مقال بفورين بوليسي: تطبيع العلاقات مع نظام الأسد خطوة تعزز الاستبداد والإفلات من العقاب
تعمل بعض الحكومات الإقليمية التي كانت بالأمس تقصي دمشق على إصلاح العلاقات مع النظام السوري القاتل، وذلك يبعث رسالة لمن ينتهكون حقوق الإنسان في العالم تدلّهم على سبل ارتكاب الجرائم الوحشية مع ضمان الإفلات من العقاب.
هذا ما تراه بينت شيلر، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة "هاينريش بول" (Heinrich Böll Foundation) التي مقرها برلين، في مقال لها بمجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية استهلّته بالقول إن الأمور تبدو واعدة للرئيس السوري بشار الأسد الذي تلقى أخيرا مكالمة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لأول مرة منذ 10 سنوات بعد إعادة فتح الحدود الأردنية السورية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتوافق أميركي قطري على رفض التطبيع مع نظام الأسد
في ظل غياب توافق عربي.. هل يعود نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية؟
هل إعادة العلاقات العربية مع نظام الأسد تعني الموافقة على جرائمه؟
كما زار وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، عبد الله بن زايد، العاصمة السورية دمشق، وأبرم اتفاقا على زيادة التعاون الاقتصادي مع نظام الأسد، في حين التقى رئيس المخابرات السعودية خالد بن علي الحميدان نظيره السوري حسام لوقا في القاهرة في إطار الجهود المصرية لاستعادة مكانة سوريا في جامعة الدول العربية.
لماذا بقي نظام الأسد؟
وتتساءل شيلر: كيف استطاع الأسد العودة للمجتمع الدولي بعدما ارتكبه من جرائم في الحرب السورية التي تعدّ الأكثر توثيقا في التاريخ، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية، واستخدامه الأسحلة الكيميائية ضد شعبه في انتهاك صارخ للمعاهدات الدولية؟
وتُرجع كاتبة المقال ذلك إلى عوامل من أبرزها الغطاء الدبلوماسي الذي وفرته روسيا والصين للنظام السوري في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والدعم العسكري الهائل الذي قدمته كل من روسيا وإيران، ولولاه لكان الجيش السوري، الذي تقلص حجمه إلى النصف بحلول عام 2013، قد انهار منذ سنين.
ومن العوامل التي ساعدت نظام بشار الأسد أيضا، والكلام للكاتبة، فشل التدخلات العسكرية في أفغانستان والعراق وليبيا، التي كانت ذريعة لرفض خيار التدخل العسكري من قبل الولايات المتحدة والغرب حتى قبل مطالبة المعارضة السورية به، وذلك على الرغم من اختلاف الظروف بين سوريا وتلك البلدان.
وتقول شيلر إنه بالنظر إلى ما حدث في البلدان المذكورة آنفا، فإن التقاعس عن التدخل العسكري ضد الأسد قد يكون مفهومًا، لكن من الصعوبة بمكان تفسير أو تبرير التقارب الدبلوماسي الذي يجري الآن مع النظام السوري.
وأشارت إلى أن النظام السوري نجح في إقناع الفاعلين الدوليين بأنه يسعى للاستمرار في حكم البلاد، وأن العنف الذي يمارسه وسيلة ضرورية وإن كانت قاسية للحفاظ على الدولة.
كما أوضحت أن نظام الأسد الذي يسعى لتقديم نفسه على أنه جهة فاعلة عقلانية مستعدة للانخراط في حوار إستراتيجي، فإن بإمكانه لتحقيق ذلك الانتظار حتى تنحسر موجة الرأي العام السلبي حيال ممارساته.
ورأت شيلر أن تدفق اللاجئين السوريين نحو دول الاتحاد الأوروبي أسهم في صعود الشعبوية اليمينية في أوروبا، كما أسهمت الفوضى المتصاعدة والصراع في السماح للنظام السوري بتقديم نفسه على أنه الحل الأمثل لتوفير الاستقرار في سوريا والمنطقة.
وخلصت شيلر إلى أن الرئيس السوري أصبح محل إعجاب لدى الأنظمة الاستبدادية لأنه أضاف فصلا جديدا إلى دليل الحكام المستبدّين للبقاء مع ضمان سبل الإفلات من العقاب في كل شيء، الأمر الذي ينذر بمستقبل أكثر عنفًا وأقل استقرارًا في العالم.