي نص الحوار:

  • بداية، الائتلاف السوري بوصفه ممثلا شرعيا للشعب السوري، على أعتاب العقد الأول من عمر الثورة بات مطالبا بتقديم كشف حساب للمنتفضين السوريين ضد النظام، ماذا قدم لهم؟ وما المنتظر منه؟

كشف الحساب يقدم في سياق رؤية كاملة للمعطيات، ولا شك أن النتائج التي نرجوها كانت أكبر بكثير مما وصلنا إليه، الغضب والألم الذي نشعر به ويشعر به جميع أبناء الشعب السوري اليوم تجاه الأوضاع ليس ناجما عن عجز مؤسسة الائتلاف عن أداء وظيفتها فقط، فتصوير المشهد بهذا الشكل محاولة للعثور على جسم لتعليق المسؤولية عليه، وهذا لن يكون مفيدا لأحد.

كما أن هناك معطيات كثيرة أوصلتنا إلى الواقع الذي نحن فيه الآن، وهنا لا أتحدث عن النظام وحلفائه، فهم دون شك المسؤول الأول عن الجريمة والكارثة. أضف لذلك تقاعس المجتمع الدولي وفشل المنظمة الأممية والأطراف والدول الصديقة عن مسؤولياتها، وهذا كان عنصرا فاعلا فيما وصلنا إليه.

الائتلاف الوطني هو الممثل الشرعي للشعب السوري ولثورته ولحقوقه وتطلعاته

ومن جانب آخر، ولد الائتلاف بوصفه مؤسسة سياسية مسؤولة عن إدارة فترة مؤقتة في ظل واقع دولي كان آنذاك مختلفا، وجاء تشكيل الائتلاف لإدارة مرحلة قد تستغرق شهرا أو بضعة أشهر على الأقل، لكن مع استمرار الأزمة وتفاقم الأوضاع صار لا بد لهذه المؤسسة من أن تتأقلم مع مسؤوليات جديدة ومع واقع دولي متغير.

كما أن تغير مناخ ومسار كثير من مناطق ودول الربيع العربي جعل المسؤوليات أصعب بكثير، ويجب أخذ كل ذلك بعين الاعتبار عند الحكم على التجربة السورية وتجربة الائتلاف أو عند إجراء كشف حساب.

ومنذ بدء أعمال الدورة الرئاسية الحالية، كنا نشعر بأننا نتسلم القيادة في مرحلة مهمة، وأن السنة العاشرة تعني ضرورة إعادة النظر وضرورة القيام بأداء مختلف ولدينا خطة لتفعيل كل مكاتب الائتلاف ولجانه ودوائره، ونسعى لإجراء حوارات مفتوحة مع الشخصيات السورية بمختلف توجهاتها وخلفياتها.

  • في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2012 خرج السوريون بمظاهرات تحت شعار "الائتلاف الوطني يمثلني"، ماذا بقي من هذا الشعار من وجهة نظر الائتلاف في ظل التشرذم الذي تعيشه منصات المعارضة التي تدعي كل منها تمثيل الشعب؟

لا يوجد أي طرف سياسي يزعم أنه يمثل الشعب السوري باستثناء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، هناك من يقولون إنهم يمثلون تيارات أو توجهات أو مصالح أو يعتقدون أنهم أحرص على سوريا من غيرهم.. لكن على أرض الواقع الائتلاف الوطني هو الممثل الشرعي للشعب السوري ولثورته ولحقوقه وتطلعاته.

من جانب آخر، نعلم أن الشارع في العموم ساخط، لكن السخط في الحقيقة هو على النتيجة، ورغم أن النتيجة لها أسباب كثيرة، فإن البعض يستغل مناخ حرية الرأي والنقد والتعبير وينقل هذا السخط ويقوم بتوظيفه سياسيا.

ويبقى المجرم رقم واحد هو النظام وحلفاؤه، ثم تأتي مسؤوليات المجتمع الدولي وأصدقاء الشعب السوري والمنظمات الدولية التي يفترض بها أن تقوم بحفظ الأمن والسلم.

