الاغتصاب والانتهاك والإذلال.. نظام التعذيب المروّع في السجون الروسية
تقول مجلة "لونوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية إن المخابرات الروسية تمارس هيمنتها على السجون على نحو شبه علني.

كشف معتقلون سابقون أخيرًا عن التجاوزات الخطيرة التي تحدث في السجون الروسية، فقد أنشأ "المكتب م" الغامض التابع لجهاز المخابرات في الكرملين غرف تعذيب تحت الأرض. ويصف المبلّغون عن هذه المخالفات هيكلا كاملا للتعذيب يعمل في الظل، مع تقديم أدلة داعمة.
وفي تقرير نشرته مجلة "لونوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية، قال الكاتب جان بابتيست نوديت إن القيادة "م" التي تعدّ الوحدة الأقوى في جهاز الأمن الفدرالي الروسي المثير للرعب أنشئت سنة 2000 بعد وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة مباشرة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsانتقد الرئيس الشيشاني فأجبروه على التعري وتعذيب نفسه أمام الكاميرا
روسيا تُقيل مسؤولي سجون وتجري تحقيقات بعد تسريب لقطات مصورة لأعمال تعذيب
روسيا تدرج رجلا سرّب مقاطع فيديو لأعمال تعذيب واغتصاب في قائمة المطلوبين
وتحت ستار "مكافحة الفساد والتجسس"، يتحكم هذا القسم في جهاز الأمن الفدرالي في جميع مفاصل النظام القمعي الروسي، مثل المحكمة العليا والمدّعي العام ولجنة التحقيق الفدرالية وجميع قوانين وكالات تنفيذ القانون الأخرى. ويشير الحرف "م" إلى ما يسمى بوزارات "القوة" وهي وزارة الداخلية، والطوارئ، والعدل.
سافيليف وأوسيتشكين.. الشابان المبلّغان عن انتهاكات السجون الروسية
عانى هذان الشابان اللذان فضحا انتهاكات السجون الروسية من التعذيب والاغتصاب وسوء المعاملة والإذلال. يبلغ فلاديمير أوسيتشكين 40 عاما وقد أُطلق سراحه سنة 2011 وهو لاجئ في فرنسا، أما البيلاروسي سيرجي سافيليف فيبلغ من العمر 31 عاما، أفرج عنه في فبراير/شباط ويعمل على طلب اللجوء في باريس.
هذان الشابان من ضحايا التعذيب على أيدي الأجهزة الأمنية، وقد تعرض كلاهما لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، نجح كلاهما في ما فشلت فيه المعارضة والصحافة المستقلة والمنظمات غير الحكومية الروسية حتى الآن، وهو فضح نظام التعذيب في السجون الروسية.
قبضت السلطات على سيرجي سافيليف عام 2013 في قضية مخدرات ملفقة، وأُرسل إلى سجن ساراتوف الذي يقع على بعد 700 كيلومتر جنوب شرقي موسكو، يتذكر سافيليف قائلا "كنت أتعرض للتعذيب مرة في الأسبوع على مدار شهرين". ثم جنّدته إدارة السجن للاستفادة من مهاراته في البرمجة، وقد انتهز الفرصة لنسخ مقاطع فيديو توثّق الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء.
وأضاف سافيليف "بعد عام من العمل، كان الحراس قد اعتادوا وجودي، فكانوا يتركونني وحدي في غرفة نظام الكمبيوتر من دون تأمينها".
لم يسرق البيلاروسي سيرجي سافيليف الأرشيفات السرية لسجن ساراتوف فحسب، بل تمكن من اختراق الشبكة الداخلية التي تربط السجون الروسية ببعضها، وهكذا قام بنسخ أكثر من 300 فيديو تعذيب من مراكز "متخصصة" في التعذيب.
وحسب الناشط في مجال حقوق الإنسان فلاديمير أوسيتشكين، فإن "جهاز الأمن الفدرالي يتحكم في نظام السجون بصفة كلية، وكل فرع من فروعه الإقليمية لديه (قسم م) مسؤول عن إدارة السجون في المنطقة بأوامر من موسكو".
مقاطع فيديو لا تطاق
وحسب تقرير المجلة الفرنسية، فإن المخابرات الروسية تمارس هيمنتها على السجون على نحو شبه علني.
من جهته، أكّد فلاديمير أوسيتشكين أن "هذا العنف يُنفّذ بأمر من إدارة السجن من قبل سجناء معروفين بـ(الناشطين)، وهم مجرمون متشددون جنّدهم جهاز الأمن الفدرالي. ثم يُبتز الضحايا بالتهديد ببث مقاطع الفيديو".
تحدّث أوسيتشكين عن التجاوزات التي تعرض لها قائلا "نُقيّد ونُحرم من الطعام والنوم، ونخلع ملابسنا، ونُجلد على باطن القدمين، ونُضرب بزجاجة بلاستيكية مملوءة بالماء حتى لا تترك آثار ضرب على الجسم".
ويستعرض أوسيتشكين في حديثه للمجلة الفرنسية أساليب مهينة مثل التبول والحرق والاغتصاب، ويضيف "وإذا حدث عطب في تسجيل الفيديو، يعيدون التعذيب مجددا. يكون التعذيب في بعض الأحيان مجرد ساديّة، ولكنه في أغلب الأحيان وسيلة لانتزاع اعتراف أو شهادة ادّعاء أو ببساطة للحصول على الأموال".
نشر فلاديمير أوسيتشكين اللاجئ في فرنسا أخيرا مقاطع فيديو مرعبة تُظهر تعذيب السجناء واغتصابهم، وأكد أوسيتشكين أن "هذه الممارسات لا تشمل جميع السجون الروسية وإنما 15 مؤسسة فقط تقريبًا" متخصصة "في جميع أنحاء البلاد، ينقل مكتب (م) إليها المعتقلين لتعذيبهم". ومن الواضح أن هذه الإجراءات لا يمكن القيام بها إلا بأمر أو موافقة من جهاز المخابرات في موسكو.
لم يسرق البيلاروسي سيرجي سافيليف الأرشيفات السرية لسجن ساراتوف فحسب، بل تمكن من اختراق الشبكة الداخلية التي تربط السجون الروسية ببعضها، وهكذا قام بنسخ أكثر من 300 فيديو تعذيب من مراكز "متخصصة" في التعذيب.