مقال بالإندبندنت: ما دمنا نستطيع التعاون في الفضاء لماذا إذن لا ننقذ الأرض معا؟

"ما دمنا نستطيع التعاون في الفضاء، لماذا إذن لا ننقذ الأرض معا؟" بهذا التساؤل بدأ تيم بيك مقاله بصحيفة "إندبندنت" (Independent) البريطانية، لافتا إلى أن مستقبل أطفالنا في خطر عظيم بسبب تغير المناخ. ولمن لا يعرف كاتب المقال، فهو الرائد تيموثي نايجل بيك بسلاح الجو البريطاني، ورائد فضاء في وكالة الفضاء الأوروبية، وعضو سابق في طاقم محطة الفضاء الدولية.
ويقول تيم إنه رأى تعاونا عالميا في العمل على متن محطة الفضاء الدولية، وإن تكرار هذا النوع من العمل الجماعي على نطاق "قمة الأمم المتحدة تغير المناخ" (Cop26) الأممية غدا السبت في غلاسكو بأسكتلندا سيؤدي إلى نتيجة رائعة لا محالة.
ويحكي أن الاستيقاظ على متن محطة الفضاء الدولية يمنحك رؤية مختلفة للعالم بأكثر من طريقة. فمع واحة تلك الحياة الزرقاء التي تتوهج على مسافة 250 ميلا تحتك، تجعلك تقدر ليس فقط مدى خصوصية كوكبنا، ولكن مدى هشاشته أيضا. وبصرف النظر عن أولئك المحظوظين منا لزيارة محطة الفضاء الدولية، فإن الأرض هي موطننا الوحيد.
ولهذا السبب يقول تيم إنه انضم إلى 57 مليون كشاف في جميع أنحاء العالم بأن يقطعوا على أنفسهم "وعدا للكوكب" (#PromiseToThePlanet)، إذ يلتزم فيه كل كشاف باتخاذ إجراءات إيجابية -مهما كانت صغيرة- لخلق مستقبل أفضل لنا جميعا. لكنه أكد ضرورة أن يفي قادة العالم أيضا بوعودهم على الصعيدين الوطني والدولي. ولهذا السبب تعتبر "قمة تغير المناخ" (Cop26) لحظة حاسمة لعالمنا، وأنه إذا لم تتخذ بشكل جماعي القرارات الصحيحة، فإن مستقبل سكان الأرض جميعا على المحك.
ويتابع بأنه رأى التعاون الدولي عمليا على متن المحطة الدولية. فيمكنك الاحتكاك بالروس والأوروبيين واليابانيين والكنديين والأميركيين والعديد من الجنسيات الأخرى، والتغلب على حواجز اللغة، والعمل معا لحل المشكلات ومشاركة ما يُتعلم.
الاستيقاظ على متن محطة الفضاء الدولية يمنحك رؤية مختلفة للعالم بأكثر من طريقة. فمع واحة تلك الحياة الزرقاء التي تتوهج على مسافة 250 ميلا تحتك، تجعلك تقدر ليس فقط مدى خصوصية كوكبنا، ولكن مدى هشاشته أيضا
وإذا طبق هذا النوع من التعاون على نطاق عالمي في قمة المناخ غدا السبت فسنرى العجب وهذه المرة فقط لن يكون المشاركون "بلا وزن" (إشارة إلى عدم وجودهم خارج الجاذبية) بل على العكس من ذلك سوف يحتاجون إلى وضع أقدامهم مباشرة على الأرض.

ويلخص تيم رؤيته لهذا التعاون في دعوة زعماء العالم إلى الحد بشكل عاجل من غازات الاحترار العالمي لتجنب الانزلاق خارج نطاق السيطرة؛ ووقف ارتفاع درجة الحرارة وراء عتبة 1.5 درجة، والحاجة أيضا إلى دعم حكومات الدول الأخرى لإدارة تأثير أزمة المناخ وإجراء التغييرات المطلوبة بشكل عاجل.
ويعتقد أن شن حملة لوقف تغير المناخ ليس هواية أو اختيار نمط حياة، بل ضرورة لأن الأمر يتعلق بحماية الأجيال القادمة. والشباب في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ والمستقبل ملك لهم وعلينا أن نفعل كل ما في وسعنا لمنحهم الإرث الذي يستحقونه.
ولتقريب مدى خطورة تغير العالم، يقول تيم إن الأمر لا يحتاج إلى الذهاب إلى الفضاء لرؤية هذا التغيير، بل كل ما نحتاجه هو مجرد النظر من النافذة لرؤية الظواهر الجوية القاسية التي تقع على أعتاب بيوتنا. فقد أصبح المناخ غير قابل للتنبؤ أكثر من أي وقت مضى، وأصبح الجفاف والفيضانات أمرا شائعا حتى في الأماكن المعتدلة مثل بريطانيا.
وهذا له تأثير مدمر في جميع أنحاء العالم، والأمر يزداد سوءا وليس أفضل. وكما تبدو الأمور فإن الطفل المولود عام 2020، مقارنة بشخص ولد عام 1960، سيواجه في متوسط حياته ضعف حرائق الغابات، والفيضانات 208 مرات، وموجات الحر 6.8 مرات. ومن المستحيل تجاهل ذلك لما نشاهده من تدمير سبل العيش، والخسائر الحقيقية هي الأطفال الذين فقدوا الأساسيات التي يحتاجونها للصحة والتعليم.
واختتم مقاله بدعوة الجميع للالتزام بالتغيير في حياتنا اليومية، كل على قدر طاقته. كما نبه على مواصلة الضغط على قادة العالم أيضا، لا سيما عندما يجتمعون غدا السبت، ليدركوا أن التغيير الإيجابي شيء نرغب جميعا في رؤيته حتى لو احتجنا إلى اتخاذ خيارات صعبة، وقبل كل شيء "دعونا نتأكد من سماع أصوات أطفالنا، فقد حان الوقت لأن نرى أزمة المناخ بعيونهم".