أسماها جمعة النصر.. محمد علي يدعو للتظاهر في ميدان التحرير

خطاب مبارك والخطوات التي اتخذها لم تقنع المتظاهرين الذين واصلوا اعتصامهم في ميدان التحرير رويترز
ميدان التحرير خلال ثورة يناير/كانون الثاني 2011 (رويترز)

بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دعا الممثل ومقاول الجيش المنشق محمد علي المصريين إلى التظاهر في ميدان التحرير يوم الجمعة القادم تحت شعار "جمعة النصر".

وتفاعل نشطاء مع دعوة محمد علي، ودشن بعضهم وسما بعنوان "جمعة الغضب الثانية"، تصدر مواقع التواصل الاجتماعي.

ومنذ 20 سبتمبر/أيلول الجاري، تتواصل المظاهرات في مصر احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية، وعلى قانون يسمح بإزالة العقارات وهدم المنازل بدعوى مخالفتها لاشتراطات البناء إذا لم يدفع أصحابها غرامات مالية للسلطة، وتطوّرت المظاهرات إلى المطالبة برحيل الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

وبلغت ذروة المظاهرات الجمعة الماضي، حيث خرج مصريون بشكل أكبر بعد صلاة الجمعة ومساء اليوم نفسه، وذلك استجابة لدعوة "جمعة الغضب" التي دشنها نشطاء، وقالوا إنها مجرد بداية سيتبعها المزيد من "أيام الغضب".

 

ومساء أمس الاثنين، بث محمد علي فيديو عبر صفحته الرسمية، يدعو فيه المصريين إلى التظاهر يوم الجمعة القادم في ميدان التحرير، مطلقا عليه اسم "جمعة النصر"، وذلك تيمنا بنفس الاسم الذي أطلقه المصريون على الاحتفالات في ميدان التحرير عقب تنحي الرئيس الراحل حسني مبارك في 11 فبراير/شباط 2011.

وبرر محمد علي دعوته للتظاهر في ميدان التحرير في قلب القاهرة بالأثر الضعيف الذي أحدثته المظاهرات المتوالية في القرى وأطراف القاهرة، مشيرا إلى أن ميدان التحرير هو رمز الثورة المصرية.

ودعا المصريين إلى التوافد على ميدان التحرير بشكل فردي، تجنبا لقوات الشرطة التي تمنع المتظاهرين من دخول الميدان.

وتفاعل رواد مواقع التواصل مع دعوة محمد علي، وتصدّر وسم "جمعة الغضب الثانية" قائمة الأعلى تداولا.

وقدّم مغردون اقتراحات للمتظاهرين للتعامل مع القمع الأمني المتوقع، بينما تحدث آخرون عن ضرورة إرهاق الأجهزة الأمنية من اليوم حتى يوم الجمعة.

وأكد البعض أن المظاهرات الكبرى هي الضغط الحقيقي على النظام، والتي ربما تدفع الجيش المصري للتحرك وإجبار السيسي على الرحيل.

ولفت آخرون إلى أن الرئيس الراحل مبارك لم يتخذ خطوة التنحي إلا تحت وقع المظاهرات الكبرى والتهديد بالزحف نحو القصر الجمهوري، كما أن السيسي استغل حشد الجماهير في 30 يونيو/حزيران 2013 لينقلب على الرئيس الراحل محمد مرسي بزعم الاستجابة للإرادة الشعبية.

وطالب نشطاء الجيشَ والشرطة بترك ميدان التحرير، حتى يستطيع المصريون التعبير عن رأيهم في بقاء السيسي أو رحيله، على غرار ما حدث في 30 يونيو/حزيران.

ورغم تفاعل رواد مواقع التواصل وناشطين مع الدعوة إلى التظاهر في ميدان التحرير، فإن آخرين رفضوها باعتبارها تسرعا في حصد ثمار الحراك الشعبي المتصاعد خلال الأسابيع الماضية.

وقال مغردون إن محمد علي تسرع في دعوته لأنها تضع الحراك الشعبي في خطر المراهنة على النجاح التام أو الفشل، لكن الحقيقة أن الغضب متصاعد وسيبلغ ذروته قريبا دون استعجال.

وأكد البعض أن نظام السيسي ما زال يملك القوة الأمنية التي تمنحه أفضلية في فض المظاهرات داخل الشوارع والميادين الرئيسية، وأن الأجهزة الأمنية تعرضت للإرهاق بسبب التظاهر في القرى والشوارع الصغيرة، وهو ما يجب أن يستمر مدة أطول حتى ينضم المزيد من المصريين إلى المتظاهرين.

وأكدوا أن المكاسب التي حققها المتظاهرون خلال الأيام الماضية وتراجع النظام عن بعض قراراته، ستمنح الصامتين شجاعة إضافية وتدفعهم نحو التحرك الإيجابي.

ورغم أن السلطات المصرية اختارت في البداية إنكار المظاهرات المتواصلة يوميا منذ 20 سبتمبر/أيلول الجاري، ثم تحوّلت لاحقا للاعتراف مع التقليل من شأنها، فإن الواقع يشير إلى أن هذه السلطات نفسها اتخذت إجراءات عديدة تمثل نوعا من التراجع أمام ضغط المتظاهرين، ومحاولة لامتصاص الغضب قبل تفاقمه.

أبرز تلك الإجراءات الحكومية كان السماح جزئيا بعودة البناء، بعد قرار السيسي وقف كل أعمال البناء في مصر لمدة 6 شهور (باستثناء الجهات الحكومية والسياحية)، وتمديد مهلة التصالح في مخالفات البناء، وتخفيض قيمة الغرامة أكثر من مرة، فضلا عن تحمّل حزب السلطة غرامات آلاف المخالفات، علما بأن إقدام السلطة على هدم منازل مواطنين بدعوى مخالفتها لاشتراطات البناء وعدم دفع أصحابها غرامة تحت اسم التصالح، كان من أبرز أسباب اشتعال الموجة الحالية من الغضب.

وانضاف إلى ذلك إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس الأحد استمرار الدعم الحكومي المقرر للعمالة المؤقتة لمدة 3 أشهر أخرى حتى نهاية العام، فضلا عن أنباء عن قرار بعودة تراخيص البناء المتوقفة بأمر السيسي نفسه لمدة 6 أشهر.

ومع تواصل الاحتجاجات الشعبية في مصر، يبدو أن الحراك انتقل من مظاهرات القرى وأطراف القاهرة إلى مطالبات سياسية وتحذيرات من انفجار الأوضاع.

وبعد دعوة حزب الدستور النظام قبل يومين إلى الإنصات لمطالب الشعب، تضامنت حركة الاشتراكيين الثوريين مع المظاهرات وطالبت بالإفراج عن المعتقلين، وهو ما أعلنه أيضا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.

ورصدت منظمة حقوقية اندلاع 164 احتجاجا خلال 8 أيام للمطالبة برحيل السيسي، تم خلالها توقيف مئات المتظاهرين، بينهم أطفال.

وجاء ذلك في تقرير للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني (غير حكومية)، أوضح أن قوات الأمن ألقت القبض على مئات من المتظاهرين، بينهم 68 طفلا تم إخلاء سبيلهم فيما بعد، بينما تم التحقيق مع 150 متظاهرا على الأقل من قبل نيابات أمن الدولة (المعنية بالنظر في قضايا الإرهاب).

وأضاف التقرير أن جميع الموقوفين يتم التحقيق معهم بتهم أساسية، كالانضمام لجماعة إرهابية، وبث ونشر إشاعات وأخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل، وبعضهم أضيفت لهم تهم التمويل والتحريض على التجمهر.

وأوضح أن أسباب اندلاع الاحتجاجات في مصر ترجع إلى غياب المشاركة في صنع القرار، واستمرار تأميم الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، وانسداد الأفق السياسي، وهيمنة أجهزة الدولة على المجالس النيابية، واستمرار حبس الآلاف من سجناء الرأي، وتردي الأوضاع المعيشية.

وطالبت المؤسسة الحقوقية السلطات المصرية باحترام حق التظاهر السلمي، وإخلاء سبيل جميع الموقوفين في أحداث التظاهر، ووقف استخدام القوة المفرطة تجاه المعارضين والمتظاهرين.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي + وكالة الأناضول