مع تزايد الغضب الشعبي.. لماذا انتقم نظام السيسي للشرطة بواقعة “سيدة المحكمة“؟

Egyptian President Abdel Fattah el-Sisi attends the funeral of former President Hosni Mubarak east of Cairo
يعتقد مراقبون أن السيسي اختار الانحياز إلى الجيش والشرطة قبل القضاء (رويترز)

وسط تصاعد الغضب الشعبي وضجيج هدم المنازل في مصر -بحماية أفراد وقوات الشرطة- بدعوى مخالفتها قوانين البناء، تفجرت قبل أيام مشادة حادة بين شخصين ينتسبان إلى ركنين من أركان النظام، هما الداخلية والقضاء.

عواقب المشادة العنيفة التي وقعت في مجمع محاكم مصر الجديدة بالقاهرة، بين سيدة بدرجة وكيل عام في هيئة النيابة الإدارية وقائد حرس المجمع الذي يحمل رتبة مقدم، كانت حادة وصارمة، إذ انتهت بإحالة السيدة للمعاش فضلا عن محاكمتها جنائيا.

نتائج الواقعة اعتبرها مراقبون تحدثوا للجزيرة نت أنها رسمت بوضوح ولأول مرة ترتيب هرم السلطة في النظام الحالي، وأن الجيش والشرطة المصرية خطان أحمران، خاصة في ظل تزايد الغضب الشعبي من هدم المنازل وتزايد الحاجة للضرب بيد من حديد ضد مقاومة قرارات الحكومة.

وأكد هؤلاء أنها رسالة من النظام للمواطنين بعدم محاولة مقاومة السلطة التنفيذية من جهة، والحفاظ على هيبة رجل الشرطة في الشارع الذي يتزايد غليانه من جهة أخرى.

 

 

ترتيب هرم السلطة

عضو المكتب السياسي لحزب العمل الإسلامي سابقا عادل الشريف، اعتبر أن الواقعة شكلت فرصة لإعادة تأكيد ترتيب هرم السلطة في مصر، وتكريس هيمنة الشرطة وهيبة رجالها، مضيفا أن ذلك "سمة من سمات الأنظمة العسكرية والبوليسية التي نعيشها الآن".

وأضاف الشريف -الذي عمل أيضا ضابط جيش- أن السيسي يدرك تماما دور الشرطة كأداة انتقامية في مواجهة العصيان أو الغضب أو الغليان الشعبي، ولن يتسامح مع أي إساءة تطال هذه الأداة التي يبطش وينكل بها، حتى لا يتجرأ مواطن على مقاومتها.

واعتبر أن تنامي دعوات النزول لمظاهرات يوم 20 سبتمبر/أيلول الجاري لرحيل السيسي، عجّل من قرار السلطة بالتضحية بوكيلة النيابة الإدارية مقابل الحفاظ على صورة وهيبة رجل الشرطة الذي تحتاجة الآن في الشارع أكثر من أي وقت مضى، إذ تزايد الغضب الشعبي بسبب القرارات المجحفة ضد المواطنين، ومطلوب من الشرطة تنفيذ تلك القرارات.

إعلان

تغليظ قانون العقوبات

ويبدو أن سيدة المحكمة كانت أولى ضحايا تغليظ قانون العقوبات الذي أقرته الحكومة المصرية في أغسطس/آب الماضي، والذي بررته الحكومة بأنه جاء "في ضوء ما تلاحظه في الآونة الأخيرة من أن بعض العقوبات المقررة بشأن التعدي على الموظفين العموميين وإتلاف الأموال العامة، لم تعد كافية، وبما يلزم لتحقيق الردع بنوعيه العام والخاص".

ونص مشروع القانون في بعض فقراته على "أن كل من أهان بالإشارة أو القول أو التهديد موظفا عموميّا أو أحد رجال الضبط أو مُكلفا بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديته الوظيفة، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تُجاوز 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

ويصف رئيس محكمة طنطا السابق المستشار محمد عوض، قرار إحالة وكيلة النيابة الإدارية في واقعة المشادة للتقاعد بأنه "تحامل واضح ضد المتهمة، وغير قانوني، حيث كان ينبغي على مجلس النيابة الإدارية عدم التعجل في إحالتها للمعاش قبل إدانتها بحكم قضائي نهائي في القضية، وكان بمقدور المجلس وقفها عن العمل".

وأكد عوض -وهو المنسق العام لحركة "قضاة من أجل مصر"- أن ما جرى من عجلة شديدة بشأن الواقعة لا علاقة له بإرساء مبادئ العدالة، وإنما يدل دلالة قاطعة على أن هناك محاباة شديدة للشرطة باعتبارها ممثلا للسلطة الحاكمة، وأن أي اعتداء عليها هو اعتداء على السلطة، خاصة في ظل حالة الغليان الشعبي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف عوض أنه "في ظل الحكم العسكري الحالي، فإن الجيش والشرطة يتسيدان المشهد، ويتحكمان في البلد، والانتصار لهما هو شعار المرحلة الحالية، ورسالة واضحة للجميع أنه لا تهاون مع مقاومة أو الاعتداء لفظيا أو بالإشارة ضد أحد أفراد هاتين المؤسستين".

تصاعد الغضب

يأتي ذلك في ظل تصاعد دعوات رواد مواقع التواصل إلى المشاركة في المظاهرات الاحتجاجية المطالبة برحيل السيسي يوم 20 سبتمبر/أيلول الجاري، والتي دعا إليها الممثل مقاول الجيش المنشق محمد علي.

وتصدر وسم "مش عايزينك" مواقع التواصل للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك ردا على تصريحات سابقة للسيسي قال فيها إنه مستعد للرحيل إذا طلب المصريون منه ذلك.

ومساء أمس الاثنين، شهدت منطقة المنيب جنوب القاهرة مظاهرات شعبية ضد الشرطة، احتجاجا على مقتل الشاب "إسلام الأسترالي" الذي يقول أصدقاؤه إنه مات بسبب ضربه من قوات الشرطة، بينما قالت مصادر أمنية إنه قتل نتيجة مشاجرة مع آخرين.

إعلان

واعتبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجات المنيب مؤشرا على تراكم الغضب في الشارع المصري، واستعداده للانفجار في أي لحظة ضد السيسي ونظامه.

المصدر: الجزيرة

إعلان