مقال في واشنطن بوست: نحن العراقيين لم ننل الديمقراطية التي وعدونا بها وها نحن ندفع الثمن

الانتخابات التشريعية العراقية.. الصدريون بالمرتبة الأولى
الكاتب: الإقبال الضعيف على الانتخابات يثبت أن عددا قليلا جدا من العراقيين يؤمنون بالديمقراطية (الجزيرة)

علق طلحة عبد الرزاق، وهو باحث في مكافحة الإرهاب وقضايا الأمن في الشرق الأوسط بجامعة إكستر، على نتائج الانتخابات العراقية بأنه منذ أن قادت الولايات المتحدة ما وصفه بـ "تحالف الراغبين" الدولي لفرض تغيير النظام عسكريا في العراق عام 2003 دعي العراقيون للتصويت على ديمقراطيتهم الوليدة 6 مرات.

واعتبر الكاتب، في مقاله بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post)، اقتراع الأحد الماضي يوما حزينا بالنسبة له، كما تخيله للعديد من العراقيين الآخرين، بسبب الإقبال السيئ الذي بلغ 41% فقط. ويرى أن الشعب لم ينل أبدا الديمقراطية التي وعد بها، وبدلا من ذلك تُرك مع وحش غير كفء تماما وفاسد للغاية وشديد العنف يتنكر بزي الديمقراطية ويصيب جيلا كاملا بصدمة.

ويرى أنه، رغم الإقبال المنخفض الذي لا يشير إلى تفويض شعبي واسع النطاق للحكم، سيتم تشكيل حكومة ائتلافية بشق الأنفس. وستقوم الكتل ذات العدد الأكبر من المقاعد بتقسيم الغنائم فيما بينها.

وأضاف أنه منذ انتخابات 2005 تسبب نظام المحاصصة -الذي يقسم السلطة على أسس عرقية وطائفية- في شجارات حادة بين العراقيين، مما أدى إلى استقطاب المجتمع وإيجاد بيئة طائفية من الاضطهاد والقتل. ومع تشاجر النخب السياسية مع بعضهم البعض حول من سيحصل على أي وزارة (والأهم من ذلك الميزانيات الوزارية) لهثوا وراء رعاة أجانب لدعم حيلهم. وبطبيعة الحال كان الوسيطان الأجنبيان الرئيسيان هما الولايات المتحدة وإيران.

منذ انتخابات 2005 تسبب نظام المحاصصة الذي يقسم السلطة على أسس عرقية وطائفية في شجارات حادة بين العراقيين، مما أدى إلى استقطاب المجتمع وإيجاد بيئة طائفية من الاضطهاد والقتل

ونتيجة لذلك -بحسب الكاتب- كانت نتائج معظم الانتخابات محددة مسبقا، وأوجد نظام المحاصصة سلسلة من الحكومات الضعيفة، وضمن أن يكون رئيس الوزراء شيعيا فقط والرئيس كرديا، ورئيس البرلمان سنيا. ولا أحد يستطيع الفوز بأغلبية مطلقة أيضا، وبالتالي ستتكتل الأحزاب حول تحالفات قائمة على المصالح توجهها دائما إما الولايات المتحدة أو إيران. ويمكن للقوتين الخارجيتين بعد ذلك العمل كصناع ملوك وتقرران من الذي سيجلس على الكرسي الكبير.

إعلان

وتابع الكاتب بأن هذا النظام سمح لرئيس وزراء طائفي سيئ السمعة، مثل الزعيم نوري المالكي، بالبقاء في مناصبه الرفيعة كرئيس للوزراء أو نائب الرئيس طوال الفترة تقريبا بين عامي 2006 و2018. وألقي اللوم عليه باعتباره أحد المحرضين الأساسيين على الطائفية في العراق والجنون الأيديولوجي الذي ارتبط ارتباطا مباشرا بصعود تنظيم الدولة السني الراديكالي.

وأردف بأن هذا الإقبال الضعيف على الانتخابات يثبت أن عددا قليلا جدا من العراقيين يؤمنون بالديمقراطية وأن هذه الانتخابات تثبت ما يعرفه العراقيون بالفعل، وهو أن تصويتهم سيستخدم لتبرير سراب الديمقراطية في حين ستستمر مجموعة منتقاة بعناية من النخب في جني الأرباح على حساب استمرار معاناة الشعب.

واختتم الكاتب مقاله بأنه، ومع مثل هذه المشاكل النظامية والهيكلية العميقة ومع استمرار الافتقار إلى العدالة للضحايا الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن والمليشيات الذين يتصرفون بحصانة تامة، فإن السياسة العراقية محكوم عليها بالاستمرار في مسارها الحالي المتمثل في التعفن والخراب.

المصدر : واشنطن بوست

إعلان