لوموند: في تونس.. حكومة جديدة ومجال ضئيل للمناورة

قالت صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية إن نجلاء بودن رئيسة الحكومة التونسية التي عُيّنت بعد نحو شهرين ونصف الشهر من إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيّد أعلنت أخيرا تشكيل فريقها المكون من 25 وزيرا ثلثهم من النساء، سيكونون مسؤولين عن "استعادة الثقة" و"مكافحة الفساد"، وتساءلت عن مجال المناورة الذي سيتاح للحكومة الجديدة في ظل النظام الاستثنائي الذي ما زال الرئيس يراكم فيه سلطاته التشريعية والتنفيذية.
وفي تقرير لمراسلتها في تونس ليليا بليز، نقلت المراسلة عن عالم السياسة يوسف الشريف قوله إن "ملامح الوزراء الجدد مطمئنة من حيث مهاراتهم، ولكنهم غير معروفين لدى عامة الناس وبعيدون عن السياسة"، معظمهم تكنوقراط من الأوساط الأكاديمية أو الإدارة أو من المقربين من قيس سعيّد، مثل منسق حملته السابق توفيق شرف الدين الذي أعيد تعيينه وزيرا للداخلية.
في انتظار خريطة طريق
وأشارت المراسلة إلى أن إعادة تأهيل شرف الدين لهذا المنصب تشير إلى رغبة الرئاسة في مراقبة وزارة معروفة بوظائفها المستقلة، من إرث الدولة البوليسية التي أقيمت في ظل دكتاتورية الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، كما رأت أن إعادة وزير الرياضة السابق كمال دجيش إلى منصبه وتعيين ليلى جفال وزيرة للعدل يشهدان على تأثير الرئاسة في اختيارات نجلاء بودن.
ورغم "بعض الإشارات الإيجابية" كوجود أكثر من 9 وزيرات للمرة الأولى ضمن الحكومة، فإن الأكاديمية الإعلامية العربي شويخة ترى أن الحكومة الجديدة ليست لديها أجندة واضحة، وحسب قولها "لا ينبغي أن يكون هذا التأنيث مجرد تجميل. ما زلنا ننتظر خريطة طريق ومواعيد نهائية لهذه المرحلة الانتقالية".
وفي انتظار ذلك -كما تقول المراسلة- يجب أن تواجه السلطة التنفيذية وضعا اقتصاديا صعبا، في بلد يعاني أزمات سياسية ونقصا في الإصلاح، بخاصة أن البنك المركزي التونسي أعرب في تقريره الأخير الصادر يوم السادس من أكتوبر/تشرين الأول عن "قلقه العميق" من "الوضع الحرج الحالي"، وقال في بيان صحفي إن تدهور المالية العامة وارتفاع أسعار النفط العالمية "من المرجح أن يضرّ باستدامة الدين العام".
المتآمرون
أما الرئيس قيس سعيّد، فلم يتوسع في حالة الطوارئ الاقتصادية بعد إعلان الحكومة، وهاجم في خطابه الأخير الاحتجاجات التي اندلعت في الأسابيع الأخيرة ضد سياساته، واستنكر وجود "المتآمرين" الذين كان هدفهم "مهاجمة" المؤسسات وزعزعة استقرار العلاقات التونسية الفرنسية، من خلال الرغبة في تخريب قمة الفرانكفونية التي كان مقررا أن تنعقد نهاية نوفمبر/تشرين الأول في جنوب البلاد، بخاصة أن تجمعا في شارع بورقيبة رفع شعارات مناهضة لفرنسا مع لائحة اتهام ضد قيس سعيّد.
وخلصت المراسلة إلى أن المناخ السياسي متوتر في تونس، حيث تخرج مسيرات مؤيدة لقيس سعيد ضد الاحتجاجات المناهضة لإجراءاته، وذلك يظهر أن الرئيس ما زال يتمتع بدعم شعبي بارز، وإن كان ضخّمه بذكره رقم "1.8 مليون متظاهر".
ورفع سعيد صورا لمشاهد عنف حدثت في البرلمان التونسي في العامين الماضيين، قائلا إنها من الأسباب التي أدّت إلى الإجراءات التي اتخذها، وهو ما رأت العربي شويخة أنه إشارة "بعيدة عن اللهجة التصالحية والمهدئة المتوقعة بعد إعلان الحكومة، خاصة في مواجهة التحديات التي تعصف بالبلاد".