ونحن نؤكد مسؤولية مؤسسات المعارضة وضرورة تحسين أدائها، ولا شك بوجود مساحات تستحق النقد والمحاسبة والمتابعة، ما دام ذلك يأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات الأخرى.

الحريري: لا يوجد أي طرف سياسي يزعم أنه يمثل الشعب السوري باستثناء الائتلاف الوطني (الفرنسية-أرشيف)
  • ذكرتم النتيجة والأسباب، وكان بيد الائتلاف الوطني السوري أوراق ضغط قوية لها وزنها دوليا على النظام السوري، لكن بعد مرور عقد على الثورة، ماذا بقي بيد الائتلاف من تلك الأوراق، وهل يمكنها تغيير النتيجة؟

معظم إنجازات الثورة السورية كانت في شهورها الأولى، حتى على المستوى العالمي والتعاطف الدولي، في السنوات الأولى كان هناك إنجازات، وتمكن الجيش الحر من تحرير مساحات واسعة، لكن بدءا من عام 2015 تغير المشهد الدولي وتغيرت الرؤية، لم يعد الملف أولوية دولية. الائتلاف ليس دولة، وأقوى أوراقه كانت ثبات الثورة على الأرض وثبات الثوار، إضافة إلى القرارات الدولية والشرعية الدولية.

دخول روسيا المباشر كان نقطة فاصلة بالنسبة للمجتمع الدولي الذي شعر بأن حجم الرهان أصبح كبيرا، وبأن هناك مخاطر من الدخول في صراع على الأرض، وأن الأمر قد يتفاقم ويخرج عن السيطرة بالنسبة له.

الموقف التركي، والعمليات التي جرت بالتعاون ما بين الجيش الوطني السوري والجيش التركي، أقصد درع الفرات ونبع السلام وغصن الزيتون ودرع الربيع، كلها وضعت معادلة جديدة، ونرى أننا تمكنا من خلالها من إعادة التوازن للوضع والقضاء على أوهام النظام وحلفائه بإمكانية فرض الحل الذي ينسجم مع مصالحهم.

اليوم، نحن مطالبون بأن نقدم مؤسسات متماسكة وقوية تعتمد خطابا سياسيا صلبا ومتحدا، وأن نلتزم بخطاب المواطنة والحرية والعدالة، ونتجنب السقوط في الخطابات الإيديولوجية والطائفية، هذا بحد ذاته يمثل ورقة ضغط كبيرة في حال تمكنا من تحقيقه.

  • إذن تجدون أن تدخل روسيا كان نقطة فاصلة، لكنها اليوم طرف مهم بما يحدث في سوريا وداعم كبير للنظام، فهل حاولتم التواصل معها بما يتوافق مع تحقيق طموحات الشعب السوري؟ أو أنها خارج حساباتكم؟

روسيا جزء من مشكلة، وهي شريكة في الجرائم، ودعمت النظام دعما استثنائيا، وهي تضع نفسها باستمرار في موقع المجرم والمحتل والقاتل.

ومن المؤكد أن مصالح روسيا ليست في دعم دكتاتور مجرم وقاتل، بإمكانها أن تعيد ترتيب أولوياتها وتضع مصالحها مع مصالح الشعب السوري، وما هو مطلوب ليس شيئا خياليا، المطلوب هو تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي.

لا يمكن لروسيا أن تحافظ على مصالح حيوية في سوريا والمنطقة من خلال دعم الدكتاتوريات والجرائم، هذا الشعب سينال حريته ولا مصلحة لأحد في العداء مع الشعوب.

هناك مجال لإصلاح حقيقي للموقف الروسي، لكن ليس هناك ما يبشر بذلك حتى الآن.

