وقفات وبيانات وندوات في ذكرى رابعة.. هل أفلست المعارضة المصرية؟

وقفة احتجاجية في باريس خلال الذكرى السابعة لمذبحة رابعة (الجزيرة)

رغم التراجع الكبير لفعاليات المعارضة المصرية في الداخل والخارج، فإن ذلك لم يمنع آخرين من إحياء الذكرى السابعة لمذبحة رابعة، سواء في بعض العواصم العالمية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ففي 14 أغسطس/آب 2013 أقدمت سلطة الانقلاب العسكري، الذي قاده وزير الدفاع آنذاك والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، على فض دموي لاعتصام أقامه أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي تمسكا بشرعيته ورفضا للانقلاب، مما أدى إلى مقتل مئات المعتصمين وإصابة مئات آخرين.

ورأى معارضون تحدثوا إلى الجزيرة نت أن هناك مسارات أخرى يجب إحياؤها بعيدا عن التكرار السنوي للفعاليات ذاتها، ومن بين هذه المسارات التوثيق والتقييم، فضلا عن التحرك القانوني، في حين تحدث آخرون عن إفلاس المعارضة المصرية، ورأى بعضهم أن الحل في الثورة الشاملة.

ووفق رصد مراسل الجزيرة نت، فقد نظم معارضون بالخارج نحو 15 فاعلية لإحياء ذكرى مذبحة رابعة على مدى 4 أيام منذ الأربعاء الماضي.

ففي مدينة إسطنبول التركية، نظم مركز حريات للدراسات السياسية ندوة افتراضية بعنوان "الخلفيات والأهداف السياسية للمجازر.. داخليا وإقليميا ودوليا"، بمشاركة سياسيين وحقوقيين.

في حين نظمت جماعة الإخوان المسلمين وقفة احتجاجية وسط إسطنبول، ونظم المجلس الثوري المصري مؤتمرا افتراضيا بمشاركة عدد من الرموز السياسية المصرية.

 

 

وفي مدينة نيويورك الأميركية، نظم الائتلاف المصري الأميركي لحقوق الإنسان مسيرة بالسيارات جابت أرجاء المدينة، تبعتها وقفة احتجاجية بمشاركة قيادات مصرية. كما تظاهر العشرات أمام مقر القنصلية المصرية بمدينة سيدني الأسترالية.

وكان لأوروبا نصيب الأسد من الفعاليات هذا العام، رغم الإجراءات المفروضة جراء تفشي وباء كورونا.

ففي هولندا نظمت مؤسسة تضامن وقفة في مدينة أمستردام، ووقفة أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي، بينما شارك العشرات من المصريين في الوقفة التي دعا لها ائتلاف الدفاع عن الديمقراطية في مدينة باريس.

ونظم الائتلاف المصري الألماني لدعم الديمقراطية مسيرة بالسيارات في قلب العاصمة الألمانية، كما احتشد العشرات في وقفة صامتة إحياء لذكرى مذبحة رابعة العدوية.

ونظم اتحاد المصريين في البوسنة مسيرة بالسيارات في قلب العاصمة سراييفو، كما دعت تنسيقية الجالية المصرية في النمسا لمظاهرة في أحد ميادين العاصمة، مشاركة منهم في إحياء الذكرى السابعة للمذبحة.

ونظم الاتحاد المصري الديمقراطي في إيطاليا وقفة بساحة الدومو في مدينة ميلانو، وختم المجلس الثوري المصري الفعاليات بمظاهرة في العاصمة البريطانية لندن، بمشاركة رموز سياسية مصرية ودولية.

 

ماذا بعد؟

فعاليات ووقفات ومسيرات وندوات سعى جميع المشاركون فيها إلى التأكيد على أن "مذبحة رابعة العدوية لا يمكن أن تمر دون معاقبة وملاحقة مرتكبيها"، لكن هل تملك المعارضة المصرية خيارات أخرى؟

من جهتها، تؤكد رئيسة المجلس الثوري المصري مها عزام أن مذبحة رابعة ليست ذكرى فقط، وإنما هي حجر أساس تبنى عليها المقاومة لحكم العسكر وكسر حاجز الخوف، وأن هذه الفعاليات تعلن للمجتمع الدولي عن رفض الشعب المصري للخنوع لمجازر وحكم العسكر، كما تذكره بجرائم النظام المستمرة من القتل والتعذيب وسجن المعارضين سياسيا.

