التصويت بريديا في الانتخابات الأميركية.. كيف يجري ولماذا يعارضه ترامب؟

ألقى وباء كوفيد- 19 ولا يزال بظلاله على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، إذ يعتزم ملايين الناخبين التصويت باستخدام البريد في الانتخابات الرئاسية القادمة، خوفا من نقل العدوى حال تصويتهم بالطريق التقليدية.
وأصبحت هيئة البريد الأميركية ودورها السياسي في الانتخابات القادمة محور نقاشات ترتبط بجوهر الانتخابات، التي يراها الكثير من الخبراء الأكثر أهمية وإثارة في التاريخ الأميركي.
ويقصد بالتصويت البريدي أن يتاح للناخب التصويت دون أن يغادر منزله، وإكمال بطاقة الاقتراع التي يرسلها للجنة المشرفة على الانتخابات بولايته عن طريق خدمة البريد الفدرالية.
وتقليديا، يهدف التصويت عبر البريد إلى التسهيل على الناخبين لممارسة حقهم الدستوري حتى حال تعرضهم لأزمة صحية تمنعهم من مغادرة بيتهم أو المستشفى، أو في حالة كان الطقس سيئا أو مع ظروف تشهد وباء، أو الانتظار لساعات في طوابير طويلة كما هو الحال مع انتخابات 2020.
فيما يلي عرض لكل ما يرتبط بالتصويت البريدي، وكيف تم تسييسه وما ينتظره حتى إجراء الانتخابات الرئاسية:
ما هي طرق التصويت؟
هناك 4 طرق رئيسية للتصويت:
التصويت الشخصي: وهي الطريقة التقليدية والأوسع انتشارا في كل الانتخابات السابقة، وتتبعها كل الولايات.
التصويت الغيابي: ويسمح فيه للناخبين الذين لا تسمح ظروفهم بالحضور والتصويت في مقر الدائرة الانتخابية التابع لها بالتصويت عن طريق البريد، وينطبق هذا الأسلوب على العسكريين والدبلوماسيين ورجال الأعمال والطلاب ممن هم خارج الولايات المتحدة أو خارج ولاياتهم وقت الانتخابات.
التصويت بالبريد: تسمح بعض الولايات لجميع الناخبين المسجلين بالحصول على بطاقة اقتراع بريدي، وتشترط بعض الولايات وجود سبب أو عذر يمنع الناخب من التوجه شخصيا إلى مركز الاقتراع.
التصويت المبكر: تسمح الكثير من الولايات بالتصويت المبكر الشخصي لناخبيها في مراكز اقتراع تفتح أبوابها قبل أسابيع من موعد الاقتراع المحدد، ويتيح ذلك للكثيرين التصويت بعيدا عن زحام يوم الانتخابات.
كيف يؤثر كورونا على طريقة التصويت؟
في ظل تسجيل المزيد من الحالات فيروس كورونا، وابتعاد العلماء عن التوصيل لعلاج فعال أو مصل، وافقت 46 ولاية حتى الآن على السماح بالتوسع في التصويت عبر البريد بسبب انتشار جائحة فيروس كوفيد-19.
وليس للانتماء الحزبي لحكام الولايات أي دور في قضية السماح باستخدام التصويت البريدي، ومن بين تلك الولايات 24 ولاية يرأسها حاكم ديمقراطي، في حين يرأس 22 ولاية حاكم جمهوري.
لماذا يهاجم ترامب التصويت بالبريد؟
غرد الرئيس دونالد ترامب منذ أسابيع، وقال "التوسع في التصويت البريدي سيكون سيئا للحزب الجمهوري" وهو يدرك أن التصويت بالبريد سيصب في صالح منافسه الديمقراطي جو بايدن.
وتقليديا لا يشارك الفقراء والأقليات بنسب كبيرة في التصويت بالطريقة الشخصية التقليدية مقارنة بنسب تصويت الأغلبية البيضاء المرتفعة.
وتصوت هذه الفئات المهمشة بنسب أكبر للديمقراطيين، وهذا هو جوهر اعتراض ترامب والجمهوريين، إذ إن التصويت البريدي سيوسع أعداد الناخبين من الأقليات والفقراء.
.. وهل هو آمن؟
كشفت دراسة أكاديمية فحصت خلالها سجلات 250 مليون بطاقة اقتراع -خلال العشرين عاما الأخيرة- وجود حالات تزوير في 143 حالة فقط صدرت فيها أحكام قضائية، أي ما نسبته 0.00006% التي تقل كثيرا عن نسبة المخالفات بالاقتراع الشخصي. ويدل ذلك على تمتع التصويت البريدي بتأمين جيد.
هل جرى التصويت بالبريد من قبل؟
نعم، تم ذلك في عدة دورات انتخابية، ومارس ملايين الناخبين الأميركيين حقهم في الاقتراع باستخدام البريد خلال الانتخابات الماضية.
ويقدر خبراء الانتخابات إمكانية أن يصوت 70% من الأميركيين عن طريق البريد في انتخابات المقبلة.
من يتولى التخطيط والإشراف عليه؟
تعد عملية الاقتراع غير مركزية وتدار من قِبل حكومات الولايات بصورة منفردة، بشرط ألا تخرق أي معايير تفرضها الحكومة الفدرالية، وتلعب هيئة البريد دور الناقل حيث توزع بطاقات الاقتراع وتجمعها.
هل لدى هيئة البريد الفدرالية القدرة والموارد؟
يُدير لويس ديجوي الهيئة، وقد تولى مهامه قبل شهرين، ورشحه للمنصب الرئيس ترامب، ويعمل فيها 497 ألف موظف، وتنفق هيئة البريد مليار دولار أسبوعيا على المرتبات والمخصصات الأخرى.
وهناك أكثر من 31 ألف مكتب بريد بمتوسط 614 مكتبا لكل ولاية، إضافة لـ 142 ألف صندوق بريد، بمتوسط 2784 صندوق بريد لكل ولاية.
وحققت الهيئة العام الماضي عوائد مقدارها 71 مليار دولار، مقابل مصروفات بلغت 80 مليارا، وأعلنت وزارة الخزانة منحها قرضا مقداره 10 مليارات للمساعدة في مواجهة الأعباء المالية.
كيف ينظر الشعب للتصويت بالبريد؟
يدعم غالبية الأميركيين فكرة التصويت بالبريد خاصة وسط حالة انتشار الجائحة والمخاوف الصحية المترتبة عليها.
وطبقا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في يونيو/حزيران الماضي، فقد عبر 65% من الأميركيين عن دعم خيار التصويت المبكر أو التصويت الغيابي بالبريد.
ما أكبر التحديات؟
يصر ترامب على أن خطط بعض الولايات -لمواجهة الوباء من خلال إرسال بطاقة اقتراع إلى كل ناخب- هو تمهيد لكارثة، ويلقي بظلال من الشك على نتائج الانتخابات، وربما تأخر إعلان نتائجها.
وحتى الآن، يمكن لما بين 160 و180 مليون ناخب التصويت بالبريد، ويمثل وصول بطاقات الاقتراع مبكرا وإعادتها مبكرا وعدها، في التوقيت المقرر، تحديا كبيرا يضاعف منه احترازات فيروس كورونا، ونقص الموارد وحالة الاستقطاب الحزبي غير المسبوق.
وفي السابق، كشفت تجربة ضخامة التصويت بالبريد في الانتخابات التمهيدية بولاية نيويورك عن عدم إعلان نتائج بعض الدوائر الانتخابية لمقاعد في سباق مجلس النواب، لأسابيع، بسبب عدم الانتهاء من عمليات عد البطاقات البريدية.