  • في معرض الحديث عن روسيا نجد أن مسار جنيف المتمسكة به المعارضة منذ عام 2012 يشهد جمودا منذ سنوات، بينما مسار أستانا الذي تدعمه روسيا يتقدم على المسار الأممي، فهل نحن أمام تخلي المعارضة عن مسار جنيف لصالح أستانا؟

لقد عبّرنا دوما عن التزامنا بالحل السياسي، لكن هذا لا يعني أننا نعتقد بأن الطرف الآخر سيرضخ طواعية لهذا الحل. نحن نعلم أن النظام لا يريد أي حل سوى الخيار العسكري وتركيع الشعب السوري ودول العالم.

روسيا جزء من المشكلة وهي شريكة في جرائم النظام السوري

التحرك نحو الحل السياسي يهدف إلى تحقيق أمرين، الأول إثبات جدية قوى الثورة والمعارضة في سعيها لحل سياسي شامل يضمن انتقالا سياسيا حقيقيا، والثاني كشف المجتمع الدولي، ومن ثم دفعه نحو ممارسة الضغوط اللازمة على النظام من أجل التحرك بجدية نحو الحل السياسي. مسؤولياتنا تحتّم علينا ألا نترك ولا نتخلى عن أي خيار يمكن أن يساهم في إنهاء الأزمة وتحقيق تطلعات الشعب السوري.

  • أشرنا إلى روسيا لذلك يجب أن نتطرق إلى الدولة التي تثير قلقا للشعب السوري وهي إيران، كيف تنظر المعارضة إليها؟ وما هي الحلول المتاحة أمام الائتلاف للتعامل معها؟

يجب أن نفصل الشعب الإيراني الذي هو شبيه إلى حد كبير بالشعب السوري، نحن نتواصل مع المعارضة الإيرانية كلما كان ذلك ممكنا، ونعبر عن دعمنا لخيار الديمقراطية والاستقرار في إيران التي تبقى دولة من دول المنطقة ولها حضور طبيعي، ولكن نحن نواجه الآن نظاما مجرما آخر يشبه نظام الأسد.

وضمن هذا الإطار ندعم كل المواقف التي تضغط على النظام الإيراني، باعتباره شريكا مباشرا في الإجرام الذي يمارسه نظام الأسد على السوريين، يجب أن تكون هناك مواقف جدية وجادة وعملية في وجه الأزمات التي تقف وراءها إيران ونظام الأسد وروسيا في المنطقة.

هذا هو الموقف الذي نعتقد أن على كل دول العالم الحر، وكل الدول الداعمة الديمقراطية، أن تتبناه وتلتزم به.

  • حديثنا عن داعمي النظام موسكو وطهران؛ يقودنا إلى طرح سؤال عن الدول المعروفة بأصدقاء الشعب السوري والتي انضمت منذ بداية الثورة إلى هذه القائمة، ماذا بقي من تلك الدول فعليا؟ وهل ما زال دعمها مستمرا بالطريقة ذاتها التي بدأت بها؟

نعم لقد دعم العالم الشعب السوري وأعلن منذ البداية أن ثورته ومطالبه محقة وأن النظام قاتل وغير شرعي، وقدمت لنا الكثير من الدول دعما إعلاميا وسياسيا وإنسانيا وما تزال، ولكن الدعم المطلوب كان هو التحرك باتجاه سبب الكارثة والخلاص منه.
نظام الأسد فعل في سوريا ما لم يفعله لا الرئيس المصري الراحل حسني مبارك ولا الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بل حسب حقوقيين فإن جرائمه أبشع من جرائم النازية، وحقيقة لم نلمس إرادة حقيقية لدى الأصدقاء في الخلاص من هذا النظام المجرم مثلما شاهدنا ما حصل مع المذكورين.

