عراب الاتفاق ومصير مشترك.. لهذه الأسباب سارع السيسي لتهنئة الإمارات وإسرائيل

السيسي يزور بن زايد
عبد الفتاح السيسي (يسار) خلال زيارته لمحمد بن زايد (مواقع التواصل الاجتماعي)

التطبيع مع إسرائيل لم يكشف جديدا، ولكن الإعلان عن اتفاق سلام مرتقب بين الإمارات وإسرائيل برعاية أميركية ومسارعة البعض لمباركة الاتفاق، وفي مقدمتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يكشفا ما هو أبعد من ذلك بكثير، وفق مراقبين ومحللين.

وعقب الإعلان مباشرة، رحب السيسي بالاتفاق، وقال "تابعت باهتمام وتقدير بالغ البيان المشترك الثلاثي بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية الشقيقة وإسرائيل حول الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية واتخاذ خطوات من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط".

كما أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن السيسي أجرى مساء أمس اتصالا هاتفيا بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، معربا عن التهنئة لما وصفها بـ"خطوة السلام التاريخية التي قامت بها دولة الإمارات والتي من شأنها أن تدفع جهود عملية السلام وتفتح آفاق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".

من جانبه أعرب محمد بن زايد عن خالص امتنان دولة الإمارات حكومة وشعبا لهذه اللفتة من السيسي، وللدعم المصري المتواصل لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

 

بدوره شكر رئيس الورزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس السيسي على دعم ما وصفها بـ"اتفاقية السلام التاريخية بين إسرائيل والإمارات التي توسع دائرة السلام وتعود بالفائدة على المنطقة بأسرها".

إعلان

مصائر مشتركة

في تصوره، يرى المحامي والخبير بالقانون الدولي محمود رفعت أن مسارعة السيسي لمباركة الاتفاق تدل على اشتراكهم جميعا في مسار واحد، وارتباطهم بتحقيق مصالح إسرائيل، وعداوتهم لمشروع الثورات العربية التحررية.

وفي تصريحات للجزيرة نت، أكد رفعت أن مثلث مصر والإمارات والسعودية يُكرس كل طاقاته وجهوده من أجل خدمة إسرائيل دون النظر إلى مواقف شعوبهم، بل يعرضون مصالح تلك الشعوب للخطر، ويغامرون بتفجير بحور الدم في اليمن وليبيا وسوريا وكالة عن إسرائيل.

واعتبر أن الاتفاق الذي أيده السيسي يعارض قرارات جامعة الدول العربية، ولكنه وصف الجامعة بأنها كيان عدمي منذ سنوات طويلة، ولا دور لها إلا في ملفات معينة وليس فيما أُنشئ له هذا الكيان، كما في مآسي اليمن وسوريا وليبيا.

ويتعارض الاتفاق الإماراتي مع مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية في مارس/آذار 2002، وتبنتها جامعة الدول العربية في دورتها الرابعة عشرة.

وتشترط المبادرة العربية قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وتكون عاصمتها القدس الشرقية، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، من أجل الدخول في اتفاقية سلام بين الدول العربية وإسرائيل، مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.

السيسي عراب الاتفاق

السرعة التي بادر السيسي بها لمباركة الاتفاق وصفها عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري سابقا محمد عماد صابر بأنها لحظة تكليل لجهوده في هذا الصدد، قائلا "السيسي من الأدوات النافذة لهذا المشروع، تُحركه التبعية الصهيونية والكفالة الخليجية، فالرجل ليس صاحب قرار، وهذا ما نسميه شرعية التفريط".

إعلان

وعن حجم الاستفادة التي قد يجنيها السيسي، أوضح صابر أنه لا شك مستفيد بالدعم المالي والسياسي والتواطؤ الدولي لإبقائه في السلطة، رغم فشله وفساده وجرائمه في قتل المصريين في سيناء وداخل السجون، وتوريط مصر في مستنقع الديون.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال صابر إن ما تم إعلانه ليس جديدا لكنه يكشف ما كان معمولا به بالفعل منذ ثورات الربيع العربي وما بعدها من تكوين "المربع الصهيوني الخليجي العربي"، الراعي الرسمي للثورات المضادة لإجهاض ثورات الشعوب، حفاظا على أمن ووجود وحدود إسرائيل.

وأكد أن الاتفاق أكبر من تطبيع، مشيرا إلى أنه اتفاق شامل في السياسة والاقتصاد والثقافة ومجالات أخرى غير معلنة، على غرار الملاحق السرية لمعاهدة كامب ديفيد التي أبرمها الرئيس المصري الراحل أنور السادات منفردا بعيدا عن مؤسسات الدولة والشعب.

حلف الثورة المضادة

وفي تقديره، يرى أستاذ العلوم السياسية رئيس أكاديمية العلاقات الدولية عصام عبد الشافي أن مسارعة نظام السيسي إلى تأييد ودعم الاتفاق يؤكد أنه كان جزءا من الوصول لاتفاق، وما مسارعته للتأييد والترحيب إلا تأكيد على بنية وأركان حلف الثورة المضادة الذي ترسخ بعد انقلاب 2013.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول عبد الشافي إن التطبيع بين الإمارات وإسرائيل هو فقط تأكيد المؤكد، فالعلاقات بين النظامين لم تتوقف منذ الثورات الشعبية التي شهدتها الدول العربية، مضيفا أن "إسرائيل وجدت في الإمارات الأداة المناسبة لها لضرب كل القوى الثورية والتيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية في المنطقة".

إعلان

وأكد عبد الشافي أنه من العبث الحديث عن اتفاق سلام بين الكيانين، لأن هذه الاتفاقات تكون بين الدول المتحاربة، كما أنه من العبث كذلك القول بأن هذا الاتفاق من أجل الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ووقف خطة الضم الصهيونية، لأن هذا الاتفاق من شأنه ترسيخ وجود الكيان الصهيوني، وليس حماية الحقوق الفلسطينية.


إعلان