لوفيغارو: انقلاب مالي باغت فرنسا وستضطر إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها

Mali: Coup leaders pledge 'credible' elections
الانقلاب في مالي أحرج فرنسا (الأناضول)

قالت لوفيغارو Le Figaro الفرنسية إن باريس تنظر بقلق إلى ما يجري في دولة مالي، وإن الخارجية الفرنسية أدانت هذا "الحدث الخطير بأقصى درجات الحزم" رغم أن القوات المسلحة المالية لم تخرج عن حذرها شمال البلاد هذه المرة، كما أفاد مصدر للصحيفة.

وفي أعقاب الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا، حرصت عملية "برخان" التي تقودها القوات الفرنسية في هذا البلد لمحاربة "الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل" على "عدم توقف العمليات". وذكرت بأن القتال مستمر "حتى لا يعتقد الجهاديون بأنهم يستطيعون الاستفادة من حالة عدم الاستقرار السائدة في باماكو، كما حدث عام 2012".

وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة كانت تختمر وتتفاقم باطراد في باماكو منذ أكثر من شهرين، أي منذ ظهور حركة "5 يونيو/حزيران" وقد نبه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس كيتا إلى ذلك قائلا "الديمقراطية والاستقرار" يجب أن يسودا مالي.

وذكرت باتصالات ماكرون مع الرؤساء الأفارقة ودعوته إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، وإضافته مسألة مالي إلى جدول أعمال المجلس الأوروبي الذي انعقد الأربعاء عبر الفيديو، حيث حذر من تأثير هذه الأزمة المزعزع للاستقرار على المنطقة بأسرها، كما دعا إلى "عودة سيادة القانون".

ضربات موجعة

وعلى الجانب العسكري، أكدت هيئة الأركان العامة الفرنسية أن الأمر "يتعلق بالدرجة الأولى بالسياسة والدبلوماسية" مشيرة إلى أن عملية "برخان" لن تنخرط في السياسة الداخلية في مالي، مع التذكير بأنها تراقب الوضع عن كثب.

غير أن الضربات التي يمكن أن تلحق بالفرنسيين هناك -حسب الصحيفة- قد تكون موجعة للغاية، لأن الوجود الفرنسي غير مرضي عنه وقد تم انتقاده مرارا، مع تنامي المشاعر المعادية للفرنسيين التي يغذيها الشك في أن المستعمر السابق يتدخل في شؤون البلاد.

ورغم أن الانقلابيين قالوا إنهم يريدون احترام الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك ما يسمح بمحاربة "الجماعات الإرهابية" فإن هيئة الأركان الفرنسية نفت وجود أي اتصال مع مدبري الانقلاب، وإن كان مصدر دبلوماسي أشار إلى أن باريس تحدثت مع منفذي الانقلاب وفاعلين محليين آخرين لحل الأزمة.

ورأت لوفيغارو أن الانقلاب السياسي في باماكو يمثل نكسة للعملية الفرنسية، وبالتالي تجب إعادة النظر في إستراتيجية باريس بأكملها، لأن النجاحات التي تحققت الأشهر القليلة الماضية معرضة للضياع، بعد أن عبأت فرنسا الدول الأفريقية -ومالي في مقدمتها- من أجل الحرب ضد "الجماعات الإرهابية".

وقالت إن باريس لم تعد تخفي خيبة أملها، حيث يوضح الباحث إيلي تينينباوم المتخصص في منطقة الساحل أن "فرنسا لم تكن راضية عن الاتجاه السياسي المتبع في مالي، وأن كيتا "لم يكن السياسي المأمول، وقد فشل في استعادة سلطة الدولة ومحاربة الفساد".

وضع سياسي مجهول

ويهدد الفشل السياسي في مالي -كما تقول الصحيفة- بإفشال المشاركة العسكرية الدولية، حيث تحاول فرنسا منذ عدة أشهر الحصول على دعم متزايد من شركائها الأوروبيين من خلال إنشاء فرقة عمل "تاكوبا" المكونة من القوات الخاصة الأوروبية، وبالفعل وصلت أول وحدة أستونية في يوليو/تموز الماضي، ومن المتوقع أن تتبعها القوات التشيكية ثم السويدية.

غير أن الوضع السياسي المجهول في باماكو قد يردع أي دعم إضافي، وقد يكون انسحاب محاوري ماكرون أسرع من قبولهم الانخراط في الساحل، والذي أخذ وقتا طويلا، وعليه فإن مستقبل مالي يبدو من دون حل على المدى المتوسط.

وختمت الصحيفة بأن التدخل الفرنسي في مالي، وإن كان احتوى التهديد "الإرهابي" فإنه لم يقض عليه، وبالتالي لا يوجد مخرج من الأزمة المالية حتى الآن.

المصدر : لوفيغارو