لوموند ديبلوماتيك: فليخرس فيسبوك وتويتر.. الحملات ضد المسلمين في ميانمار والهند أخطر من تغريدات ترامب

انفجار الاتصالات أنشأ مجتمعات تأديبية تزيد التحكم فينا يومًا بعد يوم بمزيد من الإغلاق، بعيدًا عن توسيع حدود الحريات.

A logo of Twitter is pictured next to the logo of Facebook in this September 23, 2014 illustration photo in Sarajevo. Facebook, Google and Twitter are stepping up efforts to combat online propaganda and recruiting by Islamic militants, but the Internet companies are doing it quietly to avoid the perception that they are helping the authorities police the Web. REUTERS/Dado Ruvic/Files
قدرة تويتر وفيسبوك على إسكات رئيس الولايات المتحدة أكدت القوة المذهلة التي يتمتعان بها (رويترز)

قالت مجلة "لوموند ديبلوماتيك" (Le Monde diplomatique) الفرنسية إن جرائم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يوم قرر تويتر إغلاق حسابه وفيسبوك تعليقه قبل 11 يوما من انتهاء ولايته، وبعد أن خذله جزء من أنصاره الجمهوريين المخلصين، لم تكن أكثر فتكًا من تلك التي ارتكبتها وكالة المخابرات المركزية أو رؤساء الدول الذين لم تُهدّد حساباتهم أبدا.

وتحت عنوان "اخرسوا!" قال سرجي حليم -الذي كتب التعليق- إن ادّعاء ترامب بشكل خاطئ، بأن هزيمته الانتخابية تم تأمينها عن طريق التزوير، لم يكن أكثر إثمًا من تهديده لكوريا الشمالية -عبر تويتر- بنيران نووية، كما أن "خطاب الكراهية" الذي تنتقده المنصات الإلكترونية على ترامب بعد أن استفاد منها بصورة كبيرة، لا يساوي الخطورة الشديدة لما تنشره هذه الشبكات "الاجتماعية" نفسها في ميانمار أو الهند ضد الأقليات المسلمة.

غير أن تويتر وفيسبوك لا يتسمان بالانسجام والشجاعة -كما يقول الكاتب- وقد شجعهما التساهل الهائل الذي قابلتهما به الحكومات والأفراد على العمل والنمو، واستنتجا أن كل شيء مسموح به، خاصة أن قدرتهما على إسكات رئيس الولايات المتحدة أكدت القوة المذهلة التي يتمتعان بها.

ونبّه الكاتب على أن مثل هذا المنع قد لا يروق اليمين الأميركي، لكنه النتيجة الطبيعية للفكرة التي روّج لها هو ومفكروه، وهي أن السلطات العمومية لا ينبغي أن تكبح قوة الشركات ولا ثروات أصحابها، فهم الآن ضحايا "شعبوية السوق" هذه، فالدستور يحمي عمالقة الإنترنت عندما يسكتونهم، كما يحمي حرية التعبير من رقابة الدولة لا من الشركات الاحتكارية، وتستمر قاعدة "ويل للمهزوم".

وأشار الكاتب إلى أن الوجه الآخر لخطر عتاة الأشخاص والأفكار التي يحملونها، هو أنهم يجعلون الناس يقبلون كل شيء لحماية أنفسهم منهم، بما في ذلك التعليق غير المحدود للحريات الطبيعية، أما عندما يتعلق الأمر بمكافحة الأفكار الإرهابية والعنصرية والمعادية للسامية والانفصالية، فإن "الحرب لا تحسم أبدا ولو بالاستسلام الرسمي للمهزوم، بل إنها تخلق حالة استثنائية دائمة".

وليس هنالك ما هو أسهل من اختيار هدف مكروه لا يرغب أحد في الارتباط به -كما يقول الكاتب- ثم توسيع نطاق المحظورات باستمرار، مثل وصف معارضي الحربين في أفغانستان والعراق بأنهم من المدافعين عن تنظيم القاعدة، ووصم منتقدي سياسات إسرائيل بمعاداة السامية، ونعت من لا يعجبهم الوعظ المستورد من جامعات أميركا بالترامبيين أو العنصريين، ومن ثمّ لا يحتاج أحد بعدئذ إلى مناقشة خصومه، بل يسعى إلى إسكاتهم.

وكذلك كان اغتيال الأستاذ صموئيل باتي في إحدى المدارس الفرنسية -كما يقول الكاتب- تحت ستار هذا الإسكات المقلق، ذريعة لتفكيك التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا، كما لو أن انفجار الاتصالات أنشأ مجتمعات تأديبية تزيد التحكم فينا يومًا بعد يوم بمزيد من الإغلاق، بعيدًا عن توسيع حدود الحريات.

المصدر : الصحافة الفرنسية