الجمهوريون يرسخون ترامب زعيما للحزب بعد تبرئته من تهمة التحريض على التمرد في حادث اقتحام الكونغرس

الجمهوريون رأوا في المحاكمة استهدافا مبطنا لخصم سياسي لم يعترف بالهزيمة والديمقراطيون أكدوا أنها تتعلق بحماية الدستور

U.S. President Donald Trump speaks at a Women's Empowerment Panel at the East Room of the White House in Washington, U.S.
دونالد ترامب استنكر محاكمته وقال إن مسيرته "بدأت الآن" (رويترز)

احتفال مختلف ينتظر الأميركيين غدا الاثنين بمناسبة "يوم الرئيس" الذي تغلق فيه الحكومة الفدرالية أبوابها تخليدا لذكرى مولد أول رئيس أميركي (جورج واشنطن)، وتتذكر فيه رؤساءها السابقين جميعا بالتقدير والعرفان.

فقبل يوم واحد من احتفال الشعب الأميركي بالرؤساء السابقين تمت تبرئة الرئيس السابق دونالد ترامب -في محاكمة مجلس الشيوخ- من تهمة تحريض أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني الماضي لتعطيل تصديق الكونغرس النهائي على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، والتي فاز فيها الديمقراطي جو بايدن.

وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها ترامب لمحاكمة أمام مجلس الشيوخ، فقبل عام برأه المجلس من تهمة التواطؤ واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب سياسية في ما باتت تعرف بقضية أوكرانيا.

وأجهض الجمهوريون في مجلس الشيوخ مساء أمس السبت مساعي خصومهم الديمقراطيين لإدانة ترامب بتهمة تحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس، وأيد 57 عضوا في المجلس إدانة ترامب مقابل رفض 43 عضوا، مما يعني عدم توافر أغلبية الثلثين المطلوبة لإدانة الرئيس السابق.

وانضم 7 فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الـ50 إلى الديمقراطيين في المجلس للتصويت لصالح إدانة ترامب.

رفض بدون إدانة

كانت محاكمة مجلس الشيوخ سياسية بامتياز، لعب فيها الأعضاء الـ100 دور هيئة المحلفين، ولم تكن المحاكمة إجراء جنائيا، بل كانت إجراء لتحديد ما إذا كان الرئيس ترامب قد التزم بقسمة الرئاسي بالمحافظة على الدستور من عدمه.

وأدان جميع الأعضاء الجمهوريين عملية اقتحام مبنى الكابيتول، لكن رأت الأغلبية ضرورة الفصل بين سلوك ترامب غير الرئاسي وبين إدانة من شأنها التأسيس لتسهيل إقالة أي رئيس منتخب في المستقبل، واعتبر الجمهوريون أن الديمقراطيين تورطوا للمرة الثانية في نفس الخطأ.

وأشار الجمهوريون إلى أن التاريخ الأميركي شهد على مدار ما يقارب 240 عاما 5 حالات محاكمة رئيس بهدف العزل، كانت اثنتان منها من نصيب ترامب، وهو ما اعتبروه استهدافا مبطنا لخصم سياسي لم يعترف بالهزيمة ويعتزم العودة لخوض الانتخابات القادمة.

في حين اعتبر الديمقراطيون أن الجمهوريين ينظرون إلى المحاكمة من وجهة نظر جنائية، ويبحثون عن قرائن لا تدع مجالا للشك في ما جرى من أحداث وتحريض، مؤكدين أن المحاكمة تتعلق بحماية الدولة والدستور.

واستهجنت الرئيسة السابقة للجنة الوطنية للحزب الجمهوري دانا برازيل نتيجة المحاكمة، وقالت في ظهور لها مع شبكة "فوكس نيوز" (Fox News) الإخبارية إننا "بحاجة إلى أن نعلم الأجيال القادمة أن هناك أناسا أصروا على التمهيد لما جرى في 6 يناير (كانون الثاني) من اقتحام أهم رمز للديمقراطية الأميركية، هذا عمل مستهجن أخلاقيا".

ترامب يرحب وبايدن ينظر للأمام

من جانبه، رحب ترامب بفشل مساعي الديمقراطيين لإدانته بتهمة التمرد والتحريض على اقتحام الكونغرس، وأعلن في بيان له أن "حركتنا التاريخية والوطنية والجميلة لجعل الولايات المتحدة عظيمة مجددا قد بدأت لتوها".

أما الرئيس جو بايدن فأصدر بيانا جاء فيه أنه "في حين أن التصويت النهائي لم يؤد إلى إدانة ترامب فإن جوهر التهمة ليس موضع نزاع، وحتى أولئك الذين يعارضون الإدانة -مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ماكونيل- يعتقدون أن دونالد ترامب مذنب بالتقصير المشين في أداء الواجب ومسؤول عمليا وأخلاقيا عن إثارة العنف الذي أطلق العنان له في مبنى الكابيتول".

حرب الجمهوريين الأهلية

وفي حديث مع الجزيرة نت، اعتبر البروفيسور جيرمي ماير المتخصص في السياسة الأميركية بجامعة جورج ميسون أن "نتيجة المحاكمة تعني أن الجمهوريين تجنبوا الصراع بشأن إرث ترامب، ستغضب ترامب الخطب النارية والتصريحات التي أدلى بها السيناتور ميتش ماكونيل والسيناتور بيل غراسلي وغيرهما ممن صوتوا ضد إدانته، لكنهم ألقوا باللوم بصراحة على ترامب في التحريض على التمرد".

وأكد ماير أن "ترامب لن يكون قادرا على كبح جماح نفسه، وسوف ينتقدهم حتما"، وهو ما قد يشير إلى خلافات بين الجمهوريين تلوح في الأفق.

بدوره، قال بروس فين مساعد وزير العدل السابق في حديث مع الجزيرة نت إن نتيجة المحاكمة من شأنها "أن تثير حربا ضارية تشل الحزب الجمهوري إلى أجل غير مسمى، إلى أن يترك ترامب السياسة أو يموت".

من جهته، ذكر بيتر هوف المعلق الجمهوري في صحيفة "نيوزويك" (Newsweek) في حديث مع الجزيرة نت أن ترامب لا يزال يسيطر على مفاصل الحزب الجمهوري.

وأشار استطلاع أجرته مؤسسة "مورنينغ كونسلت" (Morning Consult) إلى استمرار تمتع ترامب بشعبية بين 81% من الجمهوريين رغم اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس.

ولا يعتقد هوف أن نفوذ ترامب سيستمر مرتفعا بين الجمهوريين لبعض الوقت، وقال "بمجرد أن تبدأ الحملة الانتخابية عام 2024 ستقل أهميته".

المصدر : الجزيرة