وفي حديثها للجزيرة نت، شددت مها على أن أهم ما يجب على المعارضة فعله في هذه المرحلة هو التوثيق الدقيق وجمع الأدلة عن كل من أمر ودبر ونفذ الجرائم في رابعة وغيرها، قائلة "سيأتي يوم ويسقط النظام" ضاربة المثال بمتابعة النازيين طوال الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، ومعاقبتهم.

مسارات بديلة

في حين شدد منسق الائتلاف العالمي للمصريين بالخارج مصطفى إبراهيم على أن رابعة تعد مجزرة لا تسقط بالتقادم، ولا بد من ملاحقة مرتكبيها رغم غياب منظومة العدالة الدولية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار إبراهيم إلى أن إفلات مرتكبي مذبحة رابعة من العقاب والصمت الذي يعم الدوائر الدولية كانا الذريعة في استمرار الانتهاكات التي يرتكبها النظام في مصر.

ورأى أن الملاحقة يجب أن تشمل مسارات مختلفة، أولها التوثيق العلمي المحكم لكافة الانتهاكات التي تمت، وتعد كخطوة أولى يبنى عليها، يليها كخطوة ثانية محاولة إيجاد مؤيدين للملاحقة الدولية لمرتكبي مجزرة رابعة في المنظمات الدولية.

وعن المسار الثالث الذي يجب أن تتحرك فيه منظمات المجتمع المدني، تحدث إبراهيم عن "البحث عن كل ثغرة قانونية أو حقوقية لمحاولة الدفع بهذه القضية مرة أخرى، والبحث عن مسارات بديلة".

وأكد أنه لا يمكن للمعارضة السياسية المصرية أن تقوم بعمل مؤثر قبل أن تجد أرضية تمكنها من استثمار كل الإمكانيات الموجودة لديها، رغم قلتها في ظل التحديات التي تواجهها، مع عدم وجود رغبة دولية حقيقية في تغيير نظام السيسي.

إفلاس المعارضة

في المقابل طالبت المتحدثة باسم حركة نساء ضد الانقلاب أسماء شكر أطراف المعارضة المصرية بتقييم أنفسهم وماذا قدموا خلال السبع سنوات الماضية.

وفي حديثها للجزيرة نت، أشارت شكر إلى أن المعارضة تدفع ثمن عدم استكمالها أهداف ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، مضيفة أن "أنصاف الثورات لا تأتي إلا بنتائج كارثية، وهذا ما نشهده بالفعل".

ودعت المعارضة إلى عدم الاكتفاء بالوقفات والتنديد الإعلامي لمذبحة رابعة وكل مذابح العسكر، دون التحرك بشكل أوسع في الفترة المقبلة لملاحقة مرتكبيها.

وأضافت "الوقفات والمشاركات للتنديد بالخارج شيء هام ولا بد منه، ولكن يبقى السؤال: هل أفلست المعارضة بالخارج للاكتفاء بهذه الوقفات لمواجهة هذا النظام المجرم؟".

وتابعت "على الثوار والجماعات والكيانات التي تسعى لحل الأزمة المصرية أن تضع في الاعتبار أن سرعة تحركها وتكثيف وتوحيد الجهود واجب وطني عليهم، وعلى الجميع أن يدرك خطورة عامل الوقت في ضياع الحقوق وتأخير العدالة".

الحل في الثورة

من ناحيته، قال شكري عبد الوهاب رئيس مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين- جبهة المكتب العام "نحن نؤمن تماما أنه لا قصاص لشهداء الثورة منذ يناير 2011 حتى الآن إلا على يد محاكمات ثورية مصرية خالصة".

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف عبد الوهاب "نحن لا نعول على المجتمع الدولي الذي لم ينصر مظلوما من قبل، وبالقطع لا نعول على عدالة في ظل الحكم العسكري الاستبدادي، ولكننا نؤمن أن الثورة هي السبيل الوحيد لاستعادة حرية الوطن والقصاص للشهداء".

وتابع "الذكرى ليست لنا وإنما لإحياء ضمير العالم الصامت على المذبحة لحساباته"، مضيفا "إذا كانت رابعة هي ميدان معركة الحرية، فالمعركة الآن وسعها المكان والزمان، وتحتاج منا نفوس الأحرار الذين يؤمنون بالحق في الحرية، فقد مضى عهد المظلومية والاستضعاف، وإذا سألت ما العدة نقول نفسية الرواد وفكر الأحرار، فالعبيد لا ينتصرون".

المصدر : الجزيرة