اتهام الفصائل العراقية المسلحة بالمسؤولية عن الهجمات الصاروخية يهدد مكانتها الشعبية

أغلب هذه الصواريخ تسقط فوق رؤوس المدنيين العراقيين

دخان يتصاعد من المنطقة الخضراء عقب قصف صاروخي في مارس/آذار الماضي (مواقع التواصل)

يبدو أن توجيه أصابع الاتهام نحو الفصائل الشيعية بالمسؤولية عن الهجمات الصاروخية المتكررة على مواقع البعثات الأجنبية في العراق؛ بات يزرع الخشية في قلوب هذه الفصائل من فقدان شعبيتها في الشارع العراقي، لأن أغلب هذه الصواريخ تسقط على منازل المدنيين.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حث الحكومة العراقية على التحرك عقب الاستهداف الصاروخي الأخير للمنطقة الخضراء في بغداد، قائلا "على الحكومة ألا تقف مكتوفة الأيدي".

وأضاف الصدر -في تغريدة الاثنين الماضي على تويتر- أن "ترويع المدنيين والمواطنين وتعريض حياتهم للخطر يشوه سمعة المقاومة، ويضعف شعبيتها في قلوب الشعب".

وأكد البيت الأبيض -مساء الثلاثاء الماضي- أن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ناقشا الهجمات الصاروخية الأخيرة على القوات العراقية وقوات التحالف، واتفقا على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها.

شعبية الفصائل

استمرار استهداف المواقع الدبلوماسية الأجنبية بهذا الشكل يضعف شعبية الفصائل في العراق، على اعتبار أن المتضررين من القصف العشوائي هم المواطنون بالدرجة الأساس، حسب الخبير السياسي مناف الموسوي.

وأشار الموسوي للجزيرة نت إلى أن "القصف الخاطئ وسقوط صواريخ الكاتيوشا على منازل المدنيين أو المنشآت الحكومية أصبح ورقة سلبية تستعمل ضد هذه الفصائل المسلحة".

وأضاف أن "استهداف البعثات الدبلوماسية بات يضعف هيبة الدولة ويوتر العلاقات مع الدول الأخرى، خاصة أن الحكومة العراقية الحالية تبنت في وقت سابق فتح الحوار مع الفصائل المسلحة والسيطرة على ملف استهداف المواقع الأجنبية".

وعدَّ الخبير السياسي عودة صواريخ الكاتيوشا مرة أخرى مؤشرا سلبيا يفتح الضوء الأحمر بالنسبة للحكومة العراقية بشأن إيجاد الحلول السريعة لهذا الملف، لأن الجهات المسلحة لا تكشف عن هويتها ولا يمكن محاورتها.

وأعلنت وزارة الدفاع العراقية -مساء الاثنين الماضي- أن هجوما صاروخيا استهدف المنطقة الخضراء (وسط العاصمة بغداد)، حيث توجد مقرات البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وبينها السفارة الأميركية، وجاء الهجوم بعد هجومين؛ أحدهما على مطار أربيل في كردستان العراق، والآخر في قاعدة بلد (شمال بغداد).

جماعات منفلتة

إن "هناك جماعات مسلحة منفلتة غير منضبطة تسعى لخلق الفوضى الأمنية والتأثير على الأوضاع السياسية في العراق"، حسب ما أكدته لجنة الأمن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي.

عضو اللجنة عبد الخالق العزاوي أشار إلى أن "اللجنة استضافت مستشاري الأمن الوطني وبعض القيادات الأمنية في اجتماع طارئ لبحث مستجدات استهداف البعثات الدبلوماسية في العراق".

وأضاف العزاوي للجزيرة نت أن الحكومة العراقية الحالية تتحمل مسؤولية استمرار الاستهداف الصاروخي المتكرر على البعثات والمقرات الأجنبية، وتتحمل مسؤولية عدم محاسبة المنفذين الخارجين عن القانون.

محمود الربيعي- صورة عن صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي
الربيعي هاجم الكاظمي لعدم قدرته على إدارة الملف الأمني وضعف جهوده الاستخبارية (مواقع التواصل)

الكاظمي يتحمل المسؤولية

في غضون ذلك، هاجم المتحدث باسم كتلة "صادقون" التابعة لحركة "عصائب أهل الحق" محمود الربيعي رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، لعدم قدرته على إدارة الملف الأمني وضعف جهوده الاستخبارية، وعدم الكشف عن المسؤولين الذين يقفون وراء الهجمات المتكررة على البعثات الأجنبية ومحاسبتهم.

واعتبر الربيعي للجزيرة نت أن القصف العشوائي على البعثات الدبلوماسية أمر مرفوض من قبل جميع الفصائل المنضوية تحت "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية".

وقال الربيعي إن الفصائل لديها معلومات مهمة بشأن الجهات التي تقف وراء استهداف السفارة الأميركية في العاصمة بغداد بشكل متكرر، والمعلومات سُلمت إلى الجهات الأمنية الحكومية العراقية، ولم تتحرك لمحاسبة الجناة.

وبشأن تعليق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حول إمكانية تراجع شعبية الفصائل الشيعية المسلحة نتيجة استمرار تطاير صواريخ الكاتيوشا بشكل عشوائي؛ أشار الربيعي إلى أن هناك جهات وجماعات غير منضوية تحت جناح الفصائل هي التي تقوم بالهجمات الصاروخية بهدف تشويه صورة وسمعة الحشد الشعبي والفصائل التابعة له.

الخبير الامني سعد الزبيدي - صورة خاصة - داخلية فقط
الزبيدي رأى أن استهداف الهيئات الدبلوماسية يضعف هيبة العراق أمام المجتمع الدولي (الجزيرة نت)

هجمات مستمرة

وعن هذه الهجمات، رأى الخبير الأمني سعد الزبيدي أن استمرار استهداف الهيئات الدبلوماسية بشكل متواصل يضعف هيبة العراق أمام المجتمع الدولي، وقد يدخله في مسائل وأمور تعقد علاقاته الدولية.

وأوضح الزبيدي للجزيرة نت أن المنظومة الأمنية العراقية ضعيفة جدا، وهي غير قادرة على معرفة الجهات المنفذة، إضافة إلى ضعف الحكومة الحالية، التي تعد أضعف الحكومات التي مرت على العراق بعد عام 2003.

وأشار الخبير الأمني إلى أن الأوضاع الحالية واستمرار الاستهداف الصاروخي أجبرا أغلب الشركات العالمية على عدم الاستثمار والعمل في العراق وسط أزمة اقتصادية خانقة يعاني منها البلد.

وأضاف أن هناك فصيلا مسلحا غير مسؤول لا ينضوي تحت جناح الحكومة هو من يقف وراء القصف الممنهج على البعثات الدبلوماسية في بغداد والمحافظات الأخرى.

المصدر : الجزيرة