الحريري: من المؤسف أن بعض المكونات، سواء على خلفيات إيديولوجية أو عرقية أو قومية، تصر على التحرك ضد إجماع الشعب السوري (الفرنسية-أرشيف)
  • بعد عقد على الثورة السورية، سيجري النظام انتخاباته الثانية كأن شيئا لم يحدث في البلاد، كيف تنظر المعارضة إلى الانتخابات المزمع عقدها أبريل/نيسان المقبل؟

من المناسب أن نشير إلى تقرير أصدرته مؤخرا منظمة "فريدوم هاوس" (Freedom House)، حيث تمكن نظام الأسد من التربع على قائمة الدول الاستبدادية، متفوقا على كل دول العالم بما فيها كوريا الشمالية، وهو اليوم في القاع تماما، وقد جاء بنقطة واحدة من 100 نقطة على مؤشر الحرية.

يمكن في هذا الإطار أن نفهم ما هو معنى هذه المسرحية الفاشلة، نحن أمام ضجيج يسعى لخلق فوضى وتغطيات إعلامية خالية من المعنى، لا أحد يصدق هذه المهزلة على الإطلاق، سيحاول الروس تسويقها سياسيا، لكن لن يكون لذلك أي تأثير.

  • تحدثنا عن النظام الذي يسيطر على مناطق في سوريا، لذلك لا بد أن نتحدث عن طرف آخر يقاسمكما السيطرة على البلاد، وهم الأكراد إذ تحاول ما تسمى بوحدات حماية الشعب الكردية إنشاء إقليم شمال شرقي البلاد، ما تعليقكم على هذا الأمر؟

الموقف المبدئي بالنسبة للائتلاف، وبالنسبة لقوى الثورة والمعارضة السورية هو أن سوريا دولة واحدة، سوريا دولة مواطنة، سوريا دولة حرية وعدالة، تحت هذا السقف كل شيء قابل للنقاش، أما ما وراء ذلك فهذا أمر مرفوض، وأي حزب أو تيار أو تجمع يريد البحث عن الحقوق الشخصية وحقوق المكونات والحقوق الحزبية والطائفية والعرقية والقومية على حساب حقوق الآخرين فهذا أمر مرفوض. كل هذه الحقوق تكون مضمونة إذا عملنا من أجل حقوق المواطنة.

من المؤسف أن بعض المكونات، سواء على خلفيات إيديولوجية أو عرقية أو قومية، تصر على التحرك ضد إجماع الشعب السوري، وتعتمد الإرهاب ودعم النظام وسياسات التهجير والتغيير الديمغرافي.

  • ملفا المعتقلين والنازحين تصدرا المشهد عالميا لقساوتهما، ماذا عن محاولات الائتلاف الوطني بشأنهما؟

المعتقلون بلا شك على رأس أولوياتنا، ويجب أن يكون ملفهم على رأس أولويات المجتمع الدولي كله، لكن عمليا، وللأسف، فإن هذا الملف معطل مع تعطل الملف السياسي، وكل جهودنا وجهود الهيئة الوطنية لشؤون المعتقلين والمفقودين في تحريك المجتمع الدولي والضغط على أطرافه لم تثمر بما يخدم أوضاع المعتقلين حتى الآن. والجانب الأساسي الذي يمكن أن نتحرك فيه حاليا على هذا الملف هو حشد الضغط الدولي على النظام.

  • شاهدنا هجوما من قبل ناشطين سوريين على شخصكم والسيد أنس العبدة رئيس هيئة التفاوض، إذ وجهت اتهامات بعدم الشفافية في تداول سلطة المعارضة، ما تعليقكم؟

الدورة الرئاسية الحالية للائتلاف على مشارف النهاية، وباب الترشيحات مفتوح للجميع وبشفافية، ليس لدينا في الائتلاف ما نخفيه أو نعتم عليه، ولأن الائتلاف مكون من عدد من التيارات والأحزاب والقوى السياسية فإنه يحول تماما دون أي محاباة أو التواء، لا سيما في قضية الانتخابات، ما نقوم به هو تجربة ديمقراطية وليدة في سوريا بعد 50 سنة من القحط السياسي، ولا أعتقد أن تنقّل أي سياسي لأي منصب فيه محظور قانوني، الحكم هو الانتخاب والاختيار.

المصدر : الجزيرة