على طريقة كمال الشاذلي.. برلمان السيسي لمن يدفع أكثر

blogs البرلمان المصري
مقر البرلمان المصري بالقاهرة (مواقع التواصل الاجتماعي)

بات مقعد مجلس النواب المصري المقبل لمن يدفع أكثر كي يتمتع بصفة "السيد النائب المحترم"، وهو ما دفع مصريين إلى تذكر كمال الشاذلي وزير شؤون مجلسي الشعب والشورى الأمين العام المساعد للحزب الوطني (المنحل) في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك.

الشاذلي كان لسنوات أحد رجال الحزب الوطني المحنكين وأقدم نواب البرلمان منذ عام 1964، وأشد المدافعين عن الحزب الحاكم وسياساته، والأكثر إثارة أنه كان المتحكم في اختيار مرشحي البرلمان، حيث كان الدخول تحت مظلة الحزب الحاكم وقتها يعني أن فرصة النجاح شبه مؤكدة أيا كانت شعبية هذا المرشح في دائرته، حتى وافته المنية أواخر 2010، وذلك قبل أسابيع من اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

ويجري حاليا الاستعداد لانتخابات مجلس النواب على قدم وساق، حيث تُجرى الانتخابات على مرحلتين، الأولى على مدار يومي 24 و25 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فيما تُجرى انتخابات المرحلة الثانية يومي السابع والثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، وتعلن النتائج النهائية للانتخابات في موعد أقصاه 14 ديسمبر/كانون الأول 2020.

وأكدت مصادر إعلامية وصحفية محلية متطابقة أن حزب مستقبل وطن -الظهير السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي والمهيمن على انتخابات البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ- بات يعرض الانضمام إلى قائمته الانتخابية لمن يدفع أكثر.

كما كشفت مصادر حزبية الأمر ذاته، وسط استهجان وغضب كبيرين في صفوف بعض القيادات الحزبية في العديد من الأحزاب التي انضوى بعضها تحت قائمة مستقبل وطن التي يطلق عليها القائمة الوطنية، وبلغت 12 حزبا في الانتخابات البرلمانية المقبلة حتى الآن.

مقعد البرلمان لمن يدفع أكثر

وكشف قيادي في حزب الوفد الليبرالي المحافظ أن "مسألة الانضمام للقائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب أصبحت نوعا من الـ"بيزنس"، أي أن كل مرشح يرغب في الترشح على قائمة كبيرة عليه أن يدفع أموالا لقبول ترشحه".

وفي تصريحات للجزيرة نت أشار القيادي الليبرالي -الذي فضل عدم ذكر اسمه- إلى أن المقعد الذي أراد الترشح عليه في دائرته ذهب لمن دفع أكثر، في إشارة إلى حزب مستقبل وطن الموالي لأجهزة الدولة، لكنه لم يكشف عن الجهات الأخرى المستفيدة من ثمن المقعد غير حزب مستقبل وطن.

وبعد اشتداد الخلاف داخل حزب الوفد قررت الهيئة العليا للحزب في اجتماع السبت الماضي إجراء انتخابات مبكرة على رئاسة الحزب، على أن تكون خلال شهر من تاريخه، كما شدد الاجتماع على التمسك بالقرارات الصادرة خلال اجتماع الخميس الماضي، والتي تتضمن الانسحاب من القائمة الوطنية.

مستقبل وطن يغرد منفردا

واحتدمت بورصة الانضمام إلى قوائم التحالف الحزبية كقائمة التي يقودها حزب مستقبل وطن، أو تمثيل الحزب في المقاعد الفردية، وارتفع سعر الانضمام للقائمة أو تمثيل الحزب إلى ملايين الجنيهات، وفق مراقبين وسياسيين مصريين.

واكتسب حزب مستقبل وطن المحسوب على الأجهزة السيادية ثقلا كبيرا بعد أن اكتسحت قائمته (القائمة المطلقة) نتائج الانتخابات الأخيرة لمجلس الشيوخ، وفاز أغلب مرشحيه على المقاعد الفردية في الانتخابات الأولى والإعادة، ليحصل على 89 مقعدا من بين 100 مقعد للفردي، علما بأن الانتخابات لم تشهد تنافسا يذكر، حيث جرت وفق قانون يضمن التفوق للحزب الذي تؤيده السلطة.

وفي خطوة شابها الكثير من الانتقادات والاتهامات بالعوار الدستوري، وافق البرلمان المصري في وقت سابق على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الجديد.

وينص القانون المثير للجدل على أن يكون عدد أعضاء المجلس 568، بواقع 284 مقعدا تخصص للانتخاب الفردي، و284 مقعدا لنظام القوائم المغلقة المطلقة، مما يعرض القوائم الأخرى للغبن وخسارة مقاعد كان يمكن أن تحصل عليها في نظام القوائم النسبية.

السفير محمد مرسي والدبلوماسي المصري السابق لم يستطع الصمت إزاء ما يجري، فقال في منشور له على صفحته فيسبوك "أحاول جاهدا الالتزام بالصمت تقديرا للظروف الحالية، ولكني أعلن استسلامي وتراجعي عن هذه الفضيلة لمدة دقائق محدودة فقط هي عمر كتابة هذا البوست القصير، وذلك بعدما سمعته وقرأته مؤخرا عن انتخابات مجلس النواب القادمة ومرشحيها".

وتابع "سواء في موطني الأصلي محافظة سوهاج أو في مقر إقامتي محافظة القاهرة، ما زلت أشعر بالدهشة وعدم التصديق بعدما علمت أن بورصة الانضمام للقوائم الحزبية الكبيرة أو الترشيح لتمثيل حزب كبير للمنافسة على المقاعد الفردية قد تجاوزت الـ6 ملايين جنيه يدفعها المرشح الراغب في عضوية المجلس الموقر".

 

نهاية طبيعية

وفي معرض تعليقه على هيمنة حزب مستقبل وطن على الأحزاب السياسية في مصر، من بينها أحزاب ليبرالية قديمة مثل حزب الوفد، اعتبر البرلماني والسياسي المصري الدكتور جمال حشمت أن ما يجري "نهاية طبيعية لكل الأحزاب التي أيدت الحكم العسكري وعاشت تحت مظلته".

وفي حديثه للجزيرة نت، وصف ما يجري بأنه "محاولة لشراء شرعية مزورة بالمال"، مشيرا إلى أن "نظام السيسي يهتم بالشكل عن الجوهر، خاصة تلك التي تمنحهم الهيبة الكاذبة، ولأنهم يفتقدون الشرعية يصنعون مؤسسات نيابية وشعبية على أعين المؤسسات الأمنية".

وأكد أنه "لا سبيل للمستبدين سوى الاختيار الآمن ممن يسيطرون عليهم من المرتشين والفاسدين، فيأتي هؤلاء كنواب عن النظام لا عن الشعب، لأن من اختارهم هو النظام لا الشعب، فيكون هؤلاء منقطعي الصلة إلا ممن جاء بهم، فلا ولاء إلا لهم ولا قيمة للشعب عندهم".

بدوره، ذكر أستاذ الإعلام السياسي ناصر فرغلي على صفحته فيسبوك أن ترشيحات مجلس النواب لا تزال "تستحوذ على اهتمامات الشارع بعدما حملت مفاجآت صادمة"، مشيرا إلى ملاحظة مهمة مفادها "تحديد مبلغ للتبرع كشرط قبل إعلان الأسماء وتسليم الأوراق إلى مندوب الائتلاف بالقاهرة لتقديمها إلى اللجنة".

 

 

المصدر : الجزيرة