نافس زها حديد.. لهذا احتفى العراقيون بالحبوبي أمين بغداد الجديد.. فهل يعيد للمدينة العريقة مجدها؟

التصميم الفائز للمعماري منهل الحبوبي
الحبوبي عرف إعلاميا ولمع نجمه بعد فوزه في مسابقة تصميم مبنى مجلس الوزراء العراقي (مواقع التواصل)

أجرى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أمس الاثنين تغييرات كبيرة في مناصب حكومية رفيعة، أبرزها البنك المركزي ورئاسة هيئة النزاهة وأمانة العاصمة بغداد.

وكان من أبرز هذه التغييرات تعيين المهندس منهل عزيز الحبوبي أمينا للعاصمة بغداد خلفا لذكرى علوش من بين 10 مرشحين للمنصب، وقوبل ذلك بترحيب واسع في الشارع العراقي.

أبعاد فلسفية

والحبوبي من مواليد 1970، وحاصل على شهادة ماجستير في فلسفة العمارة من جامعة بغداد عام 2000، وكانت بداياته في المجال المعماري حيث تولى رئاسة أحد المكاتب الاستشارية.

يحاول المهندس الشاب إضفاء الأبعاد الفلسفية لتنعكس على تصاميمه المعمارية، وفي هذا الشأن يقول "لا أحاول إنشاء نماذج، أنا فقط أقوم بتهيئة الظروف التي قد تسمح للوعي المعماري بالانتقال وإدراكها".

ولمع نجم الحبوبي بعد فوزه في مسابقة تصميم مبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، فتم استدعاؤه لتصميم مبان عدة في العراق.

ولدى المهندس الشاب مكتب للاستشارات الهندسية والمعمارية، وللمكتب فروع في مدينة بغداد ومدينة إسطنبول التركية، ويضم مكتبه عددا من أمهر المهندسين العراقيين والأتراك وغيرهم.

مبنى رئاسة الوزراء

وسبق للحبوبي أن فاز بمسابقة تصميم مبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي والذي يعد أبرز أعماله، متفوقا بذلك على أكثر من 30 معماريا عراقيا وأجنبيا، من ضمنهم المعمارية العراقية العالمية الراحلة زها حديد.

ويقول الحبوبي عن تصميم مشروع مبنى مجلس الوزراء إن الفكرة كانت من رمز الأبدية في حضارة ما بين النهرين قديما وقد نقلها إلى الحاضر، ويرى أن حضارة العراق العظيمة لا يمكن أن تنتهي لأن قدرها هو الأبدية.

واستلهم المهندس الشاب رمز الأبدية من الحضارة السومرية، وحول الرمز إلى تكوين هندسي ثلاثي الأبعاد، ثم أخذ شكلا هندسيا أساسيا (المكعب) ليكون خلفية له، كما اقتطع الشكل من المكعب مكونا فراغا في وسط المبنى، وتظهر طبقات من الكتابة السومرية لتكون الواجهة للمبنى.

قرار جريء

ويرى الصحفي من بغداد أحمد الجنابي أن تعيين المهندس منهل الحبوبي في منصب أمين العاصمة بغداد هو أول تعيين يهتم بالجانب العملي وليس الجانب السياسي.

ويبين الجنابي في حديثه للجزيرة نت أن الحبوبي شخص معماري ودرس في جامعات رصينة وحقق شهادات كثيرة ومشاريع كبيرة، وكان له حضور بارز في كثير من المشاريع.

وأضاف أن قرار الكاظمي بتعيين الحبوبي قرار جريء وجيد، وبعيد عن الاعتبارات الحزبية، وأنه بادرة خير لكثير من المهندسين.

ويشير الصحفي البغدادي إلى أن المهندس الحبوبي لديه فكر واسع وعدم قبول لما وصلت إليه العاصمة بغداد من تراجع وخراب في جميع المستويات خلال الأعوام الماضية.

ويؤكد أن كثيرا من العراقيين -ولا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي- استبشروا خيرا بقرار تعيين الحبوبي، وذلك يعود إلى سمعته التي عرف بها من مهارة واجتهاد وخبرة في المشاريع الهندسية والمعمارية.

ردود فعل العراقيين

وأثار قرار الكاظمي بتعيين المهندس الحبوبي ردود أفعال في الشارع العراقي، وعبر عدد كبير من المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي عن ترحيبهم بالقرار، معتبرين أنه سيمهد لتغيير وتطوير مدينة بغداد التي تشهد تراجعا منذ سنوات، فيما اعترض آخرون على سبب تعيين أمين بغداد من غير أهالي المدينة.

بدوره، قال الإعلامي عامر إبراهيم إن "تكليف المعماري منهل الحبوبي بأمانة بغداد تكريم للاختصاص والتميز، خصوصا أنه الفائز بمسابقة تصميم مبنى مجلس الوزراء"، متسائلا "هل يقود التميز الإبداعي إلى تميز إداري؟".

وأشار إبراهيم في تغريدة على حسابه في تويتر إلى أن "أمانة بغداد مليئة بأتباع الأحزاب الذين أقاموا شبكات معقدة من الفساد تحتاج إلى إدارة صارمة قوية".

 

وكتب الناشط عبد الله خضير "منهل الحبوبي أمين بغداد الجديد، وهو مهندس عراقي من طراز رفيع ينافس بتصاميمه المهندسين الأجانب"، وشارك بعضا من تصاميم المهندس الشاب معلقا "نتمنى أن ترى مثل هذه التصاميم في عاصمتنا الحبيبة بغداد".

من جانبه، كتب الصحفي والباحث أحمد عيد أنه "في مثل هذا اليوم قبل 1234 سنة تولى الخليفة العباسي هارون الرشيد الخلافة في بغداد، فأصبحت منذ ذلك الحين مدينة العلماء وقبلة العلم والأدب، واليوم وفي تلك الذكرى تمت تسمية منهل الحبوبي أمينا لبغداد"، متسائلا "تُرى من سيعيد لبغداد مجدها مع هذه الفوضى وهذا الخراب؟!".

 

وامتدحت المغردة داليا يوسف تعيين الحبوبي أمينا لبغداد، ووصفته بأنه اختيار موفق، متمنية أن تعود بغداد لألقها من جديد.

 

في المقابل، تساءل المغرد أحمد الخضيري "لماذا يعين شخص من غير أهالي بغداد أمينا لها؟ ما هو السر الدفين وراء ذلك؟ هل أهالي بغداد لا يملكون كفاءة؟".

 

وتأتي هذه التغييرات قبل أسبوعين من الذكرى الأولى لاندلاع احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول المطالبة بالإصلاحات ومحاربة الفساد والتي لا تزال مستمرة وسط تحشيد لاستعادة زخمها في ذكرى انطلاقتها مطلع الشهر المقبل.

يذكر أن بغداد تعاني من التدهور الخدمي منذ سنوات، ورغم تولي 6 أمناء المنصب منذ عام 2003 فإنهم لم يتمكنوا من إنهاء أزمة الخدمات المستعصية للبغداديين ولا إظهار الوجه الحضاري للمدينة.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي