لبنان.. هكذا أثرت الأزمة الاقتصادية على السجون والحكومة تنفي
ببطء يمر الزمن على سليم خلف قضبان السجن يعّد الأيام التي تفصله عن انتهاء فترة محكوميته. يؤكد المحكوم المدان بقضايا جنائية أن أوضاع السجناء مزرية هذه الأيام، بل إنها الأسوأ منذ سنوات بسبب النقص في الحصص الغذائية المخصصة للسجناء.
شهادة سليم (اسم مستعار) تسلط الضوء على تداعيات الأزمة المالية الاقتصادية والتي وصلت إلى السجون لتشكل معضلة جديدة تضاف إلى المشكلات الأخرى التي تعانيها لناحية الاكتظاظ وتردي الخدمات.
ويستقبل سجن رومية شرقي بيروت ما يقارب 4500 معتقل من أصل حوالي عشرة آلاف تضمهم السجون التابعة لقوى الأمن الداخلي.
غياب اللحوم
ومن سجن رومية يشير سليم إلى أن مشكلة كمية ونوعية طعام السجناء بدأت مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أنه وبعدما كانوا يحصلون على وجبات الدجاج مرتين في الأسبوع تراجعت هذه النسبة إلى مرة كل ستة أسابيع، مؤكدا أن لا وجود للحوم في الطعام منذ أشهر.
وأوضح أنه بسبب عدم السماح لذوي السجناء بإدخال الأطعمة بعد انتشار فيروس كورونا أصبح هؤلاء ملزمين بشراء حاجياتهم من دكان السجن الذي رفع أسعاره بشكل كبير.
وذكر سليم أن بعض المحسنين قدموا حصصا غذائية للسجناء مؤخرا، طالبا من منظمات حقوق الانسان التحرك والعمل لمساعدة السجناء في لبنان.
إجراءات جديدة
ويوضح محمد صبلوح مقرر لجنة السجون في نقابة المحامين بطرابلس أن معظم السجناء كانوا يتلقون طعاما من ذويهم سابقا، لكن إجراءات جديدة اعتمدتها إدارة السجون منعت بموجبها إدخال المأكولات تفاديا لانتشار فيروس كورونا، وتجنبا لتهريب ممنوعات مما أدى إلى اعتماد النزلاء على أكل السجن حصرا.
وأضاف للجزيرة نت أن السجناء وذويهم أصبحوا عاجزين عن شراء احتياجاتهم من دكان السجن بسبب ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أنه جرى التواصل مع المعنيين دون جدوى. وأكد أن الحل لمشكلة السجون في لبنان يكمن في إصدار قانون عفو عام شامل.
بالمقابل نفى وزير الداخلية محمد فهمي الحديث عن نقص الطعام داخل السجون، ولفت إلى أنه تم طلب حصص غذائية مدعومة من الدولة للسجناء، مؤكدا أن هذه الميزة غير متوفرة لعناصر قوى الأمن الداخلي المناط بها حماية السجون.
وشدد في حديث تلفزيوني على أن معاملة السجناء تتم بشكل أفضل من معاملة عناصر الأمن، مشيرا في الوقت ذاته إلى خلو السجون من فيروس كورونا رغم أن نسبة الاكتظاظ تصل إلى قرابة 260% كما قال.
مطالبات بعفو عام
ومن جهته أوضح مصدر أمني أن ما ذُكر عن نقص في طعام السجناء مبالغ به، وهو يندرج ضمن إطار تخفيض بعض النفقات. ولفت في هذا السياق إلى أن الجيش أوقف استخدام اللحوم في طعام العسكريين واستعاض عنها بالدجاج.
وقد شهدت السجون مرات عديدة تحركات احتجاجية للنزلاء طالبوا فيها بتحسين الخدمات والإسراع في إجراء المحاكمات وإصدار عفو عام، كما نفذ ذووهم تحركات شعبية للغاية عينها.
ويقول الأب نجيب بعقليني رئيس جمعية "عدل ورحمة" -التي تعنى بأوضاع المساجين وعائلاتهم- إن حالة العجز التي تعاني منها الدولة نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية انعكست سلبا على السجون وأسلوب معيشة السجناء.
وأضاف للجزيرة نت أن جمعيته تلقت مراجعات من السجناء يشكون فيها نقص اللحوم في الطعام داخل سجن رومية، وأشار الى أن السجناء عبّروا عن امتعاضهم مما وصلت اليه الأمور. وتوجه بعقليني بنداء الى المقتدرين بضرورة الاهتمام بالسجناء من منطلق إنساني مع أهمية تأمين احتياجاتهم الأساسية للمحافظة على كرامتهم بحسب تعبيره.
هذا ولم تتمكن القوى السياسية حتى اليوم من التوصل إلى اتفاق على إقرار قانون للعفو العام بسبب الخلافات حول الفئات التي يشملها.