بين الإقرار والاستغراب.. العراق من الدول الأقل أمنا في العالم

بغداد مدينة السلام، شعار في أحد شوارع بغداد (الجزيرة نت)

عادل فاخر – بغداد

رغم الأمان النسبي، وغياب الانفجارات في السنوات الأخيرة إلى حد ما، فإن العراق ما زال يصنّف من الدول الأقل أمنا في العالم.

وتباينت المواقف إزاء تصنيف وضعه معهد الفكر الدولي للاقتصاد والسلام (IEP) عن أقل الدول سلمية لعام 2020 -والذي اعتبر العراق ثالثا في أقل الدول أمنا- بين من عده تهويلا، وبين من عزاه إلى واقع مضطرب.

وأثير الخلاف حول حلول العراق في المرتبة 161 من أصل 163 دولة مدرجة، في حين جاءت سوريا بعد العراق بالمرتبة 162 وتذيلت أفغانستان القائمة بالترتيب 163.

وأوضح التصنيف، أنه اعتمد في تقييمه للدول على أساس 23 مؤشرا تم تجميعها في ثلاثة معايير هي (الأمان والأمن المجتمعيان، ومدى الصراع المحلي والدولي المستمر، ودرجة العسكرة)، موضحا أن هناك تحسنا لـ 81 دولة في حين سجلت 80 أخرى تراجعا.

العبيدي: مستلزمات الأمن تحتاج إلى إعادة هيبة الدولة وسيادة القانون (مواقع التواصل)

الحاجة لقرارات حاسمة
عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب خالد العبيدي يرى أن مستلزمات الأمن تحتاج إلى إعادة هيبة الدولة وسيادة القانون على الجميع، وهذه أيضا تتطلب إجراءات وخطوات عملية ليكون العراق في مراتب متقدمة بالتصنيفات الدولية.

إعلان

وقال العبيدي (وهو وزير دفاع سابق) للجزيرة نت، إن الإجراءات اللازمة تحتاج إلى خطوات مهمة وقرارات حاسمة لتنعكس على الواقع الأمني والاقتصادي، وعلى جميع مفاصل الدولة وفي مقدمتها الأمن والسلم.

السياسي العراقي المستقل الدكتور أحمد الأبيض
الأبيض اعتبر أن العملية السياسية بالعراق المبنية على أساس طائفي تلعب دورا مهما في تردي الأمن (الجزيرة)

من جهته، اعتبر المحلل السياسي أحمد الأبيض أن تصنيف العراق بمراتب متدنية أمنيا يعود بالدرجة الأساس إلى العملية السياسية التي بنيت على أساس طائفي وعرقي، والأحزاب السياسية التي تبنت هذه العملية في مراحلها الأولى، وعمدت إلى عسكرة المجتمع وشحنه طائفيا.

ويرى الأبيض في حديث للجزيرة نت، أن عسكرة المجتمع أضعفت مؤسسات الدولة ومنها الأمنية التي بنيت على أسس ورؤى ضيقة، وأشار إلى أنه وبعد خروج معظم القوات الأميركية من العراق في 2011 بموجب اتفاقية أمنية مع بغداد تمكنت دول إقليمية من الهيمنة على البلاد، وجيرت كل إمكانيات العراق لصالح مشاريع هذه الدول.

ولفت إلى أن تحمس المجتمع العراقي في البداية للغزو الأميركي للعراق لتخليصه من النظام القائم حينها، وفقدان الأميركان لأي رؤية سياسية بديلة، أدى إلى أن يكون البديل متعثرا، فضلا عن ذلك فإن هيمنة المؤسسة الدينية انعكست على مسارات العملية السياسية، معتبرا أن هذه كلها عوامل لعدم الاستقرار، ما أدى بالتالي إلى "ظهور الإرهاب والجماعات المسلحة".

