واشنطن بوست: هل تدفع تحذيرات بومبيو بغلق السفارة في العراق الكاظمي للانتحار السياسي؟

Iraqi Prime Minister Mustafa al-Kadhimi gestures during a meeting with security leaders, in Basra
الكاظمي وحكومته يتعرضان لضغوط لوقف الهجمات التي تستهدف المصالح الأميركية (رويترز)

ذكرت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حذّر في لقاء خاص المسؤولين العراقيين من أن واشنطن ستغلق سفارتها في بغداد إذا لم تتحرك الحكومة العراقية لوقف هجمات المليشيات المدعومة إيرانيا على المجمع الذي يضم مبنى السفارة.

واعتبرت واشنطن بوست في مقال نشر اليوم أن بومبيو بطلبه هذا وضع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي -الذي اعتبرته "أحد المرشحين المفضلين" لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب- في تحد صعب، وهو الذي يسعى لاحتواء المليشيات الموالية لإيران ولكن "ليس إلى حد الوصول لمستوى الانتحار السياسي".

وأكدت الصحيفة أن بومبيو إذا مضى قدما في تنفيذ تحذيره وأغلقت السفارة لحماية الأميركيين فقد تدعي إيران وحلفاؤها انتصارا دعائيا كبيرا، كما قد يشكل الأمر مقدمة لضربات أميركية مكثفة على المليشيات المدعومة إيرانيا.

وترى واشنطن بوست أن العراق هو المكان الذي يمكن أن تتفجر فيه خلال الأسابيع القليلة المقبلة مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، مما قد يعد "مفاجأة أكتوبر/تشرين الأول" قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتؤكد أن إيران حذرة بشأن استفزاز إدارة ترامب بشكل مباشر خلال موسم الحملة الانتخابية، مفضلة العمل في ساحة المعركة غير المباشرة.

Secretary Of State Pompeo Speaks To Media In Briefing Room At State Department
بومبيو حذر بالتوجه لغلق السفارة الأميركية في العراق حال استمرت الهجمات (الصحافة الفرنسية)

مشهد معقد
وقد جعل بومبيو بتحذيره هذا المشهد أكثر تعقيدا وزاد من احتمال اندلاع مواجهة مفتوحة بين واشنطن وطهران في العراق.

وتحمل أي مواجهة محتملة على العراق -بحسب الصحيفة- مخاطر في كل الاتجاهات، حيث يُرجح أن تقوم إدارة ترامب بهجوم مضاد في حال تسببت هجمات المليشيات المدعومة من إيران في مقتل أميركيين، أما إذا قام رئيس الوزراء العراقي باستهداف المليشيات الشيعية كما يريد بومبيو، فقد ترد إيران بقوة وينهار نظامه السياسي الهش من الداخل.

وتؤكد الصحيفة أن هدف بومبيو هو فقط دفع الكاظمي إلى تبني مقاربة أشد حيال الهجمات، دون وصوله إلى نقطة اللاعودة.

وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية أمس الجمعة "نعتقد أن الكاظمي يريد أن يفعل الشيء الصحيح، لكن سيتعين عليه فعل المزيد وبشكل أسرع.. لن نجلس ونأخذ موقف المتفرج، هناك خطر واضح على حياة الأميركيين إذا استمرت هذه الهجمات".

A U.S. flag flies in front of the Annex I building inside the compound of the U.S. embassy in Baghdad in this December 14, 2011, file photo. The State Department travel alert was based on the same intelligence that prompted it to close 21 U.S. embassies and consulates this Sunday, chiefly those in the Muslim world, a U.S. official told Reuters on condition of anonymity, August 2, 2013. The embassies in the following countries will be closed: Afghanistan, Algeria, Bahrain, Bangladesh, Djibouti, Egypt, Iraq, Jordan, Kuwait, Libya, Mauritania, Oman, Qatar, Saudi Arabia, Sudan, the United Arab Emirates and Yemen.
محيط السفارة الأميركية في بغداد تعرض للعديد من الهجمات الصاروخية (رويترز)

تصاعد الهجمات
وبالرغم من وعود الكاظمي بكبح هذه الهجمات فقد تصاعدت حدتها خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أحصى المحلل المختص في الشأن العراقي جويل وينغ، خلال الشهر الجاري فقط وقوع 25 هجوما على قوافل تحمل إمدادات إلى منشآت أميركية أو لقوات التحالف، أو استهداف للمنطقة الخضراء حيث تقع السفارة الأميركية ومحيط مطار بغداد حيث توجد عناصر أميركية.

وقد بدأت حملة الضغط الحالية التي يقوم بها بومبيو خلال مكالمة هاتفية الأحد الماضي مع الرئيس العراقي برهم صالح، وفقا لموقع "عراقي 24" الإخباري. وذكر الموقع أن الوزير الأميركي حذر من أن "قرار إغلاق السفارة في بغداد جاهز وبيد ترامب.. "، وأوضح أنه إذا انسحبت القوات الأميركية وأغلقت السفارة بهذه الطريقة، فستقوم واشنطن بتصفية كل من ثبت تورطهم في هذه الهجمات".

وفي حديثه أشار بومبيو بالخصوص إلى فصيلين مدعومين من طهران، هما كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق.

وترى الصحيفة أن خطورة إنذار بومبيو على الولايات المتحدة هي بالقدر نفسه الذي ما اتسم به قرارها بغزو العراق عام 2003، لأن إيران في الساحة العراقية "قريبة جغرافيا وتلعب لعبة النفَس الطويل بينما أميركا بعيدة وتريد نتائج فورية".

وتضيف أن العراق تعرض مرارا لقوة الردع العسكري الأميركية التي لا يمكنها إملاء النتائج السياسية، مشيرة إلى أن التهديدات المباشرة التي تظهر للعلن -مثل تهديدات بومبيو الأخيرة- نادرا ما تؤدي إلى تحقيق النتائج المنشودة.

المصدر : واشنطن بوست