دافع عن استثمارات وشركات الجيش.. البرهان يرد على تصريحات حمدوك بانتقادات عنيفة

البرهان تحدث عن حملات منظمة تسعى لتفكيك الجيش ومؤسساته وشركاته الاقتصادية لتفتيت البلاد (الأوروبية-أرشيف)

للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة، يوجه رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان انتقادات عنيفة لحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في أعقاب الصراع على استثمارات وشركات مملوكة للجيش السوداني لكنها خارج ولاية وزارة المالية.

ورغم تأكيد حمدوك في خطابه للسودانيين -بمناسبة مرور عام على أدائه القسم- بدء معالجة الاستثمارات العسكرية باتفاق جميع هياكل السلطة، فإن البرهان رد على هذا الحديث بهجوم صارخ على حكومة حمدوك، مؤكدا بذلك أن البون شاسع بين العسكر والمدنيين الحاكمين.

ولدى مخاطبته قادة القوات المسلحة أمس الأحد، قال البرهان "هناك جهات تعمل على إحداث قطيعة وجفوة بين القوات المسلحة ومكونات الشعب السوداني، وتعليق إخفاقاتها الاقتصادية على شماعة شركات واستثمارات القوات المسلحة من خلال ترويجها لبعض الأكاذيب حول هذه الشركات واستحواذها على مفاصل الاقتصاد".

وواصل البرهان اليوم الاثنين انتقاداته لحكومة حمدوك وهو يخاطب ضباطا في منطقة وادي سيدنا العسكرية "ظللنا نتابع المحاولات الحثيثة من البعض لتشويه سمعة القوات المسلحة وشيطنة الدعم السريع ومحاولة الفتنة بينهما".

وأكد البرهان أن الثورة لم تلب طموحات الشعب ولم يحدث أي تغيير فعلي، بل إن الوضع أصبح أسوأ، كما تحدث عن "حملات منظمة تسعى لتفكيك الجيش ومؤسساته وشركاته الاقتصادية لتفتيت البلاد". ثم كرر القول "الفاشلون يريدون أن يعلقوا إخفاقاتهم على مؤسسات الجيش".

وبحسب مصادر عسكرية تحدثت للجزيرة نت فإن البرهان "يشعر بغضب شديد حيال تصريحات رئيس الوزراء ومن ثم تعمد هذه التصريحات الحادة ليمنع ترويج معلومات كاذبة قال إنها تمس الجيش كمؤسسة".

UN High Commissioner for Refugees Filippo Grandi in Sudan
حمدوك تحدث عن معالجة الاستثمارات العسكرية باتفاق جميع هياكل السلطة (الأناضول)

حدود الأزمة
ويعتبر المحلل السياسي عبد الله رزق تصريحات البرهان "ردا غير مباشر على خطاب حمدوك، فقبل الخطابين كان الشارع يموج بالاحتجاجات التي نظمتها بعض لجان المقاومة"، مشيرا إلى أن هناك أوضاعا متأزمة تكتنف العلاقة بين مكوني السلطة الانتقالية، وبين السلطة وحاضنتها السياسية، وبين الأخيرة ولجان المقاومة.

ويرى رزق في دعوة حمدوك المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لاجتماع عاجل، قبيل ساعات من وصول وزير خارجية أميركا مايك بومبيو، محاولة للخروج من الأزمة خصوصا أنه "معني أيضا بإظهار دعم الولايات المتحدة للسلطة المدنية في السودان، وهي سلطة تتآكل بفعل تمدد المكون العسكري لمجلس السيادة".

أما القيادي في حزب المؤتمر الشعبي عوض بابكر فيؤكد أن هناك "معركة خفية تدور بين المدنيين والعسكريين الحاكمين، وأن خطاب رئيس الوزراء أول أمس عكس قدرا كبيراً من ذلك التنافر".

ويرى بابكر أن حمدوك "ابتدر المعركة وحولها إلى العلن حين تحدث عن قرب أيلولة المؤسسات العسكرية إلى وزارة المالية، كما لامس وترا حساسا لدى العسكريين عندما تحدث عن الاستعداد للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لمثول المطلوبين أمامها بمن فيهم الرئيس عمر البشير الذي قاد المؤسسة العسكرية لسنوات، ولا يمكن لرفقائه الموافقة على تسليمه ليحاكم في الخارج".

وأضاف بابكر "أن المكون العسكري الآن في وضع مريح مقارنة بالمدنيين الذين تتضاعف عليهم ضغوط الشارع الذي انقسم تجاه حمدوك فتدنت شعبيته بشكل ملحوظ، مما دفعه ومؤيديه إلى تعليق الإخفاقات على العسكريين".

كما استبعد إمكانية حدوث انقلاب عسكري، مشيرا إلى أن "الجيش يمتلك حاليا مساحة جيدة للمناورة خاصة أن الحاضنة السياسية للحكومة تواجه انقسامات وخلافات حادة، ومن ثم يبدو البرهان ومجموعته الحاكمة الأقرب للتحرك والسيطرة على الأوضاع وحتى معالجة كل الأزمات الاقتصادية بعد فشل المكون المدني في حلها".

من جانبه يعتبر الكاتب الصحفي محمد حامد جمعة حديث رئيس الوزراء للإذاعة يوم الجمعة الماضي "جزءا من التحضير لتعديل داخلي يطال البنية العامة للفترة الانتقالية"، مرجحا وجود "ترتيب للاستفادة من حمدوك كوجه يمثل التغيير المدني للمجتمع الدولي مع الإطاحة ببعض القوى التي عليها ملاحظات من الخارج مثل البعث والشيوعي".

وبسؤاله عن إمكانية تكرار ما حدث في مصر قبل ٧ سنوات قال عبد الله رزق "إن النموذج المصري لا يمثل حلا للأزمة لأن التاريخ لا يعيد نفسه، ومع ذلك فإن البلاد، بجانب ضغط الأزمة الداخلية، وفشل السلطة القائمة في معالجة قضايا السلام والأمن والمعيشة، تتعرض لضغوط خارجية بفعل الأوضاع المحيطة، وأهمها النزاعات الساخنة في اليمن وليبيا، التي تستقطب أطرافا إقليمية لها صلاتها ومصالحها التي تربطها بالسودان والحل المرتجى غالبا ما يعبر عن توازن المصالح التي تعتمل وتصطرع في السودان ومحيطه".

المصدر : الجزيرة