استدامة الأمن
الخبير الأمني طارق العسل يرى أن الأمن في العراق غير مستدام، خاصة أن الأمن خط من خطوط الدولة مثله مثل الاقتصاد والتعليم والصناعة والزراعة، "وكل هذه الخطوط شبه معطلة أو تدار بعقلية متخلفة".

وقال العسل للجزيرة نت، إن استتباب الأمن في العراق يكمن في إشراك سكان مناطق حزام بغداد على سبيل المثال في بسط الأمن من خلال تطويع أبنائهم في تشكيلات الشرطة، عبر تشكيل أفواج محلية مصغرة، فضلا عن عودة الضباط في هذه المناطق ممن شملتهم إجراءات الاجتثاث لمن كانوا محسوبين على النظام السابق.

إعلان

كما طالب العسل لتثبيت الأمن، بإصدار عفو عام منصف للمعتقلين والمحتجزين، وتعويض المتضررين من العمليات العسكرية في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك، بالإضافة إلى تحقيق مصالحة مجتمعية حقيقية وغلق مخيمات النازحين.

تصنيف مستغرب
من جهته، أبدى المحلل السياسي إبراهيم السراج استغرابه من التصنيف مشككا بالمعايير التي اعتمدها المعهد، منوها بوجود مساحات كبيرة من العراق تنعم بالأمن والسلام، وأن الموضوع ليس مقلقا للعراق.

وأكد السراج للجزيرة نت، أن "الكثير من دول العالم ودول المنطقة تعاني من مشاكل أمنية مختلفة، ومن جرائم إرهابية وجنائية وعسكرة، ومن النادر أن يسلم بلد بالعالم من الإرهاب".

واستدرك بالقول إن هناك ضرورة لأن تتبع الحكومة العراقية خطوات لتحقيق الأمن في مناطق معينة تعتبر رخوة أمنيا وتحتاج إلى خطط سواء عسكرية أو اجتماعية لتحقيق الأمن، وبالتالي خروج العراق من هذه التصنيفات، كما أن على وزارة العدل أن تعيد النظر بتشديد العقوبات على مرتكبي الجرائم الكبرى، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار المنشودين.

المواطن عبد الرحمن الربيعي اعتبر أن معظم المدن العراقية تتمتع حاليا بالأمن رغم غياب البناء والإعمار (الجزيرة نت)

حصر السلاح
المواطن آراس كريم (35 عاما)، يرى أن حصر السلاح بيد الدولة أولى الخطوات لخروج العراق من أزماته الأمنية، مع تشديد العقوبات لمن يخالف، وأن تتولى القوات الأمنية بسط الأمن في عموم المدن، وحينها سيكون العراق في مقدمة الدول الآمنة بالمنطقة على الأقل.

أما المواطن عبد الرحمن الربيعي (29 عاما)، فقال إن المعاهد -وبينها معهد الفكر الدولي للاقتصاد والسلام وكذلك العديد من المنظمات الدولية المهتمة بشؤون الأمن والسلم- تعتمد على تقارير إعلامية، قد تكون فيها مجافة للحقيقة.

وأكد الربيعي تمتع معظم المدن العراقية بالأمن رغم غياب البناء والإعمار، مشيرا إلى تحسن كبير في الوضع الأمني حاليا مقارنة بالسابق عندما كانت تعزل المناطق وتنفجر السيارات المفخخة والعبوات الناسفة في الأسواق والتجمعات الشعبية، مشيرا إلى أن هذه التصنيفات قد تؤثر على الاقتصاد وتنفر المستثمرين.

إعلان

وبحسب التصنيف الذي أعده المعهد فإن آيسلندا جاءت بالمرتبة الأولى كأكثر الدول أمنا تلتها نيوزيلندا، ومن ثم البرتغال، وجاءت النمسا بالمرتبة الرابعة، واحتلت قطر المرتبة الأولى عربيا و27 عالميا.

المصدر : الجزيرة